> نجيب محمد يابلي:

ما الذي جرى ليرامس؟ لن يجيب عن هذا السؤال إلا الذين عايشوا أبين في فترة الخمسينات أو الستينات من القرن الماضي، سواء في نطاق محمية عدن الغربية أم اتحاد الجنوب العربي، أما أبناء هذا الجيل سيجد ضالته المنشودة في النشرة التعريفية لـ(جمعية وادي حسان للخدمات والتسويق التعاوني، م.أبين) التي أعدها أ.منصور محمد ناشر، و أ.زين أحمد، و م.وليد علي عثمان، وورد فيها أن منطقة يرامس تقع في أعلى وادي حسان (أحد الأودية الرئيسية بمحافظة أبين) وترتفع عن مستوى سطح البحر 500 متر تقريبا.

لم يصدر من فراغ قرار الخبراء البريطانيين باختيارها في منتصف خمسينات القرن الماضي كمنطقة آثار لبذور القطن طويل التيلة، إنما لتوفر جملة من الخصائص التي تتمتع بها، فخصوبة تلك الأرض (يرامس) كانت وراء الشهرة العالمية لقطن دلتا أبين الذي سمي بقطن أبين بورد ABYAN BOARD وتنوعت المحاصيل الزراعية في دلتا أبين، ونشأت على خلفية ذلك الانتعاش (جمعية يرامس).

بلغ إنتاج القطن عام 1961 أكثر من (31) مليون رطل، في حين انحدر إنتاج القطن عام 2004 إلى أقل من (8) ملايين رطل، وانخفضت المساحات الزراعية من 4500 فدان إلى 1000 فدان تقريبا عند نهاية القرن الماضي، وانخفض إنتاج القطن إلى 800 - 950 ألف رطل سنويا.

من يصدق أن جمعية يرامس شهدت عصرها الذهبي آنذاك، ودخلت التاريخ من أوسع أبوابه، وكانت القامة والهامة التي رفعت رؤوس أبناء السلطنة الفضلية، وتجلت عظمة يرامس وجمعيتها التعاونية في المكاسب الآتية:

-1 تحقيق إنتاجية عالية في مجال المحصول النقدي CASH CROP (قطن) جاوزت (31) مليون رطل، وكانت السلطنة تستقطع سنتا واحدا من قيمة كل رطل لصالح البعثات الطلابية إلى الخارج.

-2 تحقيق أمن غذائي، وتمثل ذلك في إنتاج الحبوب والخضروات والفواكه، وانتهاج المقايضة مع المناطق المجاورة، حيث اتفقت جمعية يرامس مع جمعيات أخرى على التبادل السلعي، واتفقت على سبيل المثال مع نظيرتها في يافع على تزويدها بالذرة الرفيعة مقابل البن، ومع نظيرتها الحضرمية على تزويدها بالحبوب مقابل التمر.

-3 رافقت التنمية الاقتصادية تنمية اجتماعية تمثلت ببناء مدارس ومستوصفات، وامتدت رسالتها إلى ابتعاث الطلاب للدراسة الثانوية و الجامعية إلى عدن والقاهرة ولندن، ومن أبناء المنطقة الذين ابتعثوا: الفنان محمد محسن العطروش ود.مريبش ود.المعلم ومهدي حسين جعبل وعلي حسين حيدرة ود.عبدالله أحمد عبدالله الفضلي ود.منصور جميع وغيرهم.

وماذا في جعبة الشيخ محمد حسين الفضلي؟

الشيخ محمد حسين حيدرة الفضلي، من أبناء يرامس، وهو نجل الشيخ حسين حيدرة، يرحمه الله، وكان من أعضاء المجلس القبلي قبل الاستقلال.

الشيخ محمد حسين الفضلي، رئيس جمعية وادي حسان للخدمات والتسويق التعاوني الذي تكرم بتزويدي بكل المعلومات الواردة في هذا الموضوع، قال لي: «هل تتصور أن يرامس التي عرفت في نهاية أربعينات القرن الماضي المحكمة وقسم الشرطة والمستوصف قد جردت من كل ذلك، في حين أن من أبناء يرامس قادة ألوية وعمداء كليات ورجال أعمال ولاتوجد فيها طريق ولا كهرباء».

يضيف الشيخ محمد حسين الفضلي: «منطقتنا عامرة بالثروات، لكنها لم تجد من يأخذ بيدها ويضع النقاط على الحروف ويفتحها للاستثمار، والفرص فيها واعدة، كما كانت في الماضي، فهناك الثروة المائية والثروة السمكية (شقرة) والثروة المعدنية وسبق أن سلمت هيئة المساحة الجيولوجية عينة من حجر جيري نقي (كربونات الكالسيوم)، وهي صالحة للاستغلال في مجال الإسمنت والصناعات الكيماوية وصناعات أخرى مثل الطلاء والحديد والورق وغيرها، ولكي تصل الشركات الاستثمارية إلى المنطقة قمت بإنشاء طريق على حسابي الشخصي».

يمضي الشيخ الفضلي في إفادته قائلا: «شقرة تتوسط الطريق الساحلي بدءا من بلحاف وانتهاءً بخور العميرة، وكانت هناك ثلاجة ضخمة للصيد في شقرة، وكان فيها مصنع للسمك حاز على جوائز في معارض دولية، وصيادو شقرة يوردون إلى خزانة الدولة (48) مليون ريال سنويا، ولايجدون مقابل ذلك أبسط الخدمات، ومنها رش المستنقعات بمبيدات البعوض».

لم يأكل الصياد والمزارع من ثمرات الصندوقين

قال الشيخ محمد حسين الفضلي: «حدثتك عن يرامس والثروات المائية والمعدنية وحدثتك عن شقرة، التي كانت يوما ما ميناءً وقبل ذلك كانت عاصمة للسلطنة الفضلية وموئلا للنشاطات السمكية أو الصيادية.

هناك يا عزيزي صندوق لدعم الصياد وصندوق آخر لدعم المزارع، ولم يقدما شيئا يذكر لهما، بل إن الآبار في شقرة كانت شغالة والذي أحبطنا أن المعدات والشبكات الملحقة بالآبار سرقت بعد حرب صيف 1994، ولم تخضع لإعادة التأهيل، فلابد من وضع النقاط».

شملان يقترح وعبدربه منصور يزكي ولاحياة لمن تنادي

قدم الشيخ محمد حسين الفضلي صورة من مذكرة مؤرخة في 19 نوفمبر 2007، رفعها الأستاذ محمد صالح شملان، محافظ أبين السابق إلى الأستاذ عبدالقادر علي هلال، وزير الإدارة المحلية تضمنت اقتراحا بجعل شقرة مديرية جديدة بموجب قرار المجلس المحلي بالمحافظة رقم (5) المتخذ في دورته الاعتيادية الثالثة لعام 2007، وتضمنت المذكرة تأشيرة نائب رئيس الجمهورية الأخ عبدربه منصور هادي، ونصها: الأخ وزير الإدارة المحلية المحترم..

يعتمد المقترح ويتم التوجيه للمصلحة العامة.

قال الشيخ الفضلي: «تصور بدلا من أن نتواصل مع شقرة القريبة منا، ألزمونا بالتواصل مع مديرية خنفر التي تبعد عنا (120) كيلومترا.

هذه القضية التي دعمها الأخ النائب تشكل جزءا من التعقيدات التي نواجهها في المنطقة».

أقول للشيخ محمد حسين حيدرة الفضلي: لقد قرأت خطابك واستوعبته، ولكن من يقرأ خطابك، وإن قرأه فهل سيستوعبه؟ إلا إنني أطمئنك أن الأمور مهما اشتدت، إلا أنها ستنفرج، لأن هذا هو منطق التاريخ.