من مفكرة الليل

> فاروق ناصر علي:

> «حين يصير الحرف في مدينة/ حشيشة يمنعها القانون/ ويصبح التفكير كالبغاء واللواط والأفيون/ جريمة يمنعها القانون/ حين يصير الناس في مدينة ضفادعا مفقوءة العيون/ فلا يثورون ولايشكون ولايغنون ولايبكون ولايموتون ولايحيون/ تحترق الغابات والأطفال والأزهار وتحترق الثمار/ ويصبح الإنسان في موطنه أذل من صرصار»

(نزار قباني)

الأولى: مخيم بئر العروس في يهر - يافع (مخيم الوفاء)

الفكرة الصائبة تكبر تتطور تصبح أروع وأجمل مما كنا نظن أو نتصور، عندما تتحول إلى واقع حي ملموس.. هكذا جاء مخيم (بئر العروس) في (يهر) بيافع، ليكون رمزا للوفاء لأبطال النضال السلمي المكبلين بالأغلال وزرد السلاسل في السجون السحيقة لأدعياء الوحدة، ولأولئك الذين أعطوا لأنفسهم حق إصدار صكوك التخوين والغفران. ها هو المخيم اليوم يحتضن الشرفاء الوافدين إليه برغم المتاعب والمصائد والمراصد، يصلون إليه وتتلاحم الفكرة، تتسع، تكبر، تصبح أكبر ثم أكبر، وسيأتي ذات مساء النهار فجأة كالعاصفة والإعصار!!.

لأن (الجنوب) ليس بقرة ضائعة أو معزة ضالة.. هو(وطن وتاريخ وتراث وحضارة وأمجاد وإنسان وثروات..) البعض فقط من يتصورون أن بمقدورهم جعلنا عبيدا لهم.. لقد ولدنا من بطون أمهاتنا أحرارا، ولسنا عبيدا إلا (لرب العرش سبحانه)، لذا كلما ازدادت العنجهيات وازدادت الغطرسة الكاذبة أصبحت العاصفة وبعدها الإعصار أقرب لهؤلاء من حبل الوريد. نعم لهذا المخيم ورواده، والعار كل العار لمن يريد المساومة حوله، لأن الأرض تبقى ثابتة أما أكلة السحت وكلاب الصيد فمصيرهم حيث تلقى (الزبالة والنفايات) هذه سنة الحياة ومنطق التاريخ، وبالذات تاريخ الشعوب المقهورة.

أعيد القول، مليون تحية للمخيم وزواره الشرفاء الذين يتطلعون للنهار القادم لامحالة!!

الثانية: وجهة نظر

ذات مساء فكرت كثيرا في السؤال الذي قد يطرحه أبطال النضال السلمي في (الجنوب) المكبلون بالأغلال في السجون في ظل الاحتقان الإعلامي الرسمي، وهو بالمناسبة في ظل الأنظمة المستبدة والشمولية دائما إعلام كاذب مزيف للحقائق، ليس في بلادنا فقط بل في العديد من الدول التي تسمى (دول العالم الثالث)، ولكن عندنا يعتبر في المرتبة الأولى في الدجل والمرتبة فوق الامتياز، أي بدرجة مذهل في (الفساد).

أعود للقول ما الذي سيحدثون أنفسهم عنا؟! هل تناسيناهم؟! هل غابوا عن البال والخاطر؟ بل هل تنكرنا لهم؟! وماذا سيقول عنا أولادهم، أهلهم، أسرهم؟! كلها أسئلة تثير الضيق والقهر والغضب.. وجاء التساؤل الصاعق حين خيل لي ماذا لو أعادوا نفس القول الذي كتبته في صحيفتنا «الأيام» العدد 196 في 1994/12/8 أقتطفه كما وضعته: «في الليالي الحالكات تتضح معادن البشر يسطع الأصيل فيها وتختفي الحثالات.. ترى بأم عينيك كيف يتهرب البعض من أمام ناظريك، يبتدع الروايات ويخترع الحكايات، يختفي كالسراب يتبدد كالضباب، يحوم حول مكان آخر كزمر الذباب... علمتني الليالي الحالكات كيف يضيع الوفاء ويموت الجميل، وكيف تنتحر الذكريات في الليالي الحالكات».

والحمد والشكر لله وللرجال الصناديد الأوفياء الذين أظهروا المخيم كي يصبح رمزا للوفاء، وهو اليوم ملك كل شرفاء الجنوب وشرفاء الشمال، ولن يدخل كلاب الصيد وشهود الزور الحقراء والمتاجرين بالدين أكلة السحت، هؤلاء مصيرهم سيعرفونه حين يقترب الإعصار الجنوبي، والنار أولها غضب، غضب!!.

الأخيرة: هدية خاصة للمدينة الغالية عدن

«دمعتي في الحلق يا أخت

وفي عينيّ نار..

وتحررت من الشكوى على باب الخليفة

كل من ماتوا ومن سوف يموتون على باب النهار

عانقوني صنعوا مني قذيفة

آه يا جرحي المكابر وطني ليس حقيبة

وأنا لست مسافر..

إنني العاشق والأرض حبيبة!»

(محمود درويش)

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى