عذرا ديس المكلا..!

> صالح حسين الفردي:

> كانت فيما سبق منتجع المكلا الوحيد، الموشى بالماء والخضرة والوجه الحسن، وقد تغنى بها الشعراء- كثيرا- بعد أن وجدوا فيها سلواهم وفضاء روحهم التي يسبحون فيها لمغازلة الأحبة في الأحلام البريئة، وكانت ملاذا للنابغين من طلبة العلم (ثانوية المكلا، كلية التربية العليا)، ففي وديانها (الغليلة، سقم) يستظلون بأشجارها الظليلة من قيظ الأيام، وفي بساتينها (بن قبوس، زعبل، بلخشر، البقرية) يجد الناس مكانا للتنزه والراحة والاغتسال، ويلهو خلفهم بين عناقيد الأشجار وهم يتخفون من ملاحظيها الذين لايتوانون عن الجري خلفهم للإمساك بهم وزجرهم من العبث بثمار الليمون والزيتون والبيدان والبسباس والبقل، وغير ذلك. كل ذلك كانت تحتضنه (ديس المكلا) حتى زمن (الاستعمار الوطني) عندما استعر القوم ولم يعد في مقدورهم إلا مجاراة الوضع الجديد، والكل يبحث عن الثروة، وإن جاءت على حساب تاريخ أهله وأجداده الذين رووا الأرض وزرعوها وعمروها، فالكل استسلم للحجر المتنفذ وتركه يعبث بهذه المدينة التي كانت واحة المكلا وحضنها الأخضر الذي يمدها بأكسجين الحياة.

حاولت (ديس المكلا) أن تندمج مع ما آل إليه وضعها الجديد، خاصة وهي ترى (شرج باسالم، حي السلام، حي الصيادين، حي الشهيد خالد) يعانون المأساة نفسها، وظلت تحاول أن تفقه ما يراد لها وبها، وعندما وجدت معاناتها تزداد يوما بعد يوم، فالشارع الرئيس القديم لم يعد شارعا وهو إلى مكب فرث المواشي أقرب، والمجاري (الصرف الصحي) التي قالوا في أكثر من حملة انتخابية إنها ستصبح قريبا من مخلفات الماضي تحولت إلى كابوس يقض مضاجع الآباء على فلذات أكبادهم والعجزة، وتحول المشروع إلى مادة للتندر والسخرية، والناس تشاهد تلك الحفر العميقة وهي تتحول إلى منعرجات أعادت رسم خريطة الشارع وفق رسم سريالي مخيف، وليت الأمر توقف عند ذلك، لهان، ولكن (الكل) له من الأذى نصيب، فقد تحول ذلك الشارع ذو الاتجاه الواحد إلى موقف للسيارات على جانبيه، ولم يعد بالإمكان مرور سيارات المواطنين إلا كمن يحاول العبور من خرم إبرة، والغريب أنك لاتشاهد رجل مرور واحد في هذه الشارع الممتد من عقبة (المليشيا) حتى نزلة فندق (المسيلة)، فالكل منشغل بالتقاطعات المجدية والتي تمر بها مواكب المسئولين والوافدين، وزاد الوضع سوءا تلك(الخلطبيطة) التي انتشرت بها العربات الزرق على امتداده في منظر يقترب من عبث الأطفال بعد أن يملوا من بقايا ألعابهم، ولكن لكي ننصف الجميع يجب أن نشيد بالبلدية التي تركت للمجاري مهمة غسل الشارع مما يعلق به من أوساخ وأدران.

هذا باختصار ما آل إليه حال (ديس المكلا) وشارعها الرئيس، وما خفي كان أعظم، فحفر تصريف المجاري بالأزقة المجاورة تنادي هل من غريق؟! فعذرا (ديس المكلا)، فالكل منشغل عنك، وصبرا فلم يبق من هوجة الانتخابات إلا القليل، وسوف يعمل الكل (سلطة ومعارضة) على تبني معاناتك، ولكن إلى حين!.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى