المماحكة بالوحدة والانفصال

> محمد عبدالله الموس:

> ينتفض البعض حين يسمع مصطلح (القضية الجنوبية) ولايحرك هذا البعض ساكنا حين يعتلى أحدهم منبر جامع أو منصة خطابة أو مجلسا في ندوة أو مساحة في صحيفة لـ(يكفّر أو يفسّق أو يخوّن) أطرافا ومناطق في الوطن، اعتقادا منهم أن الأولى تضر بالوحدة، فيما الأخرى ترسخها، وربما تشفي غليلا ما.

تصطلي عدن بالنصيب الأكبر من الإساءة والتهجم اللذين يمسا أخلاق وقيم أهلها بصورة مباشرة أو غير مباشرة، ويغيب عن بال هؤلاء أن سكان عدن قبل الوحدة- المستهدفون بالإساءة- لايشكلون سوى 30% تقريبا من سكانها اليوم، معظمهم هجر الشواطئ والمتنفسات بسبب ضيق ذات اليد، أو لأن الشواطئ والمتنفسات أصبحت أملاكا خاصة.

«أجت العدنية» قالها طبيب (نعتقد أنه أدى قسم أبقراط!) في مركز القلب في صنعاء لسيدة من عدن، وأتبع ذلك بشتائم، وأرخى ربطة عنقة مهددا بضربها، وقال: «روحي عدن!». ذلكم في العاصمة، أما في عدن فإن الحقوق ضائعة من الممتلكات المنهوبة إلى (نصف) الحقوق المعيشية الموعود بها المتقاعدون.. وهلم جرا.

حين تفشل صفقة بين الأطراف السياسية يذهب البعض مباشرة إلى الهجوم على دعوات الإصلاح السلمية، والتمترس خلف شعار الدفاع عن الوحدة، متناسين أن الوحدة ملك لكل مواطن، ولايملك أحد الوصاية عليها، وأن الإصلاح لايتعارض معها، وأن بعض الطروحات تضر بتماسك نسيج المجتمع وبالوحدة، حتى إن اعتقد البعض أن طروحاتهم هذه قصد بها الدفاع عن الوحدة.

لم يكن الشمال ألمانيا الغربية، كثالث قوة اقتصادية في العالم، ولم يكن الجنوب في مستوى ألمانيا الشرقية، ولم يكن أي من المجتمعين في الشمال والجنوب، واحد (عصبة الشياطين) والآخر (سرب الملائكة)، ولا حاجة لاستدعاء الماضي الذي يوحي بالتمييز الكاذب، من أن الجنوب كان فيه سيارتان، أو أن أهله متخلفون، ولايعتقدن أحد أن (سجاد الإسفلت)، الذي يذهب مع أول (رشة) مطر أو كابلات الهاتف- التي لايقوى معظم أبناء المدن (ناهيك عن أبناء الريف) على استخدامها للاتصال أو للمعلوماتية- إنجازات خارقة للعادة، فهي أقل بكثير مما شهده جوار أقل منا إمكانات، وكان أكثر منا تخلفا إلى عهد قريب قبل أن نصير في ذيل القائمة تخلفا وفشلا.

الوحدة ليست موضوعا للمماحكة والتشنج في وهم الدفاع عنها، ورد الفعل المعاكس لايؤتي ثمارا، كما لو تم تناول المنغصات والبحث في معالجات تخرج من التقوقع الشطري، ولايصح أن يتم التراجع عن المعالجات التي تمليها الحاجة إلى الإصلاح لمجرد أن صفقة فشلت.

برلماننا الموقر حرم المجتمع من خطوة إصلاحية كنا نتوقعها، فقد أعاد إقرار قانون سارٍ في خطوة لاتخلو من مماحكة، إذ لاندري هل سيعاد إصدار قانون الانتخابات برقم جديد موديل 2008؟!.

حالنا مع برلماننا العتيد كحال صديقي (الجابري) شاعر أبين مع (كنانه)1:

الجابري قال جاني ماطري من كناني

لا حل له من كنان

ذي كنت ظنه ضماني نا وبهمي2 وضاني

خسرت فيه الرهان

وأمسيت في البرد والماطر هطيله3 هذاني4

ولا لقيت الصون

إن كان خوفي يجي من حيث واكن أماني

منين عاد الأمان؟

هامش:

1- كنان: مكان الاحتماء من المطر

2- بهمي: البهم صغير الماعز

3- هطيله: انهماره (المطر)

4- هذاني: بللني

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى