مسميات (عبري- إسرائيلي- يهودي) في المصادر اليهودية

> ماجد عبدالرشيد محمد طيب :

> لقد عرف اليهود عبر العصور بأكثر من تسمية وبسبب هذا التعدد في المسميات أصبح هناك خطأ شائع في عدم التفرقة فيما بينها، حيث استخدمت مسميات (عبري - إسرائيلي - يهودي) دون تفريق لمعانيها ودلالاتها التاريخية والدينية، والحقيقة أن كل تسمية منها تدل على معنى خاص وتشير في الوقت نفسه إلى مرحلة تاريخية معينة من مراحل التاريخ اليهودي.

وهنا نحاول أن نشير إلى الاختلافات في هذه المسميات، وترتيبها حسب أولوية ظهورها في التاريخ.

1- تسمية عبري:

عبر كلمة مفردة جمعها عبريون، وترد أيضاً عبراني وجمعها عبرانيون، وقد وردت هذه التسمية منسوبة إلى إبراهيم عليه السلام، حيث تطلق عليه التوراة اسم (أبرام العبراني) وتشتق هذه التسمية من الجذر الثلاثي العبري (..) المقابل للجذور الثلاثي العربي (عبر) وهو معناه في اللغة العبرية المتنقل أو المرتحل، بينما يرى بعض الدارسين أن تسمية عبر مأخوذة من عابر أحد أجداد إبراهيم عليه السلام.

كما يحمل لفظ (عبري) دلالات أخرى منها دلالات على غربة الشعب المسمى بهذا الاسم، فقد ورد لفظ عبري في مواضع كثيرة من التوراة بمعنى الغريب أو الأجنبي ونشير أيضاً إلى أن كلمة (عبري) تستخدم للدلالة على اللغة التي تحدثت بها هذه الجماعات المشار إليها وهي اللغة العبرية.

2- تسمية إسرائيلي:

إن تسمية إسرائيلي لها دلالتان:

- دلالة عامة لها قصة تعود إلى ما ورد في التوراة عن تغيير اسم يعقوب عليه السلام إلى إسرئيل في سفر التكوين (فبقي يعقوب وحده وصارعه إنسان حتى طلوع الفجر ولما رأى أنه لا يقدر عليه ضرب حق فخذه فانخلع حق فخذ يعقوب في مصارعته معه وقال: أطلقني لأنه قد طلع الفجر، فقال لا أطلقك إن لم تباركني فقال له ما اسمك فقال يعقوب، فقال لا يدعى اسمك في ما بعد يعقوب بل إسرائيل، لأنك جاهدت مع الله ومع الناس وقدرت وسأل يعقوب وقال أخبرني باسمك، فقال لماذا تسأل عن اسمي. وباركه هناك فدعا يعقوب اسم المكان فينئيل قائلاً لأني نظرت الله وجهاً لوجه ونجيت نفسي وأشرقت له الشمس..).

ولا تخلو هذه القصة من عناصر أسطورية تم وضعها لتعليل تغيير اسم يعقوب إلى إسرائيل بالإضافة إلى ما ورد من تشبيه وتجسيد للإلوهية.

ويجب أن نذكر هنا أن القرآن الكريم استخدم اسم (إسرائيل) علماً على يعقوب عليه السلام، ولكنه لم يقرن ذلك بأي تعليل ?{كل الطعام كان حلاً لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة}.

ويمكن اعتبار الأسطورة التي ارتبطت بتغير اسم يعقوب عليه السلام إلى إسرائيل من نوع الأسطورة التي يطلق عليها علماء التاريخ اسم أسطورة الأصل أو التبريرية، وهدفها هو إعطاء تفسير تصوري لأصل عادة أو تعليل اسم أو شيء، وقد اعتبر مؤرخو الأديان هذه القصة محاولة لتعليل التسمية الجديدة لإسرائيل التي تعني المجاهد مع الرب.

ويبدو أن التوراة هدفت بهذه التسمية الجديدة الفصل بين نسل إسحاق ونسل إسماعيل المشتركين في أبوة إبراهيم جد يعقوب بن إسحاق وبالتالي فإن هدف هذه الأسطورة هدف عنصري وهو تخصيص نسل يعقوب عليه السلام وتسميتهم بالإسرائيليين والحط من شأن نسل إسماعيل وجعل النبوة والوحي محصورين في إسحاق فقط.

ويمكن القول أن تسمية إسرائيل أصبحت تطلق على كل العبريين بعد تغيير اسم يعقوب إلى إسرائيل وأصبح تعبير (بنو إسرائيل) يستخدم للإشارة لكل العبريين ويمكن اعتبار القرن التاسع عشر ق.م. عصر بداية استخدام اللفظ (إسرائيل) كبديل للفظ (عبري).

أما بالنسبة للدلالة الخاصة فهي دلالة سياسية جغرافية متأخرة الظهور، ويؤرخ لظهور هذه الدلالة السياسية والجغرافية بحدث تاريخي مهم هو انشقاق مملكة داود إلى مملكتين: إسرائيل الشمالية وعاصمتها شكيم ثم السامرة، ومملكة يهودا الجنوبية وعاصمتها أورشليم ويبدو أن هذا الانشقاق قد حدث حوالي 932ق.م. ومنذ هذا التاريخ بدأ استخدام التسميتين إسرائيلي ويهودي كتسميتين ذات دلالاتين سياسية وجغرافية معبرتين عن الانتماء إلى كيان سياسي مستقل هو مملكة إسرائيل أو مملكة يهودا.

3- تسمية يهودي:

وهي التسمية الثالثة في الترتيب التي عرف بها اليهود ولهذه التسمية دلالة عامة وخاصة.

فهي من ناحية دلالتها العامة تطلق على كل من يعتقد في الديانة اليهودية ويؤمن بها ويمارس طقوسها وشعائرها، فيهودي نسبة إلى الديانة اليهودية كـ(مسلم نسبه إلى الديانة الإسلامية)، فهي إذن دلالة دينية خالصة.

وأما الدلالة الخاصة فهي تشير إلى الانتماء إلى كيان سياسي جغرافي هو مملكة يهودا في الجنوب التي ظهرت كما أشرنا بعد انشقاق ملك سليمان إلى مملكتين شمالية وجنوبية.

وكلمة يهودي كمصطلح تعود إلى الاسم يهودا وهو أحد أبناء يعقوب عليه السلام، وبالتالي فهو أحد أسباط بني إسرائيل حسب التعبير القرآني حيث يعتبر يهودا أهم شخصية في قصة يوسف عليه السلام مع أخوته بحسب المصادر اليهودية وذلك لعدة أسباب:

1- إشارة يهودا بعدم قتل أخيه يوسف عليه السلام.

2- إن يهودا هو الذي تسبب في بقاء أبيه وإخوته أحياء أثناء الجوع الشديد الذي حدث في الأرض بعد أن أقنع أباه يعقوب بضرورة إرسال أخيه إلى مصر حسب طلب يوسف وإلا منع عنهم القمح.

ويمكن القول أن كلاً من تسمية عبري وإسرائيلي ويهودي مازالت مستخدمة وأن كلاً منها يدل على معنى خاص:

فتسمية عبري تستخدم للدلالة على اللغة وتسمية إسرائيلي تستخدم للدلالة سياسياً على الكيان الذي اتخذ من فلسطين موطناً له بينما تسمية يهودي أصبحت تشير إلى من يدين باليهودية وانحصر استخدامها في هذا المعنى الديني.

هذا فيما يخص هذه المسميات ودلالاتها في المصادر اليهودية على أن نكمل لكم في عدد لاحق هذه المسميات ودلالاتها في المصادر المسيحية والإسلامية.

باحث

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى