> القاهرة «الأيام الرياضي» وكالات:
وهناك مشهد يفسر الروح القتالية والمساندة, في اداء المنتخب الوطني ببطولة إفريقيا ويفسر الفارق بين كرتنا وكرة العالم الآخر؟!
هو مشهد هدف الفوز والبطولة في مباراة الكاميرون, فقد مرر احمد حسن الى زيدان الذي انطلق وسبقه سونج, وكافح زيدان من أجل استخلاص الكرة, وسقط وقام, ومرر الى ابو تريكة.. وهنا ترى ما يلي:
(1): كفاح زيدان وعدم يأسه من انتزاع الكرة من سونج, ثم تمريرها الى زميل, وقد قال زيدان: لم أشاهد أبو تريكة قادما لكني وجدته ولا أعرف من أين ظهر؟!
(2):في الاحوال العادية, وأقصد أحوال الكرة المصرية ومسابقاتنا المحلية, قد لا يضغط المهاجم ولا يكافح المدافع, وسوف يراقبه جميع اللاعبين وينتظرون نتيجة صراعه دون ان يتحرك لاعب واحد الى الامام.. إلا أن أبو تريكة تحرك للمساندة بغض النظر هل يخرج زيدان من صراعه مع سونج بالكرة أم لن يخرج بها ولن يحصل عليها..!
(3): هذا المثال البسيط جدا, يكشف معنى القتال على الكرة في صراع لاعب ضد لاعب, ويكشف اهمية التحرك من الزميل لمساندة زميله دون انتظار لنتيجة الصراع الفردي ثم التحرك, ففي أحوال الكرة المصرية يمكن ان يستخلص لاعب الكرة ثم لا يجد زميلا يمررها اليه!
?(4): إن ثقافة انتظار نتيجة الصراع, وعدم التحرك بدون الكرة من أخطر أمراض كرة القدم في مصر, فنصف لاعبي الفريق يقفون يتفرجون إلا أن المنتخب الوطني المصري في غانا لعب بأداء جماعي, ولم يلعب بثقافة الانتظار, واعتمد المساندة هجوما ودفاعا!
ونأتي لجزئية مهمة جدا.. وهي مسألة اللياقة البدنية الفائقة للفريق, كيف أصبح لاعبنا مالكا لها فجأة كما يبدو؟!
إنه التنظيم, والمساندة, والتحرك.. بجانب الثقة والهدوء, فالتنظيم بشكل عام يوفر الجهد والطاقة, وحين يكون اللعب عشوائيا وعصبيا, بلا مساندة وبلا تحرك سليم, ترى لاعبنا يجري خلف الكرة, ويجري منها, ويهدر نصف قوته في البحث عن زميل, وفي مقاومة المنافس لأنه مضطر الى الاحتفاظ بها, وهكذا كان أداء المنتخب سلسا ولائقا وسهلا, وناعما.. وفائزا وكان مفتاح هذا كله المباراة الأولى امام الكاميرون!
يجب أن نشاهد مباريات الكرة بصورة أعمق, وندقق في التفاصيل, ونبتعد عن العموميات والبديهيات, لاسيما من جانب المتخصصين بطريقة: اداء قوي .. اداء بروح قتالية.. اداء سريع.. تمرير سريع.. تحضير سريع.. لكن ما رأيكم ان كل ما هو سريع يكون في بعض الاحيان غير مطلوب, وربما يكون سببا في اإصابة أي فريق بكارثة ؟!
ونقطة اخيرة في كشف حساب الانجاز ودروسه, وهو النقد الفني المتخصص, والفارق بينه وبين الهجوم, وسحب السيوف من أغمادها ضد المدرب, وضد اللاعبين, وضد الفريق, حسب النتيجة, فقد سافر المنتخب الى غانا وسط موقف عام من الجميع يرى أن الفريق من الصعب أن يتجاوز دور الثمانية, ووسط شعور بأنه من الصعب جدا أن يفوز بالكأس للمرة الثانية, وربما جرت حسابات وتساؤلات وهو على سلم الطائرة في الطريق الى غانا: من يخلف حسن شحاتة في قيادة المنتخب في تصفيات كأس العالم ؟!
وكانت هناك في شارع الكرة المصرية ناس معارضة لاستمرار المدرب أناس متمسكة برأيها الأول فيه, وليست متمسكة به وبقدراته .. وبدا الأمر هنا كأن بقاء شحاتة انتصار لرأي شخصي, وليس انتصارا للمدرب الوطني حسن شحاته شخصيا.. ومن اسوأ مظاهر النقد أن يخلط الناقد بين رأيه الخاص وبين المصلحة العامة, ويبدو الأمر هنا ايضا ان هناك منافسة بين فريقين, فريق يؤيد رأيه, وفريق ضد هذا الرأي.. وليس بين فريق يؤيد المدرب وفريق ضد المدرب!!
وفي تلك النقطة بالتحديد هناك ما يلي:
(1): لكل انسان الحق في إبداء وجهة نظره الموضوعية, والفنية, بأسانيده, فمن كان يعترض على حسن شحاتة ثم وجده ناجحا, عليه ان يفرح بنجاحه, ولأنه نجاح لمنتخب البلد .. هذا هو الامر الطبيعي.. ومع الفارق في التشبيه, لكني مضطر اليه فقد: هوجم عبد الحليم حافظ في حفلته الاولي وألقى عليه الجمهور الطوب والحجارة.. ثم عاد نفس هذا الجمهور وهتف للفنان العبقري الذي سبق عصره وقلب الطاولة على عصر الطقطوقة., والإيقاع التركي, وقد قلب شحاتة الطاولة في تلك البطولة على عصر الكرة التركية في مصر.. كرة آمان يا للالي آمان!
?(2): وعلى حسن شحاتة في المقابل وعلى غيره من المدربين ومن اللاعبين, تقبل النقد, فكل مباراة حالة بذاتها يجيد فيها مدرب ولاعب, وقد لا يجيد في أخرى .. ومن حق القارئ ومن حق المشاهد ان يكون الناقد أمينا, فلا يكون الأداء سيئا ثم يجد رأيا يبرر له سوء الأداء لأي سبب.. والعكس صحيح, فمن حق اللاعب ومن حق المدرب ان يجد الاشادة وقت ان يجيد.. هذا هو النقد الفني الموضوعي, وهذا حسب ما أظن يسمى ضمير المهنة!
?(3): من أسوأ نتائج فوز المنتخب المصري الرائع بكأس الأمم, تقسيم شاع سريعا .. وهم الذين كانوا يؤيدون حسن شحاتة .. والذين كانوا يعارضون حسن شحاتة .. وأصبحت هناك مباراة من تحت الترابيزة بين الفريقين, وجرى صراع محموم على تسلق نجاح المدرب الوطني واللاعبين, وعلى القفز الى برواز الصورة والبطولة.. ليتفرج الناس ويضحكوا على القافزين..!
?(4): إن النقد يجب ألا يحركه الموقف من شخص, ويجب ألا يحكمه الموقف من الأداء.. ولا يجب أن يحركه ايضا موقع الناقد.. فهل هو في صف المؤيدين.. أم في صف المعارضين..؟!
إن الخلط بين ما هو شخصي وبين موقع الشخص ومكانه من أسباب ظاهرة الصراخ والفوضى في الشارع المصري.. ومن أسباب حوار الطرشان الذي لا يسمع فيه إنسان الآخر.. لعل هذا الفوز وهذا الانجاز يغيرنا, ويجعلنا نشاهد مباريات الكرة بصورة أعمق, وننقد الاداء وليس الاشخاص.. ففي النهاية الفائز هو المنتخب المصري.. لا أنت ولا هو ولا أنا..!