«الأيام» ومشوار من العطاء

> طه حسين بافضل:

> ليس من السهل على المرء أن يصل بعمله ومشروعه إلى مدارج التفوق والتميز والإبداع، وليس من البساطة واليسر أن يصعد به إلى القمة ويتربع مدة من الزمن.

الكثير يمل من السير في طريق العمل والإنجاز ويتعب ويتراجع فيتأخر أو يتوقف إلا القليل الذين دأبوا على الصمود في وجه المتغيرات والتغلب على المصاعب وتجاوز العقبات وتجلدوا لبلوغ المجد والعلياء.

دببت للمجد والساعون قد بلغوا

جهد النفوس وألقوا دونه الأزرا

وكابدوا المجد حتى مل أكثرهم

وعانق المجد من أوفى ومن صبرا

لا تحسب المجد تمرا أنت آكله

لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبرا

وهكذا كانت صحيفة «الأيام» الغراء لم تمل أو تضعف أمام الأعاصير العاتية والأحداث الكبيرة، والمعوقان المتكاثرة بل دأبت منذ نشأتها ومرورا بحقب تاريخية متعددة أن تستمر على النهج الذي اختطته لنفسها بقيادة مؤسسها العميد الأستاذ محمد علي باشراحيل- رحمه الله- ثم سار على ذلك أبناؤه وزملاء مهنته ومحبوه، وهذا درس من دروس الحياة يستفيدها المتتبع لأثر الناجحين والمبدعين.

وتزداد المهمة صعوبة عندما تكون في ديوان صاحبة الجلالة، فهي شاقة على من ارتضى لنفسه الانضمام إليها والالتحاق بركبها، فكم من صحف نشرت ثم توقفت! وكم من مجلات ودوريات كان ينظر إليها أنها صاحبة الريادة والقيادة، ولكنها كانت أضعف من ذلك بكثير، فتناوشتها التصدعات الداخلية وقلة المؤنة وضعف الزاد أو جور السلطان، وربما طاش قلم أصحابها فكان وبالا عليها وعلى تاريخها فصارت أثرا بعد عين. ليس من السهولة أن يبدأ المرء العمل والمشروع، فهذا يستطيعه الأغمار وصغار الشباب، ومن ليس له أدنى دراية بالحياة وتقلباتها، ولكن الأهم كيف يواصل المسير ويقطع مفاوز الطريق وينجح في مشروعه الذي بذل له من وقته وماله وراحته، فخير الأعمال أدومها وإن كان قليلا، والمرء يولد جنينا وليس شابا رشيدا دفعة واحدة، وهذه قضية وعتها جيدا أسرة تحرير «الأيام» منذ الوهلة الأولى، فمن يرى عددها الأول فيه من البساطة والتواضع الشيء الكثير، ولم تقفز على خطواتها وتتجاوز مراحلها أو تحرقها، بل بدأت رويدا رويدا، ومازالت حتى صار عشاقها ومريدوها يستكثرون عليها راحتها الأسبوعية (الجمعة)، ويأملون أن لو كانت موجودة بين آناملهم.

إن «الأيام» حبلى بالجديد كحال الأيام التي تعيشها، فالقادم حسب ظني بآل باشراحيل أنهم لن يقفوا عند حد هذه الصحيفة، بل التجديد والتحديث هو ولاشك في رأس قائمة خططهم المستقبلية.

هنيئا لـ «الأيام» يوبيلها الذهبي ومزيدا مزيدا من العطاء.

[email protected]

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى