من دروس الغراء

> صالح الوحيشي:

> إن جاز التعبير بأن الصحف ألوان، بحسب المدارس التي تنتمي إليها، أو النهج السياسي الذي تمثله، فإن (الغراء)- أيامنا- في نظري هي شيء مختلف تماما، عنوانه (المهنية).

وإن كانت كثير من صحفنا المحلية تعتمد الإثارة أو دغدغة العواطف وحتى أسلوب الخطابة، فإن (الغراء) اختارت لنفسها كما نعلم- منذ البداية- أن تكون (رسالة)، الأمر الذي جعلها تتحول خلال خمسة عقود من عمرها المديد، ليس فقط إلى مدرسة للصحافة مميزة في مجتمعنا، وإنما أيضا إلى واحد من مشاعل التنوير وإشاعة المعارف، فكسبت ثقة الجمهور والدليل حاضر، وهو حجم التوزيع في الداخل، والوصول إلى القراء في العالم، كما هو معروف، وبالطبع لم يكن الطريق إلى النجاح مفروشا بالورود.. تابع فضلا حركة موزعي وباعة الصحف في محطات التأكسي والأسواق.. تراهم ينادون.. «الأيام».. «الأيام»، فيتهافت القراء على شراء العدد.. أما ما نراه في الأكشاك- في الصباح بالذات- فحدث ولا فخر. ولعل ما أهلها لذلك أنها لاتضيق برأي مخالف، بل تسمح للأقلام وللآراء المتباينة أن تتبارى وأن تتبلور على صدر صفحاتها، وفي الأخير لاتنتصر إلا للحقائق، فيستفيد القارئ وينضج الوعي.

صحيفة لاتتعالى على الجمهور، تحرص على تلبية حاجاته من المعلومات في سائر المجالات والتخصصات بما في ذلك رسائل القراء، بل انظر إلى التأثير الذي تخلفه الغراء.

إنها تكتب وتنتقد الظواهر السيئة، وثمة درجة من الاهتمام بما تنشره يساعد على تقويم أي اعوجاج، إنها تصول وتجول وتثق أن صوتها مسموع ويحسب له ألف حساب، الأمر الذي جعل قطاعا واسعا من جمهور القراء يرى فيها معبرا متقدما عن هموم الشارع.

رحم الله المؤسس الأول ونظرته الثاقبة في رسم معالم الطريق، وبارك الله في أنجاله، فقد واصلوا حمل الراية من بعده.

وحفظ الله الغراء، وزاد من نفوذها في مجتمعنا.. وجعلها في موقع الريادة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى