محاكمة د. السقاف إن حدثت ستتحّول إلى محاكمة للنظام القائم

> عبدالله أحمد الحوتري:

> نعتقد أن الكثيرين من المحسوبين على النظام يرتكبون أخطاء تزيد من عزلة النظام داخليا وخارجيا، إن كان بحسن نية أم بعكسها، ويعود ذلك إلى الإفراط في التعدي على الهوية الجنوبية المعارضة تحت ذرائع واهية، حتى أصبح يخشى أن مجرد النطق باسم (الجنوب) جناية تعاقب عليها قوانين النظام المعلنة والمستترة.

هذا الإفراط زاد من حساسية الجنوبيين تجاه هذه الإجراءات من ناحية، وهو من الناحية الأخرى يتنافى مع أحد المرتكزات التي قامت عليها الوحدة بين الشطرين، وهي (الديمقراطية)، هذه المفردة التي تشمل قبول الرأي المعارض الذي أصبح النظام لايطيق سماعه، ألا يكون التخلي عن هذا المرتكز هو خروج عن وحدة الشطرين؟ ألا يرى حراس النظام أنهم يجيزون لأنفسهم ما حرمته الوحدة، ويحرمون على الآخرين ما أجازته؟! وأن هذا يتعارض مع الشراكة في الوحدة.

سمعنا التهم الموجهة للمعتقلين من قيادات الحراك السلمي الجنوبي، وكلها تدّعي الحرص على ذلك المنجز الإستراتيجي (الوحدة). ألسنا نحن أكثر حرصا على الوحدة عندما نطالب القائمين على أمر البلاد بتحقيق طموحات الأمة التي كانت معلقة بتحقيق الوحدة؟ بدلا من تحقيق طموحات الفاسدين في الإثراء على حساب جوع عامة الشعب.

إن الوحدة في نظرنا هي سعادة ورخاء وأمن واستقرار وتنمية مجتمعية، ولا خير في من يقبل بوحدة لا تحقق ذلك، كوحدة الثروة للصفوة. لسنا من هواة التشهير بالآخرين، لكننا نود من الطرف الآخر استخدام العقل، هبة الله سبحانه التي فضل بها الإنسان على غيره من مخلوقاته.

ليس من المعقول أن تطلب من الضحية ألا تصرخ! ومن الجائع أن لايبحث عن طعامه! ومن الخائف ألا يطالب بالأمن والأمان!. لم نسمع حتى في الأساطير من يجبر الناس على محبته، فالمحبة والكراهية مقترنة بسلوكيات وأفعال.

قيل إن الحراك السلمي الجنوبي لا قاعدة له، وإنما هم مجموعة قليلة من المأجورين والعملاء و.. و.. إلخ من النّعوت غير المحتسبة، مع أن الحراك يجري في العلن وتتناقله الوكالات بالصوت والصورة. لماذا لانتعامل مع ما نراه يجري على الأرض بما نكفل به إيجابيته، ونتجنب سلبيته بدلا من الشتائم وسحب أو توزيع صكوك الوطنية؟!.

من مهام أجهزة النظام أن ترفع بأمانة وصدق نبض الشارع إلى جهات القرار حتى تعالج الأمور بالأساليب التي تزيل الاحتقانات المتراكمة، بدلا من العمل في الاتجاه المعاكس، الأمر الذي يزيد من المعارضين ومن نقمة العامة في الشارع اليمني عامة والجنوبي على وجه الخصوص.

لو أخذنا ما حدث للدكتور محمد علي السقاف في مطار صنعاء الدولي، فلاشك أن من دبَّر الأمر قصد به النيل من سمعة الرجل ومكانته المحلية والدولية، لكن ما نعتقده أن ردة الفعل لما حدث جاءت بعكس ما قُصد منها تماما، وستظهر الأيام القادمة خطأ أو صواب (حادثة المطار) للهامة الوطنية السامقة. لقد قرأنا تفاصيل موجزة لهذه الحادثة وتوقيتها ومكانها، ومن ثم التصرفات الاستفزازية والإساءات الموجهة للسقاف، وكذلك التهم وردوده المعلنة عليها، وفي كل هذا كبر د.السقاف وتقزمت الأجهزة والأشخاص الذين اعتدوا عليه، ليس لأننا نتضامن مع د.السقاف، ولكن لأن الإجراءات المتّخذة ضدّه تظهر وكأن من أمر بذلك إما أن يكون في حالة نفسية غير متوازنة، أو إنه يتحمل مسئولية تفوق قدراته بحيث لايستطيع حساب عواقبها, من خلال الردود الأولية للدكتور السقاف نعتقد أن النظام لن يورط نفسه أكثر بالإقدام على محاكمة الدكتور، لأنه إن فعل ذلك فستتحول المحاكمة إلى محاكمة للنظام القائم هذا هو الاحتمال الراجح.

لاشك أن الأخ الرئيس علي عبدالله صالح بصفته شريكا في تحقيق الوحدة سيكون أكثر حرصا على إرساء (وحدة) قابلة للاستمرار في نفوس كل اليمنيين، وبالذات الجنوبيون، شركاؤه في الوحدة. وهو يدرك أكثر من غيره أن الاعتماد على القوة في الحفاظ على الوحدة أمر غير مضمون مستقبلا، وأن التململ الجنوبي لم يأت من فراغ، ومعالجة هذا التصدّع يحتاج إلى اللّيونة في التعامل والابتعاد عن ترديد مفردات التخوين.

من مصلحة المقربين من مركز القرار أن يكونوا صادقين في مشورتهم إن أرادوا أن يحموا صاحب القرار نفسه من زلات تحسب عليه، عليهم أن يعملوا بما يزيد من المساندين له بدلا من زيادة المعارضين، الأمر الذي قد يؤدي إلى فقدان السيطرة على الشارع، في آخر المطاف.

إرغام المعارضين على الاستسلام أمر غير وارد، لكن استمالتهم من خلال حوار وطني يلتزم فيه بالمصلحة الوطنية العليا بدلا من جعلها غطاءً أمر وارد بل مرغوب.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى