عن أي مستقبل يتحدثون؟!

> وليد محمود التميمي:

> عندما يشتد الصراع الحزبي على محراب الديمقراطية، وتنخرط التنظيمات السياسية في معارك إعلامية طاحنة، وقودها الانتخابات البرلمانية أو المحلية.. عادة ما تقفز للواجهة الشعارات والعبارات الطنانة التي تغذي رغبة كل طرف في استقطاب الناخبين، وجذبهم لمراكز التصويت وصناديق الاقتراع.

وإلى جانب قضايا محاربة الفساد وتقويم الاعوجاج في الأجهزة الحكومية والأنظمة الإدارية وبناء الاقتصاد، ومواصلة مشروعات التنمية واستكمال مقومات البنية التحتية تتصدر قضايا الشباب وتطلعاتهم قائمة الاهتمامات الحزبية.. فرهان كسب ود الشريحة الأكثر انتشارا وتأثيرا في المجتمع هو الفيصل، وحسم الانتخابات وتبوؤ سدة الحكم وتسنم مقاليد السلطة مسعى يتطلب إشاعة خطابات دعائية تستثير عواطفهم وتدغدغ أحلامهم، وتعشمهم ببزوغ فجر غد جديد وبمستقبل آت مزدهر!.

وعندما ينفض السامر سرعان ما تتبخر وعود (ممثلي) الشعب، وتنكث الأحزاب بعهودها، وتتملص من التزاماتها.. حيث يتفرغ (الكل) للركض وراء مصالحه الضيقة، ملتهين بالمماحكات الحزبية الهزلية، وبعقد صفقات تقسيم الغنائم، وبيع وشراء الذمم من تحت الطاولة ومن خلف الكواليس.. غير مبالين بتطلعات الجيل الذي كان له الفضل - بعد الله - في وصولهم للسلطة.

وفي ظل أوضاع متدهورة، وفرص عمل ووظائف غير متوافرة، وحقوق منتهكة، ونظام توزيع ثروة (عادل) على أصحاب النفوذ وأقطاب التكتلات والمحسوبين على هذا وذاك، وقانون نافذ على المساكين والغلابا، ووو... تتفاقم معاناة كل فئات الشعب وفي مقدمتهم الشباب، الذين تنال البطالة من عزيمة غالبيتهم، وتزج بضعاف النفوس وقليلي الحيلة في مستنقع الضياع وشَرَك الانحراف.. حيث يفضل بعضهم الانعزال عن محيطه والتمرد على مجتمعه والاكتفاء بالترنح فوق الدكك، وكسب المال بطرق وأساليب شتى لتعاطي القات أو الإدمان على المخدرات، للهروب من واقعهم المرير، وتناسي أحزانهم وجراحهم ولو مؤقتا!.

النظرة القاتمة التي تتحكم في مسار كلماتي ليست من صنع يديّ للأسف، ولكنها إحدى إفرازات حياة البؤس والحرمان التي تفاجئنا بغتة بنبأ شاب (محبط) أصيب بحالة هستيرية، وآخر (منهار) فقد عقله وأصابه مس من الجنون، وثالث (يائس) انتحر بعد أن خارت قواه وفقد المقدرة على احتمال الظلم والقهر، واستمرأ التمرغ في دهاليز التردي والانحطاط!!.

ظواهر خطيرة ومرعبة بدأت تستشري بين أوساط شبابنا اليوم، دون أن تحظى بأي اهتمام، أو تحاط بعين المتابعة والتحليل، وتخضع لمقتضيات التمحيص والدراسة.. ولا أمل يلوح في الأفق وبصيص ضوء يشع في نهاية النفق مادامت الحكومة (تفصّل) برامجها وقراراتها (بمقاسات) أبناء الذوات والمسؤولين المحتكرين للسلطة ولثروات الشعب المطحون الذي لا يصله إلا الفتات.. وكان الله في عون الشباب، عماد المستقبل!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى