زواج سفري!!

> محمد بالفخر:

> بين الحين والآخر ومن خلال متابعة عفوية وليست رصدا بحثيا وعلى مدى عدة أشهر وأثناء قراءتي لإعلانات صغيرة في صحيفة «الأيام» الغراء من محكمة في المكلا وأخرى في عدن وغيرها، وكلها ذات مضمون واحد ونص يتشابه (تقدمت ليلى أو هند أو بثينة... بطلب فسخ عقد نكاحها أوبطلب مصاريف النفقة من زوجها قيس أو عبده أو فرج).

وبما أن قيس أو عبده أو فرج... مجهول العنوان وليس الهوية، فقد حددت المحكمة مدة شهر للبت في القضية.

هذه الإعلانات المتكررة ولأسماء عديدة، وربما يكون في الصحف الرسمية أمثالها كثير، ولكن بحسب متابعتي فقد ركزت على ما نشر في «الأيام» تحديدا ومن مدينتين رئيسيتين لهما من القواسم المشتركة الشيء الكثير، وبما أن هذه تعتبر من قضايا الأحوال الشخصية فربما في ملفات القضايا في المحاكم أشياء وأشياء ستفيد الباحثين والدارسين في التخصص.

ما يهمنا هنا هو النظر إلى هذه الإعلانات لهذه القضايا من عدة زوايا لعلنا نخرج منها ببعض الفوائد التي نرجو منها الخير للمجتمع حتى لايقع في بعض المطبات المحرجة والمدمرة للفرد والأسرة معا.

أولا: الغاية من الزواج هو إقامة الأسرة التي هي لبنة من لبنات المجتمع، ومن خلاله يتم إحصان الفروج وإنجاب البنين، وإفراغ الشهوات الفطرية في مكانها الصحيح وفق شرع الله سبحانه وتعالى وسنة نبيه عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.

ثانيا: مما تعلمناه من سنة نبينا عليه الصلاة والسلام قوله: «إن أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه». فهل ينطبق هذا الشرط على واقعنا أو على الأقل على واقع أصحاب القضايا المعلن عنها.

ثالثا: من خلال نصوص الإعلان وكثرة مثل هذه القضايا يبدو للمتمعن في الأمر أن عملية الزواج تتم بسرعة فائقة دون البحث والتحري عن سلوكيات وأخلاق وأصول وبلاد وعنوان قيس أو عبده أو جميل أو عنترة.

رابعا: الذي يتضح أن الظروف الاجتماعية وارتفاع عدد أفراد الأسرة والحالة المعيشية الصعبة من تدني دخل الفرد وغلاء المعيشة ومستلزماتها نتيجة الإفقار سبب رئيسي للوقوع في مثل هذه الحالات.

خامسا: الوقوع في مصيدة من يجيدون فنون الاحتيال والتلاعب بالألفاظ والكلمات المعسولة سواء من خلال المعرفة المباشرة أم بواسطة صديق أم من خلال وسائل أخرى.

سادسا: تواضع المهور وبساطة التكاليف.

سابعا: عدم الإحساس واللامبالاة من قبل أولئك الأزواج الذين لايتركون حتى عنوانا للوصول إليهم.

وبالتالي لاتردعهم لا قيم الدين وأخلاق المجتمع ولا أعراف القبيلة ولا حتى عناوين هيئة الفضيلة.

والمحصلة النهائية من كل ذلك، ما هي النتائج التي سنحصدها؟

-1 ارتفاع نسبة المطلقات في المجتمع.

-2 زيادة نسبة الأمراض النفسية وملحقاتها.

-3 انعدام الثقة في الجادين بسبب غير الجادين.

-4 إشغال المحاكم بقضايا كان يمكن في الأصل أن لاتكون.

-5 التفكك الأسري وما ينتج عنه من اختلالات متعددة.

-6 تشتيت الأبناء إن وجدوا.

هذه قراءة أولية لظاهرة غير مريحة وغير طبيعية تستلزم من الجميع الحذر والتحري وتستلزم من أرباب الأسر القيام بمسئوليتهم على أكمل وجه التزاما بتوجيهات الحبيب المصطفى عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم «كلكم راعٍ وكل مسئول عن رعيته»، وقوله «كفى بالمرء إثما أن يضيع من يعول»، أو كما قال عليه الصلاة والسلام.

وحتى لايكون مثل هذا الزواج كالزواج السفري أو الزواج السياحي، الذي تفنن فيه القادمون من خارج الحدود، ووضعت له الدولة بعض الضوابط التي حدت منه إلى حد ما.

أما مثل هذه القضايا فضوابطها بيد أرباب الأسر أنفسهم والسعيد من اتعظ بغيره .

خاتمة من الشعر الشعبي الحضرمي:

بنت السلاطين الدول جابوا لها بدوي قبع

في ليلة الدخلة بزفافها سروا يتقابعون

جابوا لها بدوي مبدل إذا قلت له لا قال مع

ما يفتهم هرجه يمعمع والعيال يمعمعون

الشاعر رمضان باعكيم

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى