من يافع مرة أخرى...

> علي صالح محمد:

> لكل منطقة ذروة موسم يميزها عن بقية المواسم، وهكذا هو حال منطقة يافع في شهور الصيف حين تكون ملجأ لهروب الكثيرين من قيظ الحر اللافح في المناطق الساحلية ويزداد هذا اللجوء في السنوات الأخيرة بصورة ملحوظة في تناسب طردي مع دخول الخدمات الأساسية على مستوى سفلتة الطرق الرئيسة كالطريق من عدن إلى صنعاء عبر البيضاء رداع، والأساسية مثل طريق لبعوس- المفلحي التي يجري العمل فيها بصورة تستحق الثناء والتقدير لأهميتها في هذه المنطقة التي تعتبر عمق هضبة يافع من الناحية السكانية والعمرانية والاقتصادية، أو لبعوس -اليزيدي، وتأمين وصول المياه النقية ، والكهرباء مع أنها -أي الكهرباء- لم تزل تعاني صعوبات كثيرة حتى يحسم أمر الربط المركزي، وبفضل كل هذه النعم التي تتحقق، تتحول يافع تدريجياً من قرى متناثرة إلى مدينة مترابطة الأطراف مميزة في المعمار، وبالتأكيد تنشأ عن هذا التطور وهذه التحولات مترتبات كثيرة ليس في ثقافة الناس وعاداتها بل في وعي ومسؤولية السلطة المحلية والتزاماتها وهي التي يجب أن تكون أول من يرتقي إلى مستوى ما يحصل لوضع التصورات أو الحلول والمعالجات اللازمة لما ينشأ من نواتج سلبية لهذا التطور، كما هو الحال الآن مع مشاكل الصرف الصحي التي أشرنا إليها في أكثر من مقال، أو مع جمع وتصريف القمامة والمخلفات المتراكمة في القرى والأسواق كسوق السلام مثلا المنتظر سفلتته كما حصل مع سوق 14 أكتوبر الذي أصبح جميلاً بعد السفلتة، وتلك المخلفات التي ترمى على جنبات الطرق لتزكم الأنوف وتتسبب في النزاعات بين الناس لتصبح القمامة في يافع هماً كبيراً ومؤرقاً للسكان ولقيادات السلطة المحلية المتعاقبة لعدم وجود مواقع مناسبة لمقالب القمامة في المنطقة، ونحن حين نكتب نهدف إلى التقويم والتصويب ولفت الانتباه إلى الظواهر المضرة وليس إلى الإساءة أو التشهير بأحد، لأن ما يجري في يافع يحتاج إلى حلول ورؤية علمية كبيرة وشاملة وليس العجز والتعثر أمام بيارة عزكم الله جميعاً، بمعنى أنه لابد من وجود إدارة فنية تضع الحلول الكبيرة والشاملة وتنظر إلى متطلبات المدينة الناشئة وليس القرية المحدودة، وهذا يعني مثلاً من ضمن ما يجب أن يكون، أنه لابد من نشوء إدارة بلدية كفؤة ومؤهلة تنشأ فيها أقسام كثيرة كصحة البيئة والصرف الصحي والعمارة وصيانة الطرق التي تعاني بعضها من التآكل بسبب الغش في العمل رغم عمرها الحديث وهي التي تعاني أكثر من المطبات الكثيرة المزعجة، وإدارة لتنظيم الأسواق ونظافتها كما هو الحال مع سوق 14 أكتوبر بعد سفلتته الذي أصبح مزدحماً فكيف سيكون الحال حين تستكمل السفلتة لطريق المفلحي- لبعوس وحين يستكمل تجهيز مول المحمل التجاري لآل الرشيدي الذي سيكون حتماً مركزاً ومزاراً جميلاً وحديثاً يرتاده الجميع وبالذات لقضاء الوقت في فترة ما بعد الظهر وخصوصاً من الشباب والعائلات، وإنشاء قسم للحفاظ على العمارة اليافعية القديمة الموجودة وصيانتها باعتبارها إرثاً وتراثاً إنسانياً مهماً، وهناك أمر مهم آخر وهو إنشاء قسم للتوثيق العقاري يمنح السكان وثائق الملكية اللازمة لعقاراتهم ومساكنهم لتصبح هذه العقارات والمساكن ذات قيمة مادية لأصحابها لأنها حتى اليوم ذات قيمة اعتبارية ومعنوية قائمة على العرف فقط، وعلى بعض تراخيص البناء الصادرة في فترات سابقة وإنشاء هذا القسم مثلاً سيكون له مردوداته المادية الكبيرة للناس ومصدراً مهماً من مصادر إيرادات البلدية أيضاً.

وأجزم هنا أن يافع ستكون من المناطق النموذجية الريادية لو أنها وجدت إدارة مستوعبة لمجمل هذه التطورات وبمستوى القادم منها، تنظر إلى يافع ليس كطبيعة ومعمار وإنما يافع الإنسان المجد الذي يثمر حيثما يوجد.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى