منطقة غوث بلودر محطة لا تجد فيها أثراً للخدمات ولسان حالهم يقول:ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء كأننا نعيش في كوكب آخر

> «الأيام» سالم العور :

>
اهالي غوت فقراء وبيوتهم من قش وتراب وأحجار مبنية بطرق بدائية
اهالي غوت فقراء وبيوتهم من قش وتراب وأحجار مبنية بطرق بدائية
منطقة غوث إحدى المناطق النائية بمديرية لودر. تتكون هذه المنطقة من أربع قرى هي: المعاتق، الشاعوس، أثلة والخشم. تقع إلى الجنوب الغربي من عاصمة المديرية (مدينة لودر) ويبلغ تعداد سكانها أكثر من ألفي نسمة. يحدها من الشرق قرية أثلة والخط الرئيس عدن- حضرموت المحاذي لصرة النخعين، ومن الغرب قرية الدريب، ومن الشمال حداء وقتيب، ومن الجنوب قرية القور. وتشتهر بخصوبة أراضيها الصالحة للزراعة والتي تعتمد على مياه السيول والأمطار ويشتغل غالبية سكانها بالزراعة ورعي الأغنام وتربية النحل.

«الأيام» شدت الرحال وكان لها قصب السبق في الوصول إلى منطقة غوث بصفتها واحدة من المناطق النائية التي لم يسبق لأي صحيفة- حتى الآن - استطلاعها وسبر أغوار معاناة أهلها وحرمانهم من أبسط الخدمات ومقومات الحياة.

بداية الاستطلاع:

كأننا نعيش في كوكب آخر خارج نطاق الكرة الأرضية

انطلقنا في الساعات الأولى من صباح الجمعة الماضي 16 نوفمبر من مدينة لودر (عاصمة المديرية) بعد إلحاح الاهالي (بمنطقة غوث) على صحيفة «الأيام» بضرورة زيارة منطقتهم واستطلاع واقع معاناتهم المؤلم ونشر همومهم ومطالبهم لاسيما وهم يلمسون ويشعرون أن الحياة تدب حيوية ونماء بصورة طبيعية في القرى والمناطق المحيطة بمنطقتهم من مختلف الاتجاهات من حيث توفر خدمات المياه والكهرباء والتعليم والصحة والطرقات وغيرها.

وعبر طريق لودر-العين- عدن الاسفلتي مررنا بقرية العين (محطة المسافرين على طريق عدن - حضرموت) وعلى بعد عدة كيلومترات انحرف مسارنا ناحية الغرب باتجاه منطقة غوث في طريق ترابية لا يقل طولها عن عشرة كيلو مترات رسمت في أذهاننا صورة من صور المعاناة التي يتجرع مرارتها أكثر من ألفي نسمة وعند وصولنا استقبلنا شيخ طاعن في السن رحب بنا وتحدث قائلاً:«أهلاً بصحيفة «الأيام» وحرصها على مشاركتنا همومنا ونشر معاناتنا علنا نجد آذاناً صاغية الآن بعد أن حفيت أقدامنا من زمان ونحن نتابع جهات الاختصاص لإدخال أبسط خدمات الحياة ولم نجد سوى وعود عرقوبية من عام لآخر كأننا نعيش في كوكب ثان خارج نطاق الأرض وخارطة الجمهورية اليمنية».

نطالب جهات الاختصاص بتوضيح سبب إغلاق بئرين مياههما غزيرة

تحدث الأخ الخضر أحمد علي حسين قائلاً:«قامت إدارة المرتفعات الوسطى م/أبين بحفر بئرين لا تفصلهما سوى مسافة أقل من كيلومترين بقرية العاتق منطقة غوث وبعد تأكيد المهندس التابع للمرتفعات الوسطى أن كمية المياه كبيرة وغزيرة جداً فوجئنا بنقل المعدات وتغطية البئرين (بوصلات) الحديد.

وتابعنا الجهات ذات العلاقة وبعد 5 سنوات من المتابعات وتوجيه (المخاطبات) الرسائل لم يتفهم أحد لمعاناتنا وردوا علينا أن في المنطقة تشققات جبلية، ثم قمنا بإخراج توجيهات من اللواء الركن عبدربه منصور هادي نائب رئيس الجمهورية إلى إدارة مياه الريف م/أبين التي أنزلت فريقاً هندسياً لم يفلح إلا في أخذ (أتعاب) تكاليف باهظة على نفقة مواطني غوث الغلابي الذين يعيشون تحت خط الفقر ليغادر الفريق الهندسي المنطقة دون أن يقوم بتنفيذ التوجيهات بمد أنابيب المياه من منطقة امصره التي تمتلك أكبر مخزون مائي على مستوى محافظة أبين إلى قرانا بمنطقة غوث ونطلب كمواطنين من الجهات المختصة توضيح أسباب إقدامها على إغلاق البئرين اللتين أكد المهندسون غزارة المياه فيهما واللتين كلفتا الدولة والمنظمات الدولية المانحة ملايين الريالات؟».

الأهالي يشربون وأغنامهم من مياه السيول الملوثة بعد تجميعها في (كرفان) مفتوح

توجهنا بصحبة الشيخ محمد الخضر الزحيكي الشخصية الاجتماعية المعروفة بمنطقة غوث باتجاه (الكريف) وهو عبارة عن حفرة بعمق عدة مترات ومساحة شبه دائرية بنصف قطر لا يقل عن 70 متراً تتجمع فيها مياه الأمطار والسيول الملوثة التي يستخدمها الأهالي للشرب. يقول الشيخ محمد الخضر الزحيكي بحسرة وألم:«من يصدق أننا نشرب من هذه المياه الراكدة المفتوحة المليئة بالأوساخ والأتربة والقاذورات ومخلفات الأغنام والحمير والحيوانات الضالة الأخرى.. ماذا نفعل نحن مضطرون لشرب هذه المياه الملوثة لعدم وجود مشروع مياه وبسبب أسعار (البوز) التي وصلت إلى أكثر من أربعة آلاف ريال (للوايت) الواحد.. وضع مأساوي نعيشه يكفي لإقالة عدد من المسؤولين لو كنا في مجتمع نموذجي آخر فالسكان غالباً ما يصابون بمرض الملاريا الفتاك نتيجة انتشار البعوض وشربهم المياه غير الصالحة للاستخدام الآدمي حيث توفي ستة أشخاص بقريتنا بسبب الملاريا قبل نحو 6 أشهر فهل يأبه المسؤولون لمعاناتنا وإنقاذنا من عذابات الآلام التي نكتوي بها نحن وأبناؤنا ونتساءل: ألا يحق لنا أن نطالب بالمواطنة المتساوية مع غيرنا من أبناء مديرية لودر الذين ينعمون بالعيش بكرامة والحصول على حقهم في الحياة من كهرباء ومياه وطرقات وتعليم وغيرها من الخدمات الضرورية لاستمرار الحياة».

ويواصل الشيخ محمد الزحيكي حديثه: «حتى الكهرباء وصلت شبكتها إلى جميع النواحي التي تحد منطقة غوث من جميع الاتجاهات كالقوز جنوباً وحداء شمالاً والدريب غرباً والقرى المجاورة لخط عدن وحضرموت الرئيس شرقاً. تابعنا السلطات وإدارات الكهرباء المتعاقبة منذ أكثر من عشر سنوات دون فائدة ونأمل في الأخ محمد صالح شملان محافظ أبين الذي تولى مؤخراً قيادة المحافظة أن يولي منطقة غوث النائية اهتماماً كبيراً بإيصال شبكة التيار التي وصلت إلى مختلف قرى ومناطق مديريات لودر ومودية والوضيع رغم بعدها أضعافاً مضاعفة عن بعد قرى غوث عن محطة كهرباء منطقة لودر».

بئر غوت مغلقة بعد حفرها  وغزارة مياهها
بئر غوت مغلقة بعد حفرها وغزارة مياهها
أما الأخ أحمد صالح علي حسن الذي يعمل مدرساً متطوعاً بمدرسة العاتق منطقة غوث فتحدث قائلاً:

«مدرسة العاتق تحتوي على 3 فصول دراسية فقط وتوجد كثافة طلابية تصل لأكثر من 40 طالباً في الفصل الدراسي وإذا رغب الطلاب إكمال دراستهم بعد الصف الثالث ابتدائي فعليهم المشي على الأقدام مسافة أكثر من 5 كيلو مترات لعدم وجود مواصلات وبعد المسافة إلى مدارس الجوار القوز وحداء وقد اضطرت بعض الفتيات إلى عدم مواصلة الدراسة لهذا السبب. ومدرسة العاتق لا يوجد مدرس فيها غيري حيث إنني لست إلا مدرساً متطوعاً منذ 8 سنوات ولم أحصل على فرصة عمل منذ تخرجي في المعهد العالي م/أبين 1998م بنجاح، لذا أطالب الجهات المختصة بمنحي وظيفة من وظائف الدولة.

علماً بأنني أحمل عدداً من التوجيهات من مدير عام التربية والتعليم بأبين ومن الأمين العام للمجلس المحلي ومن محافظ محافظة أبين».

أما الأخ محمد دنبع علي فتحدث قائلاً:

«نعاني الأمرين جراء مرورنا في هذه الطريق الترابية الملتوية ولمسافة تزيد عن عشرة كيلو مترات دون أن تلتفت إلينا جهات الاختصاص .

وعلاوة على ذلك فإن قرى غوث الأربع محرومة أيضاً من خدمات الهاتف الثابت الذي استفادت منه معظم القرى المجاورة لمنطقة غوث ولا ندري هل هناك اعتقاد عند مسؤول المديرية لودر والمحافظة أبين بأننا مواطنون من الدرجة الثانية ولا يحق لنا أن نستفيد من الخدمات والمشاريع أسوة بالآخرين أم أنهم يجهلون أننا نتبع دائرة لودر الدائرة (121) حين يتنكرون لنا الآن ووجدناهم في أمس الحاجة إلينا عند الاستحقاق الانتخابي أمر يثير العجب والدهشة.. نقول لهم:

إن منطقة غوث في أعناقكم أمانة ستحاسبون عليها بإذن الله كون أبنائها ما زالوا يعيشون معيشة القرون الوسطى في مطلع القرن الواحد والعشرين عصر العولمة والتكنولوجيا والعلم والاختراعات».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى