مس من الجنون.. مطالب أهل الجنوب

> أحمد محمد الحامد:

> من تكون حتى تتطاول وتنتقد، من يعطيك الحق في رفض ما لا يعجبك، من سمح لك بأن تحلم بحياة غير ما نحدده لك، يجب أن تعلم جيداً أن هناك خطوطاً حمراء كثيرة يجب أن لا تفكر حتى بمجرد الاقتراب منها وليس تجاوزها.

وهناك خطوط حمراء جاهزة حسب الطلب تضع لك حداً يوقف شطحاتك ومغامراتك وحتى تطلعاتك مهما كانت منطقية ومعقولة، ولكنها تتناقض مع ما نراه مناسباً، لأننا نحن الأدرى بمصلحتك أكثر منك ونحدد لك ما يجب أن تفكر فيه وتقوله وتعمله وإلا..!!

أي هراء هذا الحراك المسمى بالحراك السياسي لأهل الجنوب، بل لماذا التفكير أصلاً في هذا الحراك، فالوحدة راسخة رسوخ الجبال وأي حراك هو مساس بالوحدة وبالوطن والناس الطيبين القائمين على هذا النظام ويديرون دفة السلطة فيه بالطريقة التي يرونها مناسبة فإن أعجبتك أو لم تعجبك ليس من حقك أن تخالف أولي الأمر الذين يستطيعون أن يشوهوا ويقمعوا ويسجنوا ويقتلوا إذا تطلب الأمر.

إن منطقاً كهذا هو في أقل وصف له يمكن قوله بأنه منطق ممسوخ عقيم لا يلجأ إليه إلا من يفقد المواجهة بالعقل والحكمة ويعجز عن الحوار بل ويخافه لأن الدفاع عن الباطل لايمكن أن يتحقق بالعقل بينما الطريق الصحيح لرفض الحق وتثبيت الباطل يحتاج إلى التعسف والقوة ورفع الصوت بتخوين الخصوم ومصادرة حقهم في القول والعمل معاً.

هل ما يجري في البلاد من عبث وفساد ومصادرة حقوق الآخرين المعنوية قبل المادية وتهميش أبناء الجنوب وابتزازهم لكي ينالوا جزءاً من حقوقهم، والنظرة المتعالية لطرف ينظرون إليه على أنه مهزوم ويجب أن يبقى كذلك حسبهم وفتح السجون لمن يخالفهم الرأي أو يعبر عن مطالب عليها شبه إجماع في الجنوب وهم أعتقد أنهم يدركون ذلك ولكن لا يقرون به وغير مستعدين إلى الآن حتى لمناقشته.

إذا أراد النظام في البلاد أن يعرف ما يجري في الجنوب عليه أن يستمع إلى أصوات العقل التي تحرص على جعل البلاد في مأمن من الانزلاق في منحدرات سيخسر الجميع عندما نهوي إليها.

وإذا كانت السلطة تنكر كل ذلك فهل هي مستعدة أن تستند إلى مؤسسة مستقلة لاستقصاء نسبة السكان في الجنوب الذين يعانون كثيراً من الممارسات وعندها إذا كان أكثرية الجنوبيين ليسوا مع هذه المطالب أو هذه الأطروحات فإن السلطة لها الحق بعدها في أن تسجن من تريد وتخون حسب مزاجها وتحاكم من تشاء كما تشاء.

هذا الافتراض أو الدعوة الموجهة إلى السلطة لا أعتقد أنها ستستجيب لها لسبب بسيط جداً وهو لمعرفتها معرفة جيدة أن الغالبية بل والساحقة رافضة لهذا الوضع الذي لايمكن أن تقبل أن يستمر إلى ما لا نهاية، وإذا أغلقت السلطة كل الأبواب في وجه النقد والملاحظة والاعتراض والتحفظ وطلب إزالة الباطل فإنما هي تفتح أبواباً أخرى للكبت والقمع والسجن والتهم بالخيانة العظمى والصغرى والعمالة لدولة أجنبية عربية وغربية وهي بحاجة إلى تجهيز زهاء المليوني صحيفة اتهام إلى أبناء الجنوب بدءًا من زعماء الأحزاب وأعضاء مجلس النواب مروراً بكل المفكرين والكتاب والعسكريين وحتى عامة الناس أو الغوغاء حسب تعبير ساركوزي لشباب ضواحي باريس من أصول أفرو عربية عندما طالبوا برفع الظلم عنهم ورفض التمييز الذي يعانون منه، وحصل ماحصل ولكنه على أقل تقدير اعتذر، وأما نحن في بلادنا ممكن أن يصفوا شبابنا بهذا الوصف ولم يعتذروا ولن يعتذروا.

ولذلك فإن السلطة مدعوة أن تخصص اعتماد خطة خمسية أو خطتين لبناء سجون جديدة وتجنيد آلاف العسكر لحراسة شعب بكامله أو على أقل تقدير جله ومطلوب منهم أن يستكينوا ولا يتكلموا ولا يحركوا ساكناً ويقبلوا بوضعهم كما تراه السلطة.. وهذا ضرب من الجنون هيهات أن يتحقق، لأن الكبت يولد الانفجار.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى