اختطاط نهج التسامح

> د. هشام محسن السقاف:

> بدلا من توقيف أستاذ القانون الدولي د. محمد علي السقاف ومنعه من السفر كان من المفروض أن نخطو خطوات باتجاه تطبيع الأوضاع في يمننا الحبيب- خاصة بعد اتفاق وقف القتال في صعدة- وإطلاق سراح المعتقلين والموقوفين على ذمة الحراك الشعبي في المحافظات الجنوبية وبعضهم أدباء وكتاب وصحافيون، واختطاط نهج التسامح والتصالح والاعتراف أن الديمقراطية- المفترى عليها يمنيا -تتعايش في ظلها وتحت مظلتها أطياف مختلفة من الرؤى والتفكير والاعتقاد السياسي والثقافي في إطار القانون والدستور. لكننا نرى تعبئة من نوع آخر لا تخدم الوطن ولا وحدته الوطنية بقدر ما تدفع مثل هذه التعبئة إلى أفعال وردود مضادة، فالسقاف مثلا شخصية قانونية مدنية يتمتع بتلك المزايا التي تضعه في مصاف النخبة المثقفة التي لم ولن تفكر في إطار الاختلاف السياسي أو الفكري الخروج عن القانون أو الدستور، بل هو راصد نابه لخرق القانون والدستور، ووضعه في نطاق الشبهة والتوقيف وبتلك الطريقة التي رأيناها بما في ذلك بعض الكلمات العنصرية النابية التي صدرت من أحد السائقين التابعين للنيابة، كما أشارت إلى ذلك بعض الصحف إنما هو إنذار بضيق صدور بعض المسئولين الذين يرون في هامش الحرية المتاح- رغم هامشيته -تضادا مباشرا على مصالحهم، فيدفعون باتجاهات معاكسة لأماني وآمال وطموحات شعبنا، أما رغائبهم فقد تحددت سلفا في تأبيد الاحتقان والأزمات، بينما يكون بإمكانهم دائما الدفع باتجاه التطبيع والانفراج والالتقاء مع صانع القرار السياسي الذاهب في هذا الاتجاه، عن طريق المشورة التي من المفترض أن يقدموها أو سواها لتعزيز هذا النهج الذي يحفظ اليمن من ملمات التأزيم والاحتقان.

نتذكر أن من هم في مستوى د. محمد علي السقاف قد زج بهم في السجون في سبتمبر عام 1981 في مصر، وكان هناك بين الثلاثة آلاف- يقل العدد أو ينقص- أدباء وكتاب ومفكرون ورجال دين وناشطون سياسيون ومن منظمات المجتمع المدني، لكن ذلك لم يحل دون وقوع كارثة السادس من أكتوبر 1981 من قبل متطرفين إسلاميين ذهب ضحيتها الرئيس المصري محمد أنور السادات رحمه الله.

لا نريد أن تذهب لحظات سانحة لصنع وفاق وطني حقيقي يشارك في صنعه كل أطراف العمل السياسي في الحكم والمعارضة ومن خارجهما والقوى والشخصيات الاجتماعية والثقافية ومجموع منظمات المجتمع الوطني، وجعل اتفاق إنهاء الحرب في صعدة مدخلا لخيارات وطنية يمنية يتفق عليها الجميع على أسس وقواعد الديمقراطية الحقة.

ولعل الحاجة ملحة لإصدار قرار رئاسي بإطلاق سراح المعتقلين والموقوفين على ذمة الحراك السياسي في محافظات الجنوب أو سواها، والتأسيس لمرحلة جديدة من العمل الهادف بناء شراكة وطنية جديدة راسخة وعميقة، وتفويت الفرصة على المتربصين من الحرس القديم وتجار الحروب وصانعي الأزمات، والخروج بالوطن خروجا حسنا من حالات القلق والإقلاق والتخبط إلى أفق الدولة العصرية الديمقراطية التي تحفظ للجميع حياة آمنة مطمئنة.. والله من وراء القصد.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى