كـركـر جـمـل

> عبده حسين أحمد:

> في العالم الثالث عرفنا رجالا يمكن أن يكونوا (ثوارا)، ولكنهم لايصلحون للحكم.. ورأينا رجالا يصلحون للحكم، ولكنهم لاينفعون في حمل السلاح أو القتال.. وعرفنا ثوارا يصلحون للحكم.. وغيرهم لايمكن أن يكونوا ثوارا ولايمكن أن يصبحوا حكاما.. ولأن العالم الثالث من بلاد العجائب فقد اختلط فيه كل شيء.. والأسباب مفهومة وواضحة.

> وفي بعض بلدان العالم الثالث.. لاندري لماذا لانرى العساكر بعد أن يقفزوا إلى السلطة في (ثورة) أو (انقلاب) لايعودون إلى ثكناتهم العسكرية ويسلمون السلطة إلى رجال السياسة من المدنيين.. كما فعل (سوار الذهب) في السودان.. وكما أراد أن يفعل ذلك (محمد نجيب) في مصر.. صحيح أن الأسرة المالكة كانت فاسدة في مصر.. ولكن جاء الحكم العسكري وكان أكثر فسادا وأشد ظلما وقهرا وبطشا.. ثم كيف لم يتغير مفهوم (الثورة) أو (الانقلاب) عند هؤلاء العساكر.. وأن الوصول إلى قمة السلطة فوق (دبابة) لايعني القوة.. وأن هذا القوة لاتكفي وحدها في حكم البلاد والعباد.. ولكن هناك قوة أخرى هي التي أدت إلى التغيير الشامل في العالم كله.. وهي (قوة) الاقتصاد والصناعة والزراعة والتعليم والتكنولوجيا الحديثة وغيرها.

> ومن المؤسف جدا أن أكثر العساكر في العالم الثالث يتوهمون كثيرا بأنهم يعرفون الذي يدور في العالم.. مع أنه لا أحد منهم يعرف أو يفهم بالضبط ما الذي يحدث في الشرق الأوسط.. والذي ربما سوف يحدث بعد الانتخابات الأمريكية القادمة.. بينما نجد بعض الدول العربية لاتعرف أيضا ما الذي يجعل الخلافات فيها- داخليا وخارجيا- وما الذي يجعل بعضها حريصة على تصفية حسابات قديمة وجديدة.. فمن الذي يستطيع أن يحاسب هذه الدول على ذلك كله؟.. إلا إذا كانت الدولة محكومة بالدستور والقانون والديمقراطية بالمعنى الصحيح، كما نجد في الدول الغربية تماما.. وهذا مستحيل.. أما إذا كانت محكومة بالذين يرفعون الشعارات الديمقراطية كذبا وزيفا.. فلا أحد يستطيع أن يفعل شيئا.

> ولابد أن هذه الدول لم ولن تتغير.. ولاتدرك أن غيرها من الدول الأخرى قابلة للتغيير، وسوف يتبدل فيها كل شيء.. فقد عرفت الجماهير فيها ما الذي ينفعها وما الذي يضرها.. ومارست في أكثر الأحيان قدرتها على الرفض والغضب.. وسوف تنجح أكثر إذا كانت مسلحة بالوعي السياسي والبرنامج السياسي.. وإذا كانت لديها قيادة واعية وحكيمة.. ولذلك فهي لاتستحق اللوم والعقاب.. لأنها كانت بعيدة عن الحكم.. ولابد أن يكون غضبها أقوى.. وأن تكون جراحها أعمق.

> ومن المؤكد أننا نتفق على أننا عاجزون عن فعل أي شيء- مشروع الجسر بين جيبوتي واليمن، وخليجي 20 خير مثالين على ذلك- وإن كنا أكثر شعوب العالم قدرة على الكلام.. وأقدر السياسيين في الحكم على مغالطة النفس وقلب الحقائق ثم تصديقها في النهاية.

> هل أصبحنا مثل (تنشالوس) الذي حكمت عليه الآلهة في الأساطير الأغريقية أن يقف في بحيرة من الماء العذب.. ويظل عطشانا إلى الأبد.. وكلما أحس برغبة في الارتواء.. ارتفع الماء حتى شفتيه.. فإذا انحنى إلى الماء انحدر الماء حتى قدميه.. وهكذا إلى الأبد!.

> ونحن نقف على بحيرات من البترول.. أو كأنها بحيرات بلا بترول.. أو كأنها بحيرات مرسومة على الأرض فقط!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى