المؤمل غيب.. ولكن..

> سالم العبد:

> عام مضى وعام أتى، وانقضت مرحلة من حياتنا مع الماضي وتتشكل مرحلة أخرى مع القادم، نتمنى من الله ومن أنفسنا أن تكون مرحلة مثمرة وذات مردود طيب، ولأن الزمن يتمحور ويتفصل في دوائر ثلاث لا انفكاك بينها فالحاضر غرس الماضي، وكذا المستقبل نتاج في معظمه لقوة حضور الراهن، فإننا نتذكر من عامنا المنصرم وبحضور مكثف الحراك الجنوبي الواسع والفاعل بتجلياته الحضارية المدنية بطابعها السلمي الرفيع، وبروز القضية الجنوبية كأسطع تدرج لهذه الفعاليات الحقوقية السياسية لتجذر في العمق الإستراتيجي مستقبل وآفاق هذا الحراك الزاخر بالعنفوان والوعي المتقدم، وهو ما يجعل منه واقعا يفرض نفسه على رحاب العام الماثل 2008م بامتياز حتى يحين قطافة بعون الله وهمة ووحدة الرجال.

وعلى الصعيد الإقليمي والدولي شكل اغتيال السيدة بي نظير بوتو في خواتيم العام الراحل 2007م صدمة مذهلة لباكستان والعالم أجمع، إذ اهتزت مصداقية الدكتاتوريات المحنطة، وأثخنت الديمقراطية المتلملة في بلد المفارقات (باكستان) حد الانطراح في غرف الانعاش في حالة غيبوبة، نتمنى أن تفيق منها سريعا.

وفي عالمنا العربي تتصدر العراق وفلسطين ولبنان مشهد الأحداث في ذروتها! فالعراق في وجه الموت الرخيص والعابث دون جلاء، أما الفلسطينيون فهم في ربكة أكثر تعقيدا، فمن اقتتال الأخوة الأعداء إلى تشوهات أجنة المشاريع الدولية للسلام الملقحة في أنابيب الشمال المنحاز! ولايبدو في ملامح العام الجديد العابس والمتجهم بالنسبة لهم ما يبشر بانزياح الغمة التي زادتها مشاريع الاستيطان الصهيوني الجديدة إيغالا في الربكة وتعقيداتها.

يظل لبنان المشتعل تحت رماد طائر الفينيق العصي مثالا متوهجا وعصيا على كوابيس الانقسام وخطوط التدخلات الرهيبة، فإيمانهم بالمستقبل ووعيهم المجسم على الأرض يضعهم حتى اللحظة بمنأى من رياح وعواصف التقلبات المنفلتة وغير المحسوبة.. فعندما نستحضر من العام الراحل مشهد الاعتصام الأطول والأنجح في تاريخ المنطقة والعالم، نقف بإجلال وانبهار أمام قوة وتأثير الوعي في سياق النشاط السياسي السلمي أو مشهد المهرجانات والمظاهرات التي يقدم فيها الجمهور باقات ورد لرجال الأمن والجيش، ويتقبلها هؤلاء بابتسامات عريضة وفوهات أسلحتهم مغيبة، وإن حضرت فهي منكسة ومؤمّنة!

وأخيرا خروج الرئيس لحود لحظة انتهاء فترة بقائه الدستورية بكل هدوء ووقار واحترام للدستور ولمصلحة لبنان! ويدخل لبنان منذ أكثر من خمسة أو ستة أسابيع في مرحلة فاصلة من تاريخه ومستقبله ومصيره، ليجمع بين عامين بإرادة متفردة ومبهرة مشكلا نموذجا استثنائيا في عالمنا العربي الهائم.. فهل يحافظ اللبنانيون على جدارة هذا الشرف الذي يختزل المؤمل والمرتجى من العالم العربي المحبط.. ويختطون لهم ولنا جوهر الإرادة المنشودة للأمة العربية المهمشة، ويتجلى كأمل غيب المؤمل؟.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى