شيء من الديمقراطية في حرية الرأي

> قاسم عفيف المحامي:

> الديمقراطية في حرية الرأي هي حق مباح مكفول ومضمون في الدستور والقانون، بمعنى أنه من حق الكل أن يعبر عن وجهة نظره أو رأيه في أي شأن مسموح وغير محظور، هذا الحق على إطلاقه لن يكون في الواقع مكفولا ومضمونا إذا لم يراع صاحبه جملة من الشروط والضوابط الملزمة والواجبة، ومن بينها الحصافة في الكلام واللغة الأدبية المتزنة والصدق والأمانة وحسن النيات إضافة إلى الواقعية البعيدة عن الاجتهاد والخيال والوهم غير المستند إلى الحجة والبيان ومقتضيات الإثبات.

ذلك بأن الديمقراطية في حرية الرأي إنما هي مسئولية لاتبرئ صاحبها عند التعدي على الآخر، ولأنها كذلك فإن الرأي أو وجهة النظر يجب أن يعكس ويعبر عن قناعات صاحبه أكان صاحبه شخصا طبيعيا أم شخصا اعتباريا أم أي معنى آخر فإنه لا مكان للوكالة أو الإيعاز أو التبرع في الرأي، وتلك هي من مقتضيات حق رفع الضرر أو الاعتذار أو رد الاعتبار، ويكون الشخص الاعتباري هنا مثلا (الصحيفة) هي المعني في حالات عدم تقديم صاحب الرأي نفسه بالصورة الواضحة والجلية!.

على أن الإطار العام للديمقراطية في حرية الرأي إنما هو تحقيق غايات مجتمعية شاملة كالدفع بعملية التنمية والتقدم والتطور وكشف الكوابح والمعيقات، وفي تحقيق قدر كبير من وحدة وتنامي السلام والأمن ووحدة أواصر النسيج الاجتماعي وعلاقات ومصالح الناس وحقوقهم، وكل ذلك بالجهود المتظافرة لكامل منظومة الحكم وسائر قوى المجتمع، وعليه فإن الديمقراطية وحرية الرأي هما سلاح سلمي فعال وبناء، فيما إذا أجاد الكل استخدامه بعيدا عن الابتذال والاستهداف وبعيدا عن الإساءة المتعمدة وإلحاق الضرر بالآخر .

وإذا كانت الشفافية مطلوبة فهي قول الصدق والأمانة غير القابلة للنفي، وتكون واضحة الهوية اسما وعنوانا أكان للكاتب أو المقصود بالرأي الشفاف ودون هذا هو التشهير أو الايعاز أو الوكالة.

بيد أن هذا الأخير لن يكون بالممكن والمستطاع إلا عند بعض الصحف التي تدفع بنفسها دفعا لاكتساب صفة الصحافة الصفراء (اللون الأصفر ينسب إلى الصحراء التي ليس فيها واحات أو عشب أو ماء أو حياة إلا تلك الأرواح المتحركة القاتلة والسامة).

وعلى سبيل القراءة النقدية ماذا يعني مثلا أن نقرأ عن موضوع أمني في مهمة رصدية واضحة الهدف! هل هذا من حرية الرأي، أم هي شفافية أمنية علنية؟!.

أليس فيها من كشف الأسرار إذا كانت صحيحة، مع أن هذه المسألة يحكمها القانون؟.

أو أن تتمعن بالرد النافي من المتضرر الأستاذ هشام باشراحيل، المنشور في صحيفة «الأيام» في عددها رقم 5445 الصادرة يوم الخميس 3 يوليو 2008 الذي رد فيه على موضوع منشور في إحدى الصحف تحت عنوان (هربا من المساءلة في قضيتي القتل والنشر باشراحيل رئيسا للحراك في عدن).. أليس مثل هذا العنوان بحد ذاته ناهيك عن موضوعه، يمثل تدخلا سافرا في شؤون الغير، ومن غير اختصاص وظيفي مقوض!.

إن الرأي الذي يتم وصفه أونفيه أوتكذيبه إنما يفتقر إلى المصداقية والأمانة، ويستهدف إلحاق الضرر بالآخر بصورة عمدية، ومع ذلك يكون عدم الرد أحيانا في مصلحة المتضرر!.

وعلى العموم أنا هنا لست مدافعا عن أحد لا وكالة ولا تطوعا بقدر ما يهمني التأكيد بأن الديمقراطية وحرية الرأي هما مكسب عام ومهم، وعلينا الحفاظ عليهما والاستفادة منهما في خدمة الأوطان والأمم، واستخدامهما كسلاح بناء وخير وسلام، وليس سلاحا للهدم.. ذلك كان شيئا عن الديمقراطية في حرية الرأي.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى