أطلقوا سراح سجناء الرأي

> د.عيدروس نصر ناصر :

> ما يزال سجناء الرأي، علي منصر وحسن باعوم ورفاقهما رهن الاختطاف القسري منذ الأول من أبريل 2008 في عملية خرق فاضح للقانون، تمثلت في اعتقالهم في منتصف الليل، وبدون أمر قضائي، ونقلهم في ظروف غامضة من أماكن إقامتهم في عدن ولحج وأبين إلى عاصمة اليمن، صنعاء، وإبقائهم بدون تهمة لعدة أشهر، وعزلهم عن العالم في زنازين انفرداية تحت الأرض، والتلاعب بعملية ما سمي بتقديمهم للمحاكمة، واتهامهم بالدعوة إلى رفع الظلم وإحقاق الحق وإعادة الحقوق المنهوبة وإنهاء العبث الذي تتعرض له محافظات الجنوب منذ السابع من يوليو 1994، وهي تهم يتشرف أي إنسان أن تنسب إليه.

السلطات الرسمية التي تتفاوض مع قطاع الطرق وخاطفي السواح ومنفذي العمليات الإرهابية، تعتقد أنها بهذا التنكيل الذي تمارسه ضد هؤلاء النشطاء السياسيين، سوف تجبر المواطنين على تحمل الباطل والسكوت عن الحق المنهوب، والتعايش مع سياسات السطو والاستيلاء والإقصاء والتمييز المفروضة على مواطني البلاد، وهي بذلك تتوهم ما لايمكن أن يحصل.

علي منصر وحسن باعوم ويحيى غالب وبن فريد وعلي هيثم الغريب ومحمود حسن زيد وناصر الفضلي وحسين زيد بن يحيى وناجي العربي، وعيدروس الدهبلي وحسين البكيري، ورفاقهم، ومثلهم فهد القرني وعبدالكريم الخيواني ومحمد مفتاح، المعتقلون ظلما، ليسوا مجرمين ولا مذنبين سوى في أنهم يرفضون السياسات المعوجة المفروضة على البلاد منذ العام 1994، ولو أننا في بلد يحترم فيه القانون وتصان فيه كرامة الإنسان لكان هؤلاء طلقاء أحرارا، ولكان في مكانهم في الزنازين الانفرادية من تسبب في قتل المواطنين العزل من السلاح في الحبيلين والضالع وعدن وحضرموت وجحاف والصبيحة، ومن نهب الأرض واستولى على الملايين من أموال هذا الشعب، وتملك المزارع والمنشآت بدون وجه حق، ولكن السلطات اليمنية مصممة على التمسك بالدفاع عن القتلة والفاسدين والتستر عليهم، وتجريم السلوك السلمي للأبرياء ومحاكمتهم، وهي بذلك تتحمل مسئولية تعريض السلم الاجتماعي للخطر بما تمارسه من سياسات حمقاء.

السلطات تتذرع بأنها تدافع عن الوحدة اليمنية بما تمارسه من انتهاكات بحق المواطنين العزل ونشطاء الرأي، بينما هي في حقيقة الأمر تعرض وحدة البلد والمجتمع لمخاطر تأخذ في التفاقم والاتساع على النحو الذي يهدد هذه الوحدة ويعرضها للخطر.

لم تتعود السلطات اليمنية على النضال السلمي سلوكا في التعبير عن الرأي، وهي التي أدمنت إثارة الحروب وتصفية الحسابات عن طريق القوة العسكرية، لذلك فقدت كل قدر من الحكمة والصبر في مواجهة الفعاليات الاحتجاجية الرافضة للسياسات غير الرشيدة، ويبدو أن السلطة ترغب بتغيير أدوات اللعبة من خلال استدراج الرافضين لسياساتها إلى مربع القوة والعنف ليسهل عليها بعد ذلك الإجهاز على أي عمل احتجاجي يعبر عن الرفض لسياستها الإقصائية الاستعلائية.

في كل بلدان العالم، حيث يحترم القانون وتعلى كرامة الإنسان، يسمح للمعتقلين (حتى إن كانوا من القتلة والمجرمين) باستقبال الزوار وقراءة الصحف والمجلات والكتب ومشاهدة التلفاز والاستماع إلى الراديو، وفي بلادنا التي تريد أن تصدر فائض الديمقراطية إلى البلدان المجاورة يخفى الناشطون السياسيون شهورا كاملة، وعندما يعلن عن مكان وجودهم يمنعون من أبسط الحقوق، وهو رؤية النور، ناهيك عن الاتصال بأهليهم واستقبال الزوار ومطالعة الصحف والمجلات.

ولو أرادت السلطة أن تحدث انفراجا حقيقيا في الحياة السياسية اليمنية بإمكانها أن تطلق جميع هؤلاء المعتقلين السياسيين، والاعتذار لهم عما عانوه من أذى، وسيكون بمقدورها استدعاؤهم للمحاكمة عندما يقتضي الأمر، رغم ثقتنا ببراءتهم من التهم الملفقة ضدهم، لكن حماقة المتجبرين وغرور المستبدين هو ما يجعل مستشاري السوء يصرون على أن الدفاع عن الوطن لايتأتى إلا بانتهاك الحقوق والدوس على الدستور والقانون والاستهتار بكرامة الناس وآدميتهم.

لقطات

للتذكير فقط من بين عشرة تجري محاكمتهم واثنين آخرين لايحاكمون، 8 هم من ردفان الأبية، ويبدو أن هذا يأتي تكريما لمسقط رأس الثورة ومنطقة الشهداء ومسقط رأس أول شهداء الثورة لبوزة.

الكاتب والقاص والصحفي إبراهيم الكاف تسلم قيادة مؤسسة «14 أكتوبر» بعد 1994، ونقلها من العجز إلى الربحية، وعندما تم إقصاؤه من عمله وجد نفسه متقاعدا براتب لايتجاوز 35 ألف ريال، وحينما ذهب لمتابعة مستحقاته باعتباره حاملا درجة وكيل وزارة بقرار من رئيس الوزراء السابق عبدالقادر باجمال- شفاه الله- قال له أحد المسئولين الكبار: «خلي باجمال ينفعك»!. هذا والرجل مايزال أمينا عاما للحزب الحاكم ومستشارا لرئيس الجمهورية، ولم يتحول بعد إلى معارض!.

الأستاذان الكبيران د.علي محمد زيد، الذي يعمل في منظمة اليونيسكو، ود.حبيب السروري، البروفيسور في الجامعات الفرنسية، موجودان في اليمن، وقد تشرفت بحضور بعض الفعاليات التي أقاماها في صنعاء، وكان ذلك نوعا فريدا من الخطاب والفكر والتناول، أرجو أن يتكرر في أكثر من مدينة في اليمن.

سؤال لمحافظ أبين: متى سيتم تنفيذ قرار القضاء بإطلاق سراح أحمد القمع وعباس العسل بعد أن برأتهما المحكمة؟ أم أن رغبة مدير الأمن فوق سلطة القضاء؟!.

* رئيس الكتلة البرلمانية للحزب الاشتراكي اليمني

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى