ثورة إصلاحية جديدة

> د.هشام محسن السقاف:

> لإننا أمة اختارت طريقها بعد ليٍّ وجهد في الوحدة بالديمقراطية في مايو 1990، ثم تعرجت بنا المسالك والطرق بسبب عدم التزامنا- ككل شعوب الله التي اختارت الديمقراطية- بالديمقراطية والليبرالية منظومة للحكم، نصرُّ- حقيقة - على بقائنا في مربعات التخلف، وتغليب قوة القبيلة والمشاعية والرعوية على مفهوم الدولة والمدنية.. وللأسف إننا في ظل الادعاء بالديمقراطية ومن قبلها الشرعية الثورية قد عجزنا عن بناء دولة حديثة عمادها القانون، بينما هناك دول لانجزم على ديمقراطيتها قد اجتازت معوقات التخلف بأشكالها لتقيم نظام الدولة العصرية، وتقترب من الديمقراطية رويدا رويدا دون ضجيج، لاتفعله- كما نفعل- حتى الديمقراطيات الرائدة في العالم.

يقول سامر إسلامبولي: «إن تحرر العقل من النقل يجب أن يستمر حتى في المجتمع الواحد، فلا يخضع المجتمع لفئة من الناس لمجرد أنها الأقوى أو لأن لها سلطة علمية وما شابه ذلك من الأكثرية، فيجب أن تستمر عملية الفرز للأفكار واستبعاد الخطأ والوهم منها، وهذا يقتضي وجود الحرية الفكرية في المجتمع الواحد نفسه، وهذا الاختلاف في المجتمع الواحد الذي يقوم على مفهوم السلام والتعايش والتعارف بين أفراد المجتمع وفئاته الذين تجمعهم الثقافة الواحدة ذات الرؤى المتعددة يكون دافعا للإبداع والبحث العلمي الجاد والمتطور» (تحرير العقل من النقل. ص 17).

ولدى المواطن العادي الحس- الآن - بفقدان الأمل والخيبة في إحداثية (ثورية) جوهرية تنقله من مصاف العشوائية والتخبط واضمحلال الدولة إلى مرتقيات الأحلام المشروعة في الدولة الحديثة الديمقراطية، حيث يتساوى الجميع، وحيث العدالة سلطة قائمة لا سلطة عليها، وحيث للكلمة نطاقها الواسع من الحرية، وحيث الأمن والأمان بقوة القانون لا بقوانين القوة والنفوذ.

وليس الشعور بالخيبة قاصرا على حزب الحكم الذي لانستطيع توصيفه إلا هكذا، فالحكم والسلطة شرطه في الاكتظاظ والتمدد، وإنما حتى الشعور بالخيبة من الأحزاب الأخرى والنخب السياسية التي لم تعد قادرة على تقديم رؤى واقعية تستنهض واقع المجتمع البائس، أو في أقل تقدير جماهير حزبها أو تنظيمها.. وينطوي الأمر على بؤس ويأس يصاب بهما السواد الأعظم من الشعب الذين لايجدون إلا ما يسـد الرمق- وأحيانا دون ذلك- ويلهثون وراء لقمـة العيش وينشغلون بها وبشكل متعمد، وقد رأينا صدمة الناس الكبيرة بتبخر إكرامية فخامة الأخ الرئيس التي اعتادوا عليها عامين، وكأن المراد أن تظل عجلة الفقر والجري وراء الفتات لعامة الناس تجري على وتيرة إلهائهم عن أي شأن وطني، بينما ثروات الوطن ينهبها الفاسدون الذين ما عادت أسماؤهم ولا شخصياتهم خافية على أحد، لا على اللجنة الوطنية لمكافحة الفساد، ولا الأجهزة الرقابية والمحاسبية المعروفة، ولا على الصحافة الحرة التي تتجرأ حينا وحينا في كشف فضائح سرقة المال العام والتهريب والخصخصة ونهب الأراضي وبعضها قد أورده تقرير (باصرة - هلال).

إن الاستمرار في حبل ممدود من السياسة الحالية، دون وقفة جريئة للإصلاح، قد أوصلنا إلى ما أوصلنا إليه من حروب داخلية، واستفحال إشكال القوالب الاجتماعية (القبلية) على وجه الخصوص التي تريد أن ترث ما تبقى من هياكل الدولة، وسوف تتقوى مع المدى كلما ضعفت الدولة.

وللأسف فإن فئة المستشارين والمقربين لاتريد أن تقدم نصحا صادقا ينبه صانع القرار من مغبة السير على طريق محفوفة بالمخاطر، بل إن هؤلاء كما قال أحد السياسين والمناضلين التاريخيين هم خطر على النظام نفسه.

إن الأمل في وقفة إصلاحية وطنية جادة يقودها فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح بأدوات وطنية جديدة كفوءة لم يلوثها الفساد بعد، وهو قادر على فعل ذلك بكل ما لديه من خبرة وتجربة غنية وكاريزما لاتضاهى، حفاظا على الوطن والتجربة من عواقب لاتحمد والعياذ بالله!.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى