زلــــط

> محمد سالم قطن:

> روت الأسطورة أنه عندما اخترعت النقود، استغنى إبليس عن خدمات 50% تقريبا من الأتباع والمعاونين، وعلى الرغم من أننا نعيش اليوم زمنا غثا رديئا، اقترب فيه المال من أن يصبح إلها يعبد من دون الله، وصار معيار القياس للناس في عيون الكثيرين من الناس هو مدى ما يملكونه من مال ونقود وسيارات فارهة، إلا أن القضية إياها، والظاهرة المشار إليها كانت معروفة وملحوظة قبل مئات السنين، وإلا لما كتب الراغب الأصفهاني في كتابه الشهير منذ قرابة الألف عام (محاضرات الأدباء ومحاورات البلغاء) بابا كاملا عن هذا الموضوع تحت عنوان (تشاحح الناس بالمال)، أشار بين سطوره إلى ما يشبه تلك الأسطورة التي يرويها الرواة مدللا على صحتها بمئات القصص والأمثلة عن دور المال في إفساد الحياة الإنسانية وفي تحطيم وشائج القربى بين الناس وبين المجتمعات، حيث قال رحمه الله: «لما ضربت الدراهم والدنانير صرخ إبليس صرخة وجمع أصحابه وقال: لقد وجدت الآن ما يغنيني عنكم في التفريق بين الناس وما يدفع الابن لقتل أبيه وما يحرض الناس على ارتكاب كل الرذائل والجرائم دون وجل».

صحيح أن المال الحلال وسيلة من وسائل إسعاد الحياة الإنسانية وفي تنمية المجتمعات ورقيها، لكن في الجانب الآخر يعد من أسوأ معاول تدمير الإنسان وتضليله وفي خراب المجتمعات بما يتيحه من أساليب الترف والغواية والمجون، وعندما يتطلع الناس لجمع المال دون اكتراث لمصادر الحصول عليه، ومن أي طريق جاء، يتحول المجتمع البشري إلى غابة فظيعة المسالك تعربد فيها الوحوش.

التكالب على المال بالحلال وبالحرام هو السبب الرئيس لفساد الذمم والأخلاق، ولانهيار القيم والمبادئ، وهو العامل رقم واحد في انتشار الرياء والنفاق وانحطاط الموازين الاجتماعية وانحرافها، وهو أيضا من أشد الدوافع لظلم الناس بعضهم بعضا وغمط حقوقهم، ورحم الله الإمام محمد بن إدريس الشافعي عندما قال:

وسيق إلينا عذبها وعذابها

فلم أرها إلا غرورا وباطلا

كما لاح في ظهر الفلاة سرابها

وما هي إلا جيفة مستحيلة

عليها كلاب همهن اجتذابها

فإن تجنبتها كنت سلما لأهلها

وأن تجتذبها نازعتك كلابها.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى