والآن ماذا؟

> محمد فارع الشيباني:

> هناك حكمة صينية تقول: «إذا لم تستطع أن تنظر إلى الخلف، لأن ماضيك مؤلم، وإذا لم تستطع أن تنظر إلى الأمام، لأن مستقبلك مظلم، فانظر إلى الأعلى».

ونحن في عدن وصلنا إلى هذه الحالة، وبعد أن وصلت أرواحنا إلى حلوقنا لم يعد أمامنا إلا أن ننظر إلى الأعلى.. أن ننظر إلى السماء.. أن نلجأ إليه سبحانه وتعالى طالبين منه الفرج، وهو على كل شيء قدير.

منذ ثماني عشرة سنة والوعود تنهال علينا، وتصم آذاننا المليارات من الدولارات التي سوف تستثمر في عدن والآلاف من أحجار الأساس التي توضع لمشاريع سوف تنفذ في عدن.

ثماني عشرة سنة ونحن صابرون، نتألم بصمت ونحزن بصمت وننام بصمت ونبكي أحيانا كثيرة بصمت، صابرون لعل وعسى، نتابع القليل منا وهم يغتنون ويسكنون القصور بعد سكن الشقق الضيقة، ويصبحون (أغنياء وحدة)، ولم نحقد عليهم ولم نحسدهم، وكنا نقول ونردد تلك المقولة العدنية الشهيرة: «الذي أعطاهم بايعطينا».

ثماني عشرة سنة والإذاعة والتلفزيون والصحف الرسمية تصم آذاننا وتطاردنا في الشارع وفي منازلنا، وحتى في غرف نومنا عن المشاريع التي أنجزت بالمليارات، وعن المشاريع التي سوف تنجز في القريب العاجل.

ثماني عشرة سنة ونحن نتظاهر بأننا نلعب معكم لعبة الديمقراطية والتعددية الحزبية، ونشارك في انتخابات نعرف مسبقا من سيفوز فيها، لعبنا معكم لعبة الحزب الحاكم وأحزاب المعارضة، وأنتم واحد، لافرق بينكم إلا في كيفية الضحك على عقولنا.

ثماني عشرة سنة ونحن نراكم تتخاصمون ثم تتفقون تم تتحاورون، ونحن لاندري لماذا اختلفتم؟ وعلى ماذا اتفقتم؟ وفي أي شيء تتحاورون؟ لأنكم بالنسبة لنا واحد (سلطة ومعارضة)، ألا تسكنون في القصور الفخمة المتشابهة، ألا يذهب من يصاب بالبلاء منكم للعلاج في أوروبا وأمريكا ودول الخليج، ويموت أولادنا المرضى، لأننا لانجد لهم الدواء، وإذا وجد لانملك ما نشتري به، ألا تتنقلون كلكم (سلطة ومعارضة) بنفس السيارات، ويركب أبناؤكم آخر وأفخم السيارات، ونقتل أولادنا بالمشي إلى المدارس، وتعبنا من الذهاب إلى أعمالنا بباصات أنتجت قبل عشرات السنين وخرجت عن العمل في بلدان كثيرة، ألا يذهب أبناؤكم للدراسة في أمريكا وأوروبا ودول غرب آسيا، ونحن لانستطيع أن نوفر الأقلام والدفاتر لأولادنا لكي يدرسوا في مدارس لاتحتوي على كراسي ليجلسوا عليها؟!.

إذا ما الفرق بينكم (سلطة ومعارضة)، أنتم جميعا تمارسون خداعنا والكذب علينا وإيهامنا بوجود أشياء لا وجود لها؟!. لقد صبرنا عليكم لمدة ثماني عشرة سنة، ونحن نحاول أن نكذب على أنفسنا وأن نصبّر أنفسنا بأن الخير قادم، ولذا نقول لكم اختلفوا كما تشاؤون وتحاوروا كما تشاؤون حتى إلى يوم الدين، لأن ذلك كله لم يعد يهمنا.. لم يعد يهمنا أن تختلفوا على كيفية تشكيل لجنة الانتخابات، لأن الانتخابات نفسها لم تعد تهمنا.. لقد لعبنا معكم حتى الآن لعبة الديمقراطية، آملين أن يحصل شيء وأن تتحسن أحوالنا المعيشية، ولكن مع الأسف وجدناكم تكذبون علينا، أنتم المستفيدون، من كان منكم في السلطة ومن كان في المعارضة، فأنتم واحد لافرق بينكم.

والآن ماذا؟، ماذا أنتم فاعلون بنا؟، فقد وصلت الأسعار، خاصة المواد التموينية إلى أرقام لم تعد رواتبنا تقدر عليها.. أما الفواكه والخضر الضرورية فإننا وأطفالنا نراها في الأسواق ولانقدر على شرائها.

ماذا الآن؟، وماذا أنتم فاعلون بنا؟، ونحن في ذمتكم أمام الله؟، إننا لم نعد قادرين على تحمل أي شيء، وأي وعود أخرى، ولا وضع حجر أساس لمشاريع.. أصبحنا غير قادرين على تحمل خلافاتكم واتفاقاتكم وحواركم وحتى انتخاباتكم، ولم يعد يهمنا تحميل المسئولية لبعضكم البعض، ولن نقرأ بعد الآن بيانات الإدانة التي تصدر من طرف منكم ضد الطرف الآخر، فأنتم لنا طرف واحد.

اتقوا الله فينا!. أما نحن فقد وجهنا أعيننا نحو الأعلى نحو السماء.. نحوه سبحانه وتعالى، فهو القادر على كل شيء.. وهو حسبنا ونعم الوكيل.. حسبنا الله ونعم الوكيل.. اللهم احفظ عدن آمين يارب العالمين!!.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى