وأرسلوا دبة غاز هدية!

> علي سالم اليزيدي:

> أصبحنا نتغزل ونعشق دبة الغاز المنزلية، كل الحنان لها والاهتمام بها إلى أقصى ما يتوقع المرء.. اختفى الغاز الخاص بالطبخ، ودخلنا في ليلين (فرعك والدجى)، وبحثت كالمجنون في ظهر رمضان عن غاز الضحى، وتفجرت أزمة افتعلتها الأشباح الذين يحيطون بنا.. ما الأسباب؟، وهل قدر علينا أن نخرج من أزمة حتى تداهمنا أخرى؟!.. فنحن لم ننته بعد من أزمة اختفاء الديزل، مع أنها لاتهم الشعب كله، إلا أنها جزء من معاناته وأوجاعه.. ها نحن غدونا نشم رائحة الديزل في المنازل والمستودعات وفي الحفر تحت الأرض، ليس لأننا اكتشفناه في منازلنا أو أمام أحواش أغنامنا فجأة حتى نصبح أغنياء، كل واحد بـ (ديزله) وياصبيب ويانهيب!!، بل لأننا أدخلنا عادة التخزين، ليس (القات) إنه المعشوق (الديزل)، وليس أيضا تخزين البر والرز والسكر، إنه الديزل.. وها هي ملابسنا وكراسات أطفالنا ومياه شربنا رائحتها ديزل، وربما يدخل قريبا في مشتقات العطور والروائح.. فالزمن زمن الديزل ورجاله وأثريائه وثقافته الطاغية.

وما بين دخولنا وخروجنا من أزمة الديزل وأزمة الحرب في صعدة وتأرجح أزمة المعتقلين للحراك الجنوبي وأزمة الإكرامية (البخسة) التي رمتها الحكومة في وجوهنا وسكتت، تفاقمت أزمة الأسطوانة، ليس أسطوانة الفنان محمد عبدالوهاب (ياوابور قلي رايح على فين)، ولاهي أسطوانة المغني محمد جمعة خان (يامنى الروح والخاطر لمن خليتنا)، وأيضا ليست أسطوانة كوكب الشرق أم كلثوم (أروح لمين) أبدا وكلا، إنها (دبة) الغاز. وما أضحكني وحيرني أنني وجدت صديقا مهرولا وسألته فأجاب «غدا يصل أصهاري من جدة، إنني أبحث عن كم دبة غاز، كيف بانسوي، كيف لو انقطع الغاز، ذا رمضان وعيد يا علي، وضيوف من برع».. وأما آخر فقد افتتح مكالمته بجدية «هاتوا معكم كم دبة غاز هدية من صنعاء للعيد».. وحكى أحدهم وقال نقلا عن أحد المعاريف عندنا «اشترينا ثلاث دبب غاز طبخ من جماعة عسكر على ما نعتقد جاءوا من المهرة».. طيب الذي ما عنده ثلاث دبب ولا دبتين ولا فلوس لشراء الغاز المباع خفية كيف سيفعل؟! ربما يعود إلى قراءة الكتاب المشهور والسؤال الخالد (ما العمل؟!).

إننا حقا أمام سخرية القدر، الخطاب الرسمي يتكلم عن محطات غاز عملاقة وأسماء شركات عابرة للقارات ومحطات كهرباء نووية وحكومة إلكترونية.. والقصة كما كانت زمان، زمان علينا أكل كسرة الخبز على رائحة المرق، أو ربما الجماعة معذورين، لأننا في (السحلالة)1 حق قارة آسيا، وباينسكب (غاز بروم) كله إلى عندنا، وبانزعل الناس.. قلنا ماشي داعي، وكما قال المثل الحضرمي والمهري «اصبر على قردك لعاد يجيك أقرد منه».. ويوم بالحطب ويوم بـ(البابور)2 ويوم بالتنار، وربما نكتشف وقودا من الصواعق من الجو للأرض مباشرة، وهذا أفضل لصناعة الطاقة وتطوير أنواع (الحراقة)3 والسلام.

1- السحلالة: الانحدار (بالحضرمية).

2- البابور: شولة على الجمر.

3- الحراقة: بقايا التمباك المحروق، ويستعمل مثل الشمة في الفم.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى