> بيروت «الأيام» نايلة رزوق :

يدخل لبنان اليوم الإثنين اسبوعا حاسما في ما يتعلق بانتخاب رئيس جديد للجمهورية خلفا للرئيس اميل لحود الذي تنتهي ولايته في 24 تشرين الثاني/نوفمبر، في ظل استمرار الخلافات بين الاكثرية والمعارضة حول المرشحين وآلية الانتخاب.

وفي حين يتوالى وصول المسؤولين الاجانب الى بيروت لتشجيع التوصل الى اتفاق بين الغالبية النيابية المناهضة لسوريا والمعارضة التي تحظى بدعم دمشق، يخشى الكثيرون ان لا يتوصل الطرفان الى انتخاب رئيس جديد للجمهورية الاربعاء موعد جلسة مجلس النواب المخصصة لهذا الانتخاب.

وقد اعلن وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير مساء أمس الأحد انه "اقل ثقة" بامكانية التوصل الى اتفاق حول الانتخابات الرئاسية في لبنان، وذلك قبيل وصوله الى بيروت لمواصلة اتصالاته مع القادة اللبنانيين.

وقال كوشنير في حديث صحافي ادلى به في الطائرة التي نقلته من القدس الى بيروت "هناك وضع جديد وانا اقل ثقة حاليا"، مضيفا "الوضع بات اكثر تعقيدا".

وتطرق الوزير الفرنسي الى "الشقاق داخل الصف المسيحي" في اشارة الى المسيحيين اللبنانيين المنقسمين بين اكثرية ومعارضة.

وكان دبلوماسي فرنسي يرافق كوشنير اعلن من القدس ان زيارة الوزير الفرنسي الى بيروت "تندرج في اطار الجهود التي يبذلها للتوصل الى توافق بين المسؤولين السياسيين اللبنانيين لانتخاب رئيس يتمتع بتأييد واسع".

وكان ارتفع في الايام الاخيرة منسوب التفاؤل الى حد ما اثر الحركة الدبلوماسية المكثفة التي شهدها لبنان والتي اثمرت لائحة باسماء مرشحين رئاسيين وضعها البطريرك الماروني نصرالله صفير. غير ان محللين يحذرون من الافراط في التفاؤل.

والتقى رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس تيار المستقبل النائب سعد الحريري ليل السبت الاحد، وبحثا في اسماء المرشحين، بحسب ما افادت مصادر الطرفين.

وذكر بيان صادر عن المكتب الاعلامي للنائب الحريري ان اللقاء تناول "الاستحقاق الرئاسي في ضوء اللائحة التي تسلماها من البطريرك الماروني في اطار المبادرة الفرنسية المدعومة عربيا ودوليا".

واضاف ان "اجواء البحث كانت ايجابية وساهمت في تعزيز فرص التوافق على الرئاسة"، وان الرجلين اتفقا "على ابقاء مشاوراتهما مفتوحة حتى الوصول الى انتخاب رئيس توافقي للبلاد بين الاسماء الواردة في اللائحة التي تقدم بها البطريرك صفير وضمن المهلة التي نص عليها الدستور".

وحددت جلسة لانتخاب الرئيس في 21 تشرين الثاني/نوفمبر. انما الخلافات عميقة،رغم التصريحات المتفائلة، الى درجة يستبعد البعض معها التوصل الى التوافق المنشود.

وقال رئيس المركز اللبناني للدراسات السياسية اسامة صفا لوكالة فرانس برس "نحتاج الى معجزة لان هناك بعدا هائلا بين القادة السياسيين. ومن الصعب ان نتخيل ان في امكانهم الاتفاق على اي شيء".

واضاف "حتى لو تمكنا من انتخاب رئيس جديد، سيستمر الشلل لانه سيبقى علينا ايجاد مخرج لتشكيلة الحكومة الجديدة".. وتم قبل الآن ارجاء الانتخابات الرئاسية مرتين.

وتكثفت الحركة الدبلوماسية في لبنان خلال الايام الاخيرة، وزار بيروت على التوالي وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير والامين العام للامم المتحدة بان كي مون ووزير الخارجية الايطالي ماسيمو داليما الذي اعلن انه عائد الاسبوع المقبل مع نظيريه الفرنسي والاسباني ميغيل انخيل موراتينوس. وكان الوزراء الثلاثة زاروا لبنان الشهر الماضي في اطار المساعي لايجاد حل لازمة انتخابات الرئاسة.

وقضت المبادرة الفرنسية بان يضع البطريرك الماروني الذي ينتمي رئيس الجمهورية الى طائفته لائحة باسماء المرشحين تحال الى بري والحريري المكلفين من المعارضة والاكثرية باختيار اسم او اكثر تطرح على مجلس النواب لينتخب منها رئيسا قبل انتهاء المهلة الدستورية في 24 تشرين الثاني/نوفمبر.

وفيما لم يكشف اي من الاطراف المعنية عن مضمون اللائحة، تتواصل التكهنات حول الاسماء. وتجمع كلها على انها تضم اسماء النائب ميشال عون (معارضة) ومرشحي قوى 14 آذار التي تمثلها الاكثرية، النائب بطرس حرب والنائب السابق نسيب لحود. بينما لم يتمكن احد من الحسم بالنسبة الى اسماء الشخصيات الاخرى وغالبيتها من التكنوقراط.

وقال صفا ان عدم الاستقرار سيستمر في لبنان مع استمرار التوتر الاقليمي. واضاف "بالتالي، قد يتم انتخاب رئيس تكنوقراطي، لانه لا يخيف احدا ولا يهدد احدا"، مشيرا الى انه "سيكون رئيسا يدير الازمة".

الا ان الاستاذ الجامعي في العلوم السياسية جوزف فاضل قال من جهته ان لبنان لم يعد يتحمل "ادارة الازمة"، وان "المطلوب رئيس تبدأ معه مرحلة انتقالية نحو ايجاد دولة القانون ودولة مستقرة"، مشيرا الى ان لبنان يعاني "من تفكك تام، لا سيما بعد ثلاثين عاما" من الوصاية السورية عليه.

ويدور جدل حول النصاب الدستوري لجلسة انتخاب الرئيس. فبينما تتمسك المعارضة بنصاب الثلثين، تدفع الاكثرية باجتهاد دستوري يسمح باجراء الانتخابات بالاكثرية المطلقة.

ويبلغ عدد نواب الاكثرية 68 من 127 حاليا (هناك مقعد شاغر منذ مقتل النائب انطوان غانم في 19 ايلول/سبتمبر)، بينما نصاب الثلثين هو 86 نائبا.

وتعتبر المعارضة ان اي رئيس ينتخب بنصاب النصف زائدا واحدا سيكون غير شرعي.

ويقول صفا "اذا انتخب رئيس بنصاب النصف زائدا واحدا، فقد تخرج المعارضة الى الشوارع وتستولي على بعض الوزارات".

واضاف "الا ان هذا خيار ثمنه باهظ بالنسبة الى الجميع. لن تحصل حرب اهلية، لانها ليست في مصلحة احد، لكن قد تحصل صدامات وحوادث هنا وهناك تبقي على انعدام الاستقرار". (أ.ف.ب)