ثلاثة.. رابعهم ميناء في المكلا

> محمد عمر باجنيد:

> أكدت أقوال عرب الجاهلية أن الغول والعنقاء والخل الوفي ثلاثة لا وجود لهم.. ولو عرف العرب الجاهليون أن مدينة المكلا إحدى حاضرات العرب القليلة ذات الإطلالة المثيرة على الماء - لو عرفوا - أنه لا يوجد بها ميناء لجعلوها فاتحة الأربع المستحيلات في الدنيا وأعادوا التصنيف لتصبح إقامة ميناء في مدينة المكلا أولها ويأتي بعد ذلك الغول والعنقاء والخل الوفي.

فلم يعد الكلام عن أهمية إنشاء ميناء في المكلا مجديا لأنه ليس جديدا بل بات مملا.. لكن التذكير في كثير من الأحايين يفيد ولو من باب (أني أديت واجبي) فمن لم يعرف في المرة الأولى والمرة المائة فيمكن أن تصل إليه جدوى ميناء في المكلا في الإعادة رقم مليون.. المكلا مدينة تطل على بحر العرب فيها ميناء صغير جداً وقديم جداً، الغاطس فيه يقل عن العشرة أمتار.

وتردد أن إنشاء ميناء عصري في المكلا أمر تقتضيه مرحلة التنمية العظيمة التي تشهدها البلاد في كل ترابها على أن يكون الميناء الجديد بحجم التنمية، ولهذا لن يقوم الميناء حتى يكون للتنمية مقياس يمكن بوساطته قياسها، ومن ثم يكون حجم الميناء ومساحة رقعته وعمقه يتناسب وما تخرج به المقاييس.

كما أن أحداً لا يمكن الجزم بموقع الميناء هل هو في بروم أم ضبه؟ أو أن هناك حلا وسطا كما يتردد بأن يكون واحد من الموقعين ميناء حكوميا والآخر تجاريا.

اللافت في الأمر أن ميناء المكلا الصغير والضعيف في عملية الاستيراد والتصدير بلغ إجمالي البضائع المستوردة عبر بوابته في 2007م حوالى 75مليون دو لار بينما كان حجم البضائع المصدرة منه أقل من مليوني دولار أمريكي وهي أرقام لا تتناسب وموقع المكلا على بحر العرب. ورغم ذلك القصور فإن الميناء لازال يفرض رسوما على التجارة تصل إلى %3 تحت مسمى (الخيرية)، وهي رسوم توقع الضرر على الميناء من جهة لأن التجار اضطروا إلى الاستيراد عبر مينائي الحديدة وعدن، وعلى المواطن العادي من جهة أخرى لأنه يتحمل فرق التكلفة على السلع كأنما لا تكفيه المعاناة من فواتير الكهرباء والمياه والضرائب و (حق القات) في كل مراجعاته للدوائر الحكومية.

نسبة الـ(%3) تذهب لدعم المحافظة.. وهو دعم كان أجدر بالسلطة المحلية أن تتخلى عنه وتطالب بحصة حضرموت من عوائد البترول لاسيما أنها بصدد الإعداد لميزانية العام القادم وحاجة حضرموت من المشاريع.

وللخروج من أزمة ميناء المكلا فإن الحل يكمن في طرح إنشائها في مناقصة عامة وستوفر بذلك على الدولة البحث عن تمويل ومن ثم إشكالية التشغيل، كما هو حادث الآن في ميناء الحاويات بعدن.

ولعل تجربة إنشاء رصيف في ميناء المعلا بوساطة إحدى البيوتات التجارية، التي تصل مدتها إلى 50 عاما، أثبتت نجاح القطاع الخاص في سرعة تنفيذه للمشاريع المنوطة به رغم إعفاء سفن الشركة من الرسوم فيما تدفع السفن الأخرى الراسية %40 فقط من رسوم الإرساء المعمول بها في الأرصفة التابعة لمصلحة الموانئ.

بينما يمكن وضع شروط مسبقة من الدولة للجهات المتقدمة لإنشاء ميناء في المكلا تحقق للبلاد عوائد مجزية أهمها تنشيط الحركة التجارية في حضرموت وتخفيف حدة البطالة وتحويل المكلا إلى عاصمة مالية.

المكلا تتمتع بموقع جذب تجاري وسياحي على الماء (المحيط الهندي) وما تحتاج إليه هو نظرة ثاقبة للمستقبل والإفادة من موقعها بتوجه اقتصادي جاد بعيدا عن السياسة ودهاليزها ومكايداتها، وعند ذلك سيكون ميناء المكلا من أهم الموانئ العالمية المطلة على المحيط الهندي بدلا من أن يكون رابع الثلاثة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى