لننسَ الخليج ومجلسه

> محمد عمر باجنيد:

> المظهر العام لبلادنا عصي جدا لمن أراد تحليله، فكما يبدو الفقر والتخلف مزعجا في مواقع مختلفة من مظاهر الحياة فإن الثراء الفاحش والكم الكبير من الجامعات والمعاهد المتخصصة في ضفة أخرى يدعمان اعتقادا في أن اليمن بلد غني ولايعيش مواطنوه حياة ما قبل القرن الواحد والعشرين، إضافة إلى أن عدد ومبالغ المشاريع التي يهديها التلفزيون والإعلام الرسمي لليمنيين جعلت يد كل مواطن فوق قلبه رحمة بشعوب الأرض، ظنا أن تلك المشاريع أحد أهم أسباب ارتفاع أسعار البترول والحديد في العالم نتيجة زيادة الطلب اليمني عليهما لتغطية الحاجة منهما في تنفيذ تلك المشاريع.

في ظل وضع كهذا يمكن وصفه (بالازدواجية) تبحث اليمن عن موقع في قلوب أهل الخليج بلغات كثيرة بإثارة النخوة العربية كالقول إن العمالة اليمنية هي الأكثر قربا إلى الخليجيين عادات وتاريخا وأرضا، مع التأكيد أن الأقربين أولى بفرص العمل ومرة بلغة الندية بترديد أن اليمن تشكل العمق الإستراتيجي لدول الخليج، وأن الحاجة متساوية بين الجهتين (وما أحد يستغني عن أحد)، وفي مرات أخرى يقال إن اليمن الفقير اقتصاديا والغني بشريا سوق مثالي للمنتجات الخليجية التي تعاني داخل موطنها بحكم أن الخليج سوق مفتوح لمنتجات العالم بأكمله.

لكن اللغات التي تكلم بها اليمن الرسمي مع الخليجيين لم تصل إلى تحقيق حلم المواطن اليمني في الانتقال بيسر للعمل أو الزيارة أو العلاج في الخليج، وبالتالي فإن كل الاتفاقات الرسمية رغم أهميتها تبقى في نظر المواطن اليمني غير كافية.

بينما يبشر السياسيون في بلادنا، لأن موعد الانضمام إلى مجلس دول التعاون الخليجي سيكون قريبا، إلا أن ما يحدث أن فجر الانضمام لدول المجلس يتأنى في الشروق وبات مثل ليل العاشق الولهان.. طويلا .. طويلا، ذاك العاشق الذي يتحدث إلى نفسه ويظن (المسيكين) أنه يسامر القمر والنجوم.. ويتخيل أن حبيبته تسمع نجواه وحديثه بينما هي في حالة (ضجر) و(ضيق) من شركة الكهرباء التي تتسبب في ذوبانها بحرارة صيف المناطق الساحلية نتيجة التقطع المستمر وحرق قلب والدها بالفاتورة آخر الشهر.

الهدف من الانضمام إلى مجلس التعاون الخليجي بالنسبة لليمن هو هدف اقتصادي في الأساس، والتكتلات باتت اقتصادية في المقام الأول على مستوى العالم أجمع.

ماذا لو تناسى اليمن أمر الانضمام إلى مجلس التعاون مؤقتا والتزم التلفزيون اليمني بالبخل الشديد في تقديم الهدايا من المشاريع إلى الشعب، وبدلا عن ذلك توجهت الدولة بكل مؤسساتها إلى إصلاح القضاء ومحاسبة المتسببين في مشاكل الأراضي في الجنوب ورفع مستوى التعليم وتنظيم أيام تعاطي القات، ومعاقبة المرتشين، وتحديث أداء الدوائر الحكومية، وحددت الحكومة إنجاز ذلك في فترة زمنية محددة.

فيما لو تم مثل ذلك فإن دول الخليج ستفتح أبواب المجلس لليمن، وسيأتي المال الخليجي إلى اليمن من أجل الاستثمار، فعلى سبيل المثال فإن الاستثمارات الكويتية في الخارج تزيد على سبعة بلايين دولار أمريكي مع وجود تحالف سعودي كويتي جديد لضخ أكثر من مليار دولار أمريكي للاستثمار العقاري في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

وبعيدا عن تلك الأرقام التي ليس لليمن نصيب منها فإن السعودية بصدد الاستثمار في المجال الزراعي والثروة الحيوانية خارج الجزيرة العربية.. فيما اليمن قادرة على احتضان بعض من الطموح السعودي في الاستثمار الزراعي، ليس من حيث خصوبة الأرض ووفرة المياه وتوفر العمالة فحسب، بل لأنها الأقرب والأقل تكلفة، إلا أن اليمن لم تأخذ بعد بالوسائل الجدية لاستقطاب الاستثمارات الكبرى الإقليمية أو العالمية.

ويبقى من تحقيق حلم اليمن في الانضمام الكامل إلى مجلس دول تعاون الجيران الأشقاء الأثرياء أن ينتهي في بلادنا ما نقول إنه (الفساد) وبكل تفاصيله، فالقرار في اليمن وليس في بلد آخر.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى