حكاية نصف قرن بين «العربي» و«الأيام»

> أحمد يسلم صالح:

> واحدة من المصادفات الجميلة أن يتزامن احتفال مطبوعتين رائعتين بالذكرى الخمسين لتأسيسهما: «الأيام» العدنية و«العربي» الكويتية. ونحن لسنا بصدد الحديث عن مستوى النجاح والتميز وروح المثابرة والإبداع الذي يلمسه كل قارئ لهاتين المطبوعتين المتميزتين اللتين تشكلان علامات مضيئة لا تخطئها عين في بلاط صاحبة الجلالة، مع الإشارة إلى حالات الإيقاف القسري التي عانت منه «العربي» بسبب الغزو (الصدامي) للكويت أغسطس 90م، و«الأيام» بمنعها كبقية الصحف الأهلية من الصدور بُعيد الاستقلال الوطني مباشرة، ومع ذلك خرج كل منهما ينتفض من بين الرماد أشبه بالطائر الأسطوري يزداد ألقاً وتألقاً أو أشبه بالمعدن النفيس تزيده النار وميضاً ولمعاناً.

لي أن أذكر حادثة تأملية أردت هنا فرصة لتدوينها في ذكرى «الأيام» الخمسينية، تعكس مدى شعبية هذه المطبوعة اليومية بين أوساط مختلفة وشرائح متعددة، تمثل لهم «الأيام» زاداً يومياً لا ينضب، ففي أحد الأيام حين كانت وجهتي إلى مسقط الرأس عبر طريق متعددة الالتواءات والمسالك، حرصت أن أحمل هديتي إلى أبي وزملائي مطبوعات أو صحفاً كانت «الأيام» أهمها طبعاً وإلى حين تراءى لنا من بعيد رجل خمسيني يسير خلف قطيع من الأغنام بمعية طفليه تبدو عليهم قسوة الطبيعة ماثلة.

وبمجرد اقتراب سيارة اللاندكروز (صالون) أوقفنا الرجل في أحد منعطفات ثنهة - حطاط، (طريق باتيس - رصد حالياً) ليبادلنا التحية والسلام إلى أن بادرنا بالسؤال: معكم «الأيام»؟ ليرد عليه جاري في المقعد ممازحاً ومشيراً بـ(نعم). لكن الرجل الذي لم تكن لي سابق معرفة به عاود السؤال بإلحاح عن «الأيام» الصحيفة، حيث لا وقت عنده للممازحة، ولمَ لا وسائق السيارة كان في عجلة من أمره.

التفت كل منا صوب صاحبه في تلبية طلب هذا الرجل، ودفع إليه أحدهم بمطبوعة طبعاً لم تكن «الأيام» لكنه على الفور لم يأبه بها بل ردها حانقاً إليه ومتأسفاً لعدم تلبية طلبه.

ومع شدة حرصي على هديتي الثمينة كما أسلفت لم أجد بداً من إخراج نسختي ودفعها إليه، وهناك انبلجت أسارير الرجل ولكم أن تعرفوا كم شكرني بل وألح في السؤال عني وعن نسبي، كما لو أن الرجل وجد ضالته ومن يومها صرنا صديقين ويجمعنا حب «الأيام»، وكلما مررت قاصداً قريتي لا أنسى قطعاً أن أحمل هديتي إلى الرجل في كل مرة. ناهيك عن كثيرين لمست لديهم حرصاً على أرشفة «الأيام» وحفظها مجلدات كالاحتفاظ بالجواهر الثمينة، هذا بالطبع يعكس نجاح أي مطبوعة وحب الناس الارتباط بها.. وخلف هذا النجاح ساعات من القلق والوقت والجهد والدقة في الوصول وانتظام الإصدار.

أتذكر حين قرر الناشران العزيزان هشام وتمام باشراحيل معاودة الإصدار اليومي للصحيفة كان هذا القرار يمثل تحدياً حقيقياً راهن كثيرون على صعوبته، لكن حكمة اتخاذ القرار في الوقت المناسب والزمن المناسب أضافت نجاحاً جديداً للسجل الذهبي لـ«الأيام» لتزداد ارتباطاً وحضوراً في الساحة الإعلامية الوطنية والدولية عكس إرادة حقيقية واحترافية مهنية شهد لها القاصي والداني.

من الشواهد التي تعكس ثقة الكثير من المغتربين الذين صادفتهم أو تشرفت بمعرفتهم في دول شتى في العالمين العربي والأجنبي، تأكيدهم على اعتبار «الأيام» بدخولها عالم الشبكة العنكبوتية مصدرهم الأساسي والوحيد أحياناً في متابعة الأوضاع في البلاد. تحية صادقة وخالصة لـ«الأيام» في ذكرى تأسيسها الخمسين ولناشريها العمر المديد وكل من ارتبط بها ومن نجاح إلى نجاح بإذن الله.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى