كشف حساب ودروس الإنجاز‏(3)‏ ..مشهد زيدان وأبو تريكة وهدف الفوز يختصر معنى الروح القتالية والمساندة!!

> القاهرة «الأيام الرياضي» وكالات:

>
كرة القدم لعبة سهلة جدا‏,‏ حيث يكون رأيك انطباعيا وعاما‏,‏ يحكي ويفسر المعروف والمشهود‏,‏ فترى أن المنتخب الوطني المصري لعب بروح قتالية‏,‏ ورجولة‏,‏ واعتمد التمرير السريع‏,‏ والتحضير السريع‏,‏ والجري السريع‏..‏ وكان كل لاعب في صفوفه أبو سريع لكن اللعبة صعبة‏,‏ حين تكون مشاهدتك أعمق‏..‏ فمن البديهي ان يمارس اللاعب كرة القدم بطاقته كلها‏,‏ ويقاتل على الكرة ومن أجلها‏,‏ ويكون لائقا بدنيا‏,‏ وينام مبكرا‏,‏ وهذا يصنع الفارق العام في الشكل بين كرتنا وكرة اوروبا‏,‏ لأننا لا نفعل ذلك غالبا‏!‏

وهناك مشهد يفسر الروح القتالية والمساندة‏,‏ في اداء المنتخب الوطني ببطولة إفريقيا ويفسر الفارق بين كرتنا وكرة العالم الآخر؟‏!‏

هو مشهد هدف الفوز والبطولة في مباراة الكاميرون‏,‏ فقد مرر احمد حسن الى زيدان الذي انطلق وسبقه سونج‏,‏ وكافح زيدان من أجل استخلاص الكرة‏,‏ وسقط وقام‏,‏ ومرر الى ابو تريكة‏..‏ وهنا ترى ما يلي‏:‏‏

(1):‏ كفاح زيدان وعدم يأسه من انتزاع الكرة من سونج‏,‏ ثم تمريرها الى زميل‏,‏ وقد قال زيدان‏:‏ لم أشاهد أبو تريكة قادما لكني وجدته ولا أعرف من أين ظهر؟‏!‏

(2):‏في الاحوال العادية‏,‏ وأقصد أحوال الكرة المصرية ومسابقاتنا المحلية‏,‏ قد لا يضغط المهاجم ولا يكافح المدافع‏,‏ وسوف يراقبه جميع اللاعبين وينتظرون نتيجة صراعه دون ان يتحرك لاعب واحد الى الامام‏..‏ إلا أن أبو تريكة تحرك للمساندة بغض النظر هل يخرج زيدان من صراعه مع سونج بالكرة أم لن يخرج بها ولن يحصل عليها‏..!‏

(3):‏ هذا المثال البسيط جدا‏,‏ يكشف معنى القتال على الكرة في صراع لاعب ضد لاعب‏,‏ ويكشف اهمية التحرك من الزميل لمساندة زميله دون انتظار لنتيجة الصراع الفردي ثم التحرك‏,‏ ففي أحوال الكرة المصرية يمكن ان يستخلص لاعب الكرة ثم لا يجد زميلا يمررها اليه‏!‏

?(4):‏ إن ثقافة انتظار نتيجة الصراع‏,‏ وعدم التحرك بدون الكرة من أخطر أمراض كرة القدم في مصر‏,‏ فنصف لاعبي الفريق يقفون يتفرجون إلا أن المنتخب الوطني المصري في غانا لعب بأداء جماعي‏,‏ ولم يلعب بثقافة الانتظار‏,‏ واعتمد المساندة هجوما ودفاعا‏!‏

ونأتي لجزئية مهمة جدا‏..‏ وهي مسألة اللياقة البدنية الفائقة للفريق‏,‏ كيف أصبح لاعبنا مالكا لها فجأة كما يبدو؟‏!‏

إنه التنظيم‏,‏ والمساندة‏,‏ والتحرك‏..‏ بجانب الثقة والهدوء‏,‏ فالتنظيم بشكل عام يوفر الجهد والطاقة‏,‏ وحين يكون اللعب عشوائيا وعصبيا‏,‏ بلا مساندة وبلا تحرك سليم‏,‏ ترى لاعبنا يجري خلف الكرة‏,‏ ويجري منها‏,‏ ويهدر نصف قوته في البحث عن زميل‏,‏ وفي مقاومة المنافس لأنه مضطر الى الاحتفاظ بها‏,‏ وهكذا كان أداء المنتخب سلسا ولائقا وسهلا‏,‏ وناعما‏..‏ وفائزا وكان مفتاح هذا كله المباراة الأولى امام الكاميرون‏!‏

يجب أن نشاهد مباريات الكرة بصورة أعمق‏,‏ وندقق في التفاصيل‏,‏ ونبتعد عن العموميات والبديهيات‏,‏ لاسيما من جانب المتخصصين بطريقة‏:‏ اداء قوي‏ ..‏ اداء بروح قتالية‏..‏ اداء سريع‏..‏ تمرير سريع‏..‏ تحضير سريع‏..‏ لكن ما رأيكم ان كل ما هو سريع يكون في بعض الاحيان غير مطلوب‏,‏ وربما يكون سببا في اإصابة أي فريق بكارثة ؟‏!‏

ونقطة اخيرة في كشف حساب الانجاز ودروسه‏,‏ وهو النقد الفني المتخصص‏,‏ والفارق بينه وبين الهجوم‏,‏ وسحب السيوف من أغمادها ضد المدرب‏,‏ وضد اللاعبين‏,‏ وضد الفريق‏,‏ حسب النتيجة‏,‏ فقد سافر المنتخب الى غانا وسط موقف عام من الجميع يرى أن الفريق من الصعب أن يتجاوز دور الثمانية‏,‏ ووسط شعور بأنه من الصعب جدا أن يفوز بالكأس للمرة الثانية‏,‏ وربما جرت حسابات وتساؤلات وهو على سلم الطائرة في الطريق الى غانا‏:‏ من يخلف حسن شحاتة في قيادة المنتخب في تصفيات كأس العالم ؟‏!‏

وكانت هناك في شارع الكرة المصرية ناس معارضة لاستمرار المدرب أناس متمسكة برأيها الأول فيه‏,‏ وليست متمسكة به وبقدراته ‏..‏ وبدا الأمر هنا كأن بقاء شحاتة انتصار لرأي شخصي‏,‏ وليس انتصارا للمدرب الوطني حسن شحاته شخصيا‏..‏ ومن اسوأ مظاهر النقد أن يخلط الناقد بين رأيه الخاص وبين المصلحة العامة‏,‏ ويبدو الأمر هنا ايضا ان هناك منافسة بين فريقين‏,‏ فريق يؤيد رأيه‏,‏ وفريق ضد هذا الرأي‏..‏ وليس بين فريق يؤيد المدرب وفريق ضد المدرب‏!!‏

وفي تلك النقطة بالتحديد هناك ما يلي‏:‏

(1):‏ لكل انسان الحق في إبداء وجهة نظره الموضوعية‏,‏ والفنية‏,‏ بأسانيده‏,‏ فمن كان يعترض على حسن شحاتة ثم وجده ناجحا‏,‏ عليه ان يفرح بنجاحه‏,‏ ولأنه نجاح لمنتخب البلد‏ ..‏ هذا هو الامر الطبيعي‏..‏ ومع الفارق في التشبيه‏,‏ لكني مضطر اليه فقد‏:‏ هوجم عبد الحليم حافظ في حفلته الاولي وألقى عليه الجمهور الطوب والحجارة‏..‏ ثم عاد نفس هذا الجمهور وهتف للفنان العبقري الذي سبق عصره وقلب الطاولة على عصر الطقطوقة‏.,‏ والإيقاع التركي‏,‏ وقد قلب شحاتة الطاولة في تلك البطولة على عصر الكرة التركية في مصر‏..‏ كرة آمان يا للالي آمان‏!‏

?(2):‏ وعلى حسن شحاتة في المقابل وعلى غيره من المدربين ومن اللاعبين‏,‏ تقبل النقد‏,‏ فكل مباراة حالة بذاتها يجيد فيها مدرب ولاعب‏,‏ وقد لا يجيد في أخرى ‏..‏ ومن حق القارئ ومن حق المشاهد ان يكون الناقد أمينا‏,‏ فلا يكون الأداء سيئا ثم يجد رأيا يبرر له سوء الأداء لأي سبب‏..‏ والعكس صحيح‏,‏ فمن حق اللاعب ومن حق المدرب ان يجد الاشادة وقت ان يجيد‏..‏ هذا هو النقد الفني الموضوعي‏,‏ وهذا حسب ما أظن يسمى ضمير المهنة‏!‏

?(3):‏ من أسوأ نتائج فوز المنتخب المصري الرائع بكأس الأمم‏,‏ تقسيم شاع سريعا‏ ..‏ وهم الذين كانوا يؤيدون حسن شحاتة ‏..‏ والذين كانوا يعارضون حسن شحاتة ‏..‏ وأصبحت هناك مباراة من تحت الترابيزة بين الفريقين‏,‏ وجرى صراع محموم على تسلق نجاح المدرب الوطني واللاعبين‏,‏ وعلى القفز الى برواز الصورة والبطولة‏..‏ ليتفرج الناس ويضحكوا على القافزين‏..!‏

?(4):‏ إن النقد يجب ألا يحركه الموقف من شخص‏,‏ ويجب ألا يحكمه الموقف من الأداء‏..‏ ولا يجب أن يحركه ايضا موقع الناقد‏..‏ فهل هو في صف المؤيدين‏..‏ أم في صف المعارضين‏..‏؟‏!

‏إن الخلط بين ما هو شخصي وبين موقع الشخص ومكانه من أسباب ظاهرة الصراخ والفوضى في الشارع المصري‏..‏ ومن أسباب حوار الطرشان الذي لا يسمع فيه إنسان الآخر‏..‏ لعل هذا الفوز وهذا الانجاز يغيرنا‏,‏ ويجعلنا نشاهد مباريات الكرة بصورة أعمق‏,‏ وننقد الاداء وليس الاشخاص‏..‏ ففي النهاية الفائز هو المنتخب المصري‏..‏ لا أنت ولا هو ولا أنا‏..!‏

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى