رجال في ذاكرة التاريخ

> «الأيام» نجيب محمد يابلي:

> السلطان فيصل بن سرور الحوشبي:السلطنة الحوشبية ..ورد في كتاب (هذا الجنوب أرضنا الطيبة) للطيب الذكر عبدالرحمن جرجرة أن سلطنة الحواشب انضمت إلى اتحاد الجنوب العربي في شهر أبريل 1963م، ويحد السلطنة من الشرق يافع السفلى ومن الغرب اليمن ومن الشمال ردفان والعلوي وإمارة الضالع ومن الجنوب سلطنة لحج.

عن حدودها الفرعية ورد في الكتاب (ص 72) أن سلطنة الحواشب تقع إلى جنوب شرقي سلطنة الفضلي وجنوب غربي سلطنة لحج وشمال شرقي ردفان وشمال غربي اليمن.

تنقسم سلطنة الحواشب إلى منطقتين سهلية وجبلية، وتنقسم المنطقتان إلى ستة أقسام كبيرة هامة، هي: المسيمير وجول مدرم والدريجة، وهذه الأقسام واقعة في المنطقة الجبلية، أما الأقسام الثلاثة الأخرى: الملاح والراحة والحرور فواقعة في المنطقة السهلية.

لايتسع المجال لحصر كل قبائل الحواشب التي وردت في كتاب جرجرة السالف الذكر، وسأكتفي بذكر عدد منها على النحو التالي:

قبيلة آل فجار التي ينتمي إليها السلطان فيصل بن سرور وقبيلة آل يحيى وقبائل البكري والغبران والساحة، وفي الحرور تسكن قبيلة العوجري وفروعها كثيرة، وفي الملاح تسكن قبائل العييري والبركاني والعبيدي والعمري والطيري والجعدني والبسيسي والوحيشي والسعدني وغيرها.

وفي جول مدرم تسكن قبائل الجعدني والسقياني والجلحوز والفرجي والجابري والجويلي والعامري والهيثمي، وتسكن المسيمير قبائل الرباكي والطميري والهشيمي والعمري والفتاحي والمقري والمقبلي والعبادي، وتسكن الدريجة قبائل القزاعي وقزعان نعمان والحدوري والطملة والمسهري.

يضيف جرجرة أن القبائل الحوشبية على وجه العموم أهل نجدة وشجاعة وكرم، من سلالة عربية أصيلة، لاتزال النخوة العربية والشهامة القبلية موجودة فيهم.

الميلاد والنشأة

ورد في ترجمة مختصرة قدمها الشاب محمد مرشد عقابي من المسيمير أن السلطان فيصل بن سرور بن محمد الفجاري من مواليد يونيو 1935م، وكان ترتيبه بين إخوته الثاني، حيث يكبره أخوه السلطان الراحل محمد بن سرور، وتصغره أخته سلطنة بنت سرور، وكانت ولادة السلطان فيصل بن سرور في المسيمير حاضرة السلطنة الحوشبية.

نشأ السلطان فيصل وترعرع في كنف أسرة ميسورة الحال، عميدها السلطان سرور بن محمد الفجاري، الذي آلت إليه مقاليد السلطنة بعد وفاة السلطان محسن بن علي مانع.

تلقى السلطان فيصل بن سرور تعليمه الأولي في المسيمير (عاصمة السلطنة الحوشبية) وأكمله في مدارس السلطنة اللحجية العبدلية بمدينة الحوطة، وهيأت له فرص الاحتكاك بشخصيات عامة وهامة في السلطنتين الحوشبية واللحجية وفي مدينة عدن، فتأسست لديه الخلفية السياسية والثقافية والإدارية التي أفادته كثيرا في إدارة وحكم سلطنته خلال فترة الإدارة الاتحادية.

فيصل بن سرور سلطانا ووزير دولة

تولى فيصل بن سرور الحوشبي مقاليد الحكم خلفا لأخيه الأكبر محمد، وأصبح فيصل سلطانا للحواشب عام 1955م، وعند قيام اتحاد إمارات الجنوب العربي في فبراير 1959م المكون من إمارة بيحان والسلطنة العوذلية والسلطنة الفضلية وإمارة الضالع ومشيخة العوالق وسلطنة يافع بني قاصد، وفي أكتوبر من نفس العام انضمت جارتها السلطنة اللحجية، وفي مارس 1960م انضمت إلى الاتحاد سلطنة العوالق السفلى ومشيختا العقارب ودثينة تريثت السلطنة الحوشبية حتى أبريل 1963م، أي بعد دخول عدن بشهر واحد، الأمر الذي يؤكد أن السلطان فيصل بن سرور كانت له حساباته الخاصة.

بالإضافة إلى عضويته في المجلس الأعلى الاتحادي كان السلطان فيصل بن سرور وزيرا بلا وزارة، أي وزير دولة، وكان إلى جانب ذلك يدير شؤون سلطنته، متعه الله بالصحة وطول العمر، معروفا عند مواطني السلطنة بالتواضع، ونأى بسلوكه بعيدا عن التعالي والغرور.

وورد في الترجمة الموجزة للعقابي أن السلطان فيصل بن سرور الحوشبي «خاض في فترة حكمه عدة معارك مع السلطنة العبدلية كان الاستعمار البريطاني له دور بارز فيها من بزرعه الفتن بين سلطنتي الحواشب والعبادل والتي استمرت بشكل متقطع إلى حين مغادرته أراضي السلطنة الحوشبية إلى خارج الوطن».

اعتقال أخيه غير الشقيق بداية الاغتراب النفسي والجغرافي للسلطان

شهدت المنطقة برمتها ظرفا سياسيا وعسكريا وأمنيا بالغ التعقيد، فعلى المستوى القومي بلي الوطن العربي بنكسة مهينة في يونيو 1967م عندما انكسرت جيوش مصر وسوريا والأردن، واحتلت إسرائيل سيناء والجولان والضفة الغربية وغزة، وعلى المستوى الوطني شهدت الأوضاع في الشمال والجنوب تدهورا متسارعا لايتسع المجال للحديث عن تفاصيله.

أثناء غياب السلطان فيصل في عدن خاض أخوه غير الشقيق ونائب السلطنة محسن بن فضل معارك طاحنة ودامية ضد قوات الجبهة دامت عدة أيام، انتهت باعتقاله واقتيد إلى تعز، حيث أودع أحد سجون الجمهورية العربية اليمنية، وضيقت قوات الجبهة أو جيش التحرير الخناق على السلطنة الحوشبية وأدرك السلطان فيصل أن انهيار النظام بات قاب قوسين أو أدنى، فشد الرحال إلى بيروت وأقام فيها فترة قصيرة، وغادرها بعد ذلك إلى المملكة العربية السعودية التي منحته حق اللجوء السياسي والإنساني مع إخوانه من السلاطين والشيوخ والوزراء.

هل ينعم السلطان فيصل بالاستقرار في وطنه؟

انقطعت السبل بالسلطان فيصل بن سرور الحوشبي عن وطنه حتى عام 2002م عندما قام بزيارة لأهله وناسه بعد انقطاع دام 35 عاما.

تزوج السلطان فيصل من أربع نساء انجب منهن عشرة أولاد، الذكور منهم 6 والإناث 4، ترى هل ينعم السلطان فيصل بن سرور بالاستقرار في وطنه بعد سنوات الشتات، أم أن العودة للاستقرار ستثبت له أن الشتات الفعلي ماهو إلا في وطنه، وأن الاستقرار الفعلي ما هو إلا في أرض الغير.

جدير بالذكر أن ما يملكه (السلطان) فيصل مقارنة بما يملكه (أصغر) المنتصرين في حرب صيف 1994م يضعه في خانة المعدمين!.

الفقيد المناضل حسين سعيد الباهزي

نخعي في أرض يافع بني قاصد

يفيدنا كتاب (هذا الجنوب أرضنا الطيبة) ص 112 للعطر الذكر عبدالرحمن جرجرة بأن سلطنة يافع بن قاصد في الشمال الغربي من عدن، وتقع على بعد 40 ميلا تقريبا شمال عدن، وتمتد يافع بني قاصد صوب الشمال حيث تنتهي بحدود يافع العليا المتاخمة للحدود اليمنية. ويقع القسم الأصغر من السلطنة على مستوى منخفض يعرف بيافع الساحل، أما القسم الأكبر منها فهو جبلي، وكلا القسمين خصبان، فالقسم السهلي يشتهر بزراعة القطن وأنواع الذرة والفواكهة والخضار، ويشتهر القسم الجبلي منطقة (الحيد) بإنتاج أجود أنواع البن.

تنقسم يافع بني قاصد إلى خمس مناطق، وكل منطقة تعرف باسم (مكتب) وهي كما يلي: مكتب كلد، مكتب يهر، مكتب أهل يزيد، مكتب أهل سعد، مكتب أهل ذي ناخب، وتكون منطقة الساحل جزءا من مكتب كلد، ولكل مكتب من هذه المكاتب الخمسة رئيس قبلي يسمى الشيخ، وبما أن كل مكتب ينقسم إلى عدة فخائذ فإن لكل فخيذة رئيسا يعرف باسم العاقل.

أما فقيدنا المناضل حسين سعيد سالم الباهزي الذي تنتمي أسرته إلى قبلية باهز إحدى قبائل النخعين في قرية امصرة بمنطقة لودر التي كانت تابعة لما كانت تعرف بالسطنة العوذلية وسلطانها صالح بن حسين العوذلي أطال الله عمره ومتعه بالصحة فهو من مواليد جعار في العام 1948م وكانت جعار عاصمة سلطنة يافع بني قاصد.

نشأ الفقيد المناضل الباهزي في أسرة عميدها عامل وسائق تراكتور في أرض مؤسسة اقتصادية في عموم ريف الجزيرة العربية، وهي لجنة تطوير دلتا أبين التي عرفت بأسم (ABYAN BOARD)، وورد في مداخلة محمد أبوبكر هندي (عبود) المنشورة في كتاب التأبين ص (51 - 59) وهي كبرى المداخلات، بأن أسرة الفقيد حسين سكنت منزلها الكائن في بوابة الواجهة للحي السكني الشهير في جعار (حافة قدر الله) وهناك شب الفقيد وترعرع في وسط مدني وبين غالبية سكانية من البسطاء والفقراء ومحدودي الدخل.

ماذا يقول السفير معوض عن سنوات النشأة؟

ورد في مداخلة السفير علي صالح معوض في كتاب التأبين ص (35 - 36) بأن الفقيد العزيز حسين سعيد سالم الحامد من مواليد 1948م وأبوه سعيد سالم الحامد هو أبن عم والدي صالح معوض محمد، حيث عمل والده في مشاريع الري في لجنة أبين التي انشئت عام 1947م، والتي جاء في وثيقة تأسيسها أنها تسعى إلى ترقية الأبحاث الزراعية وتطوير الكفاءة الإدارية والتسويق التجاري. يضيف السفير معوض في شهادته للتاريخ أنه كان يكبر الفقيد بعام أو عامين وتعرف عليه وهو (أي السفير معوض) في السنة الثانية في مدرسة جعار المتوسطةJa`ar Intermedate Schol التي تأسست عام 1959 ويذكر السفير معوض تلك السنوات الحافلة بالنشاطات الصفية واللاصفية (بستنة ومسرح ورياضة وصحافة حائطية ومقالات ومواضيع علمية.. والقائمة طويلة) وكان للتربوي القدير عثمان الحسن، من السودان الشقيق أياد بيضاء لاتنسى في تلك النشاطات.

ماذا جاء في شهادة الهمامي؟

وردت مداخلة أ. سعيد عوض همامي، سكرتير ثاني منظمة الحزب الاشتراكي بمحافظة أبين رئيس لجنة التأبين في كتاب التأبين (ص 39 - 42) بأن أول معرفته بالفقيد حسين الباهزي تعود إلى العام 1961م عند لقائهما كطالبين في المدرسة المتوسطة بجعار مع طلاب جاؤوا من مدارس جعار والحصن والرواء وباتيس، والتقيا مرى أخرى في كلية الاتحاد (ثانوية الشعب حاليا) في العام 1964/63 وكان طلبة السطلنات يلتحقون بهذه الثانوية بنظام (الكوتا) فكانت حصة سلطنة يافع بني قاصد سبعة مقاعد، كانت في ذلك العام من نصيب حسين سعيد سالم الباهزي وعبدالحافظ أحمد وسعيد عوض همامي وعبدالعزيز أحمد السقاف وقاسم عبدالرب ومحمد عبدالقوي وطاهر أحمد سيل ومحسن قاسم عبدالله ويوسف عبدالخالق.

يضيف همامي أن الفقيد الباهزي شكل مع زملائه من طلبة سلطنة يافع بني قاصد جمعية ثقافية في الكلية لرفع الوعي الثقافي للطلاب من خلال شراء الكتب وإعارتها للطلاب الأعضاء، وكان رحمه الله ناشطا في المسابقات المدرسية الثقافية والرياضية.

شارك طلاب كلية الاتحاد في الإضرابات والمسيرات الطلابية في أبريل 1967م عند قدوم لجنة تقصي الحقائق التابعة للجنة تصفية الاستعمار في هيئة الأمم المتحدة، وأعلنت وزارة المعارف توقف الدراسة من أبريل حتى نوفمبر 1967م.

الباهزي وزملاؤه يحضرون مهرجان الاستقلال

يختتم همامي شهادته أن وزارة المعارف أعلنت عقد امتحانات نهاية المرحلة الثانوية في النصف الثاني من نوفمبر 1967م على الرغم من بقاء المدارس مغلقة لأكثر من ستة أشهر، وكان الباهزي وهمامي من ضمن الطلاب الذين عزموا على حضور الامتحانات، وكانت كل المواد تدرس باللغة الإنجليزية باستثناء مادتي اللغة العربية والإسلامية.

يضيف همامي أن آخر يوم من أيام الامتحانات صادف مع يوم 30 نوفمبر 1967م يوم الاستقلال وإعلان قيام (جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية P.R.O.S.Y) وكان لهم شرف حضور المهرجان الشعبي الكبير الذي أقـيـم فـي مـديـنة الشعب (مدينة الاتحاد سابقا).

الباهزي وصلابة أربعين عاما تحت راية الاشتراكي

الراصد لمحطات المشوار الطويل الذي جاوز الأربعين عاما سيخلص إلى أن المناضل حسين سعيد سالم الباهزي رابط في خندق واحد، ودفع ضريبة ذلك مثنى وثلاث ورباع داخل حزبه أولا ثم خارج الحزب، وسيتضح ذلك للقارئ من خلال هذا الشريط الإخباري:

- 1946م التحاق المناضل حسين الباهزي بتنظيم الجبهة القومية.

- 1967-1966 تحمل مسئولية العمل السري للجبهة القومية في جعار ونواحيها، وتعرض للاعتقال من قبل السلطات البريطانية.

- أواخر 1967م تخرج في كلية الاتحاد (ثانوية الشعب حاليا) والتحق بسلك التعليم مدرسا في مدارس جعار.

- مسئول الحرس الشعبي (المليشيا) في المديرية الجنوبية (م/ أبين).

- 1971-1970 / 1976-1974 تحمل مسئولية التنظيم السياسي الجبهة القومية في المديرية الجنوبية، وكان الرجل الثاني في المحافظة بعد جاعم صالح.

- 1971م عين كأول مدير لتعاونية جعار الزراعية الإنتاجية.

- من القيادات البارزة في نقابة المهن التعليمية منذ التأسيس.

- من قيادات اتحاد العمال، ومساهم في إنشاء نقابة سائقي وحمالي سيارات النقل في 1971م.

- من القيادات المؤسسة للحركة التعاونية.

- قاد عملية تأسيس نادي الميثاق الرياضي وكان مقره جعار.

- 9171م: التحق بدورة دراسية في جمهورية ألمانيا الديمقراطية، وشارك في المؤتمر الأول للحركة الفلاحية في عدن.

- 1972م شارك في المؤتمر العام الخامس للجبهة القومية.

-1974م عين مسئولا سياسيا لأمن الثورة سابقا في م/ أبين.

- 1978-1976 شارك في المؤتمر التوحيدي وتولى منصب مسئول التنظيم السياسي الموحد في م/ الجنوبية (أبين)، وابتعث إلى موسكو لدراسة العلوم الاجتماعية.

1986-1976 فترة أقصاء سياسي للفقيد، حيث عين مدير أدارة التموين م/ أبين (1979م) فمديرا عاما لمؤسسة مواد البناء (أبين - 1981) فمديرا عاما لمؤسسة السينما (أبين - 1984) ونزح مع مجاميع كبيرة إلى الشمال بعد أحداث يناير 1986م.

1991م انتقل إلى إدارة التربية والتعليم (م/ أبين) بدرجة مدير عام.

2003-1991 سكرتير أول منظمة الحزب الاشتراكي (مديرية خنفر/ أبين).

1998م شارك في المؤتمر العام الرابع للحزب الاشتراكي اليمني.

2005- انتخب رئيسا للمجلس الاستشاري لمنظمة الحزب الاشتراكي (م/ أبين).

- أحيل للتقاعد بدرجة وكيل وزارة.

حصل الفقيد على عدد من الأوسمة منها (وسام 14 أكتوبر)، (وسام 30نوفمبر) وكان رحمه الله يجيد بامتياز اللغتين الإنجليزية والروسية، وكانت وفاته رحمه الله عصر الأحد الموافق 3 ديسمبر 2006 بعد أن أمضى عشرة أيام في غرفة العناية المركزة في مستشفى الرازي العام بجعار، وبعد الصلاة عليه (بعد صلاة العشاء) بمسجد الجامع الكبير بجعار وورى جثمانه الثرى في مقبرة جعار.

الفقيد حسين سعيد سالم الباهزي متزوج وله ستة أولاد أبنان و4 بنات.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى