كــركــر جـمـل

> عبده حسين أحمد:

> من الصعب جدا أن يكون الإنسان قادرا على تغيير طبيعته وعاداته وتصرفاته.. ربما يستطيع أن يفعل ذلك قليل من الناس.. مثلا أي شخص تربى على الكذب وهو صغير.. لابد أن يكون كذابا طول عمره.. وإذا نشأ شخص آخر على (الزنط).. فلا يمكن أن يكون شخصا آخر غير (زناط) في حياته.. وقد عرفت كثيرا من الناس لهم صفات وعادات خاصة ارتبطوا بها أو أنها ارتبطت بهم.. ولم يستطيعوا أن يتخلصوا منها أبدا.. حتى أصبحت ملازمة لهم أكثر من أي شخص آخر.. بل إن بعض الناس يعرفون بأسماء مشتقة من هذه الصفات والعادات التي اشتهروا بها بين الناس وفي المجتمع.

> أعرف شخصا يحب الكلام.. ولذلك فهو يتحدث كثيرا بمناسبة وبدون مناسبة.. وكأن الكلام طعامه وشرابه.. ولأنه لكي يعيش يجب أن يأكل ويشرب.. يشعر أنه لابد أن يتنفس أيضا.. فهو يتنفس بالكلام.. أي كلام.. فليس مهما عنده أن يكون كلامه مضبوطا أو مفهوما.. وأن يكون له معنى وفائدة.. وأن يكون مقبولا عند الآخرين.. المهم هو أن يتكلم في أي مكان وفي كل مكان.. وإذا حاولت معه أن تقفل باب الكلام.. فمن النادر أن يفعل ذلك.. فإذا أقفل باب الكلام.. فلابد أن يكون على رأسك وأعصابك.

> وأعرف شخصا آخر من هذه الكائنات الممسوخة.. وقد اشتهر بين الذين عرفوه والذين لم يعرفوه.. بأن له يدين تخطفان أي شيء في لمح البصر.. فهو سارق حاذق ومتمرس.. فإذا حدثت سرقة في محيط عمله أو أصدقائه.. فليسوا في حاجة إلى تفكير طويل ليعرفوا أنه هو السارق.. فهو لص ظريف أتقن فن السرقة.. وهو عارف بطرق النصب والاحتيال.. ثم إن أطرافه طويلة وقد ساعدته كثيرا على إبكاء وإيلام ضحاياه الذين سرقهم، وتألموا كثيرا وندموا على ضياع وخسارة الذي أدخروه لمستقبل حياتهم.

> وقد قرأت كثيرا من قصص ونوادر اللصوص في العالم.. ومن أطرف هذه القصص أن شابا وفتاة جلسا في إحدى الكنائس على أمل أن يجمع قلبيهما الحب والزواج وعشرات الأولاد.. ولما سألت الفتاة صديقها.. كيف يتحقق لهما كل ذلك؟ أجاب: بأن نسرق.. فالإنسان ولد لصا.. لأنه ولد عاريا.. لابد أن يسرق ملابسه.. جائعا لابد أن يسرق طعامه.. عاشقا لابد أن يسرق محبوبته.. ثم التفت إلى محبوبته وقال لها: انظري حولك.. كل هذه اللوحات قد علقت على جدران الكنيسة لكي نسرقها ونبيعها.. ثم نجيء إلى هنا لكي يعقد القسيس زواجنا المقدس.. لا أسئلة.. لاكلمة واحدة.. ولدنا لصوصا، وسوف نتزوج لصوصا، ونموت لصوصا.. انتهى.. هذا هو قدرنا.. ويجب أن نصلي لله لكي يغفر لنا خطايانا.. صلي معي.. يارب اغفر لنا ذنوبنا.. فنحن لم نختر أن نكون عشاقا لنا قلوب.. ولا أن نكون فقراء بلا جيوب.

> ومن المؤكد أننا شعب فقير.. لنا قلوب، ولكن ليس لنا جيوب.. وإذا وجدت فهي فارغة دائما.. لاتمتد إليها الأيادي.. ولكن من المؤسف جدا أن تمتد أيادي الأقوياء إلى قوتنا.. ولانجد من يساعدنا على توفير الراحة لنا.. الراحة في إيجاد الطعام والماء وسلامة المسكن.. وأن نعيش في ستر من الله وعافية.

> هل كل الذي أتى أفضل من الذي ذهب؟.. ربما.. وربما لا!!..

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى