المهرة.. بين الأمس واليوم

> أحمد عمر مدي:

> عرفتُ محافظة المهرة خلال الفترة من عام 1984 - 2001، وعشت فيها بهدوئها وبساطة العيش فيها وكرم أهلها.. كانت مدينة الغيظة عاصمة المحافظة رغم قلة إمكانياتها إلا أنها تحتضن أبناء كل المحافظات، ولم يشعر فيها الفرد بالغربة حتى إن لم يكن من أبناء المهرة، وكانت الحياة فيها سهلة جدا وبسيطة، فكان المواطن لايدفع أجور المواصلات خاصة الداخلية ولايتجرأ صاحب السيارة أن يستلم أجور نقل من المواطنين نظير نقله من منطقة إلى أخرى فهذه خدمة تقدم مجانيا، للتكافل الاجتماعي بين الناس، وكان المواطن يحصل على الأسماك في الغالب بالمجان، إذا زار موقعا للصيادين في محيفيف أو ضبوت أهدوه الصيادون شيئا ومن أفضل الأسماك. وتتميز الأسرة المهرية رغم بساطتها بأنها تقدم لضيفها أفضل ما عندها حتى وإن كانت فقيرة، فهي بكرمها وحسن ضيافتها وشهامتها جعلت من المحافظة حضنا دافئا لكل حضرمي أو عدني أو غيره من أبناء المحافظات الأخرى.

أما اليوم فقد تغيرت الحياة كثيرا.. شيدت المباني، وبنيت الفنادق، وعبدت الطرقات وتضاعف الساكنون بالمحافظة أضعافا مضاعفة من كل أنحاء اليمن، ولكن تعيش المحافظة في غياب تام عن السلطة من حيث الاهتمام بالإنسان اليمني، فلازالت مدينة الغيظة وهي العاصمة والكهرباء فيها (طفي لصي)، قرى يروب والفيدمي ومونع والفتك شرق مدينة الغيظة لاتوجد بها أبسط الخدمات مثل الكهرباء والمياه، غير مشاريع أهليه صغيرة لاتفي بحاجة المواطنين، ويديرها المواطنون على حسابهم الخاص.

مديرية حوف الواقعة على حدود عمان تتمتع بمقومات سياحية كبيرة أيام الخريف (يوليو - سبتمبر) فهي تلبس حلة خضراء وتعانق خضرة الجبل زرقة البحر، ويفترض أن تعطى اهتماما كبيرا من قبل الدولة، ويزورها كل عام في هذا الموسم المئات من البشر من كل محافظات الجمهورية، لكنها تعيش في ظلام دامس لعطب المولد الكهربائي ولعطب الشبكة الكهربائية التي يزيد عمرها على خمسة وعشرين عاما.

مديريات صحراوية مثل حاث وشحن ومنعر لاتوجد بها أبسط المقومات لتكون مديرية، ولكن أعطيت لقب مديرية حتى ترتفع حصة الحزب الحاكم في الأصوات الانتخابية، ماذا قدم لها الحاكم غير حصاد أصوات سكانها في الانتخابات.

والمهرة لها نصيبها في الفساد المستشري في اليمن، مكتب التربية والتعليم بالمحافظة قام باختبار طلاب في الصف التاسع لعام 2007/2008 بعد انتهاء الاختبارات الرسمية المقررة، فقد اختبر كل من ابن المحافظ السابق وأخت رئيس لجنة الخدمات بالمجلس المحلي بالمحافظة داخل أحد مكاتب التربية والتعليم دون أي رقيب أو حسيب.

تصرف الملايين باسم تغذية الطلاب، والأقسام الداخلية خاوية على عروشها ولايوجد بها طلاب، الأوضاع الصحية متدهورة ومخصص لها كل عام أربعة عشر مليون ريال لتغذية المرضى في المستشفيات، أين هؤلاء المرضى؟! بل أين هي الرعاية في المستشفيات؟! وأبسط الأمراض تحال إلى حضرموت!!.

يشتكي المواطنون من وضع سوق القات الذي يتوسط المدينة، فهو في حي سكني وبين منازل يسكنها عائلات، وكثيرا ما تحصل المشادات بين متعاطيي القات، تصل إلى إطلاق النار مما يسبب إزعاجا للمواطنين.

الأخ رئيس الجمهورية ضمن برنامجه الانتخابي وعد المهرة ببناء وحدات سكنية وسكة جديد ليرتبطوا بالعالم الخارجي، يافخامة الرئيس قبل هذا أهل المهرة يحتاجون من يرفع الظلم عنهم.. أتدري بأنه تم إرهاب حارة كاملة من قبل الأمن في عاصمة المحافظة بسبب طلب شاب عمره ستة عشر عاما في قضية اشتباه بأنه باع تلفونا. هذه قصة عجيبة فقد تجمع أكثر من ثلاثين عسكريا شاهرين أسلحتهم وحاصروا منزلا في إحدى حارات مدينة الغيظة يبحثون عن شاب صغير ذنبه أنه باع تلفونا وأنه يعمل في محل بيع تلفونات، وحوصر المنزل ساعات، وتم تهديد أهله بالتفتيش وروعوا النساء والأطفال وحددوا ساعة الهجوم والقفز على المنزل والشاب في ساعتها يلعب الكرة بملعب المدينة، والأغرب من ذلك أنه وهو ذاهب إلى الملعب مر بجوار العسكر وهم لايعرفونه فلو كان سارقا أو قاتلا لكان قد هرب عندما رأى الحصار على منزله، وكان بالإمكان حضوره إلى الأمن بواسطة عاقل الحارة. أليس هذا إرهابا وترويعا للمواطنين؟ أين القانون؟ أين النظام؟ أهل المهرة تعرضوا للنهب والسطو على أراضيهم من قبل متنفذين ومتسلطين. قبل سكة الحديد هم يحتاجون إلى العدل والمساواة، وإلى محاسبة الظالمين المتنفذين المتسلطين والمفسدين، وخدمات الكهرباء والمياه والصرف الصحي، والرعاية الصحية والعلاج المجاني، وإلى تعامل يشعر به المواطن بأنه يعيش في أرضه معززا مكرما.

عضو المجلس المحلي محافظة حضرموت

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى