قبل أن يودعنا الشهر الكريم: الخيواني.. وأبناء كرش والآخرين

> د.هشام محسن السقاف:

> يخرج القرني الفنان من السجن، يلحق بركب الذين خرجوا، وهذه وتلك خطوة إيجابية تبشر بأمل التفاهم والتسامح والحوار على قواعد يجب أن ترسى وبنيات أحرى صادقة بمعنى الصدق الذي يضيفه على النفوس هذا الشهر الكريم، ويبقى أن أفق السماح والتسامح يجب أن يتسع باتساع أفق الوطن، للتدليل على أن إنعاش (وليس إن عاش) الوطن ومعافاته وألقه يمر عبر بوابات القبول المتبادل بالآخر وبالرأي والرأي الآخر، ألم يقل أبو حنيفة النعمان: «علمنا هذا رأي، فمن جاءنا بأحسن منه قبلناه»، وكان لرئيس تحرير هذه الصحيفة الأستاذ هشام باشراحيل رأي صواب باستحسانه المبادرة الرئاسية بإطلاق سراح المعتقلين الاثني عشر، واعتبرها صفحة بيضاء جديدة لبدء حوار وطني مسئول على كل مستويات أفق الطيف السياسي على أن تكتمل هذه المبادرة بإطلاق الآخرين على ذمة الرأي والسياسة من السجون والمعتقلات لتخرج هذه المبادرة الطيبة للعالمين بيضاء من غير سوء، لا أن نترك بقعا سوداء بالإبقاء على معتقل هنا ومعتقلين هناك مما يعطل من نصاعة بياض الصفحة.

يكاد هذا الشهر الكريم أن يودعنا والمبادرة إن كانت مبادرة فيجب أن تكون بحجم المبادر الذي لن يضيره شيء بقدر ما ينفعه ويصب في مثقال حسناته بإطلاق الصحفي والأديب عبدالكريم الخيواني، وكذلك المعتقلين من أبناء كرش في سجن صبر المركزي على ذمة الأحداث التي شهدتها محافظات الجنوب في النصف الأول من العام الحالي. ولا أعتقد أن ثمة ما يمنع إرساءنا أسسا جديدة للعمل السياسي والحزبي والجماهيري بإشاعة أجواء التسامح والتفاؤل والنيات الطيبة لخدمة وطن يتطلع إلى جهد جماعي ليس على مستوى الأفراد أو حتى الأحزاب ومنظمات المجتمع اليمني وإنما لكل الجهود الوطنية الخيرة، للتوجه به صوب المهمات الحقيقية التي تنتظره أو التي هو- الوطن- ينتظرها من زمن طويل، وفي مقدمها بناء الدولة بناء ديمقراطيا عدليا قانونيا ليبراليا، وحشد كل الطاقات المتاحة لتحقيق ذلك الأمل والالتفات بعزيمة رجل واحد لمواجهة المخاطر المحدقة به من كل حدب وصوب، من الإرهاب الذي يتعالى دخانه وأشلاؤه هنا وهناك، إلى الفقر الذي أنشب الناب والظفر في أعناق السواد الأعظم من الشعب، إلى الفئات الطفيلية المتحكمة، التي لاترضى من الفساد إلا ما يتجاوز خراب مالطا (اليمن) إلى المنتفعين والمرابين والمحابين والطائفين والقبليين والمناطقيين وكل تلك الآفات التي ابتلى الله بها يمننا وندفع ثمنها غاليا.

ماذا كان يضيرنا لو أننا استقبلنا رئيس الاتحاد الدولي للصحافيين، وجعلنا من تسليمه للزميل عبدالكريم الخيواني جائزة العفو الدولية توقيتا لإطلاق سراح الخيواني، وأن في الحكمة اليمانية متسعا لأفعال كبيرة ونبيلة كهذه يكبر بها الوطن فوق اتساعه الجغرافي المحدود بصنيعة، بله بمبادرة تؤكد حضوره على خارطة التعاطي الديمقراطي.

أما بؤس الحياة العامة في مناطق مثل كرش بمحافظة لحج ففي إطلاق سراح بنيها والاتجاه إلى الاهتمام بها في نواحي الصحة والطرقات والتعليم والمياه والكهرباء ومعالجة الأضرار الاجتماعية الناجمة عن توقيف الموظفين والعاملين والعسكريين والأمنيين عن أعمالهم وإيجاد فرص عمل للخريجين.. كل ذلك سوف يشكل مدخلا لعلاج ناجع لمشاكل واحتقانات هذه المنطقة وغيرها من المناطق في محافظة لحج، لأن هؤلاء الناس- وهم في أوضاعهم البائسة تلك- قد كانوا مبادرين بالمشاركة في الانتخابات المحلية والرئاسية الماضية 2006م وذهبت جل أصواتهم لفخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح وللمؤتمر الشعبي العام، لكنهم أصيبوا بالصدمة عندما مضت الأشهر المتبقية من العام 2006م والنصف الأول من العام 2007م والسلطات في محافظتهم- كما هو المركز- لم تلتفت جديا إلى أوضاعهم البائسة حقا، لم يروا تعبيرات على الأرض حقيقية لتنفيذ برنامج فخامة الأخ الرئيس الانتخابي، وهو ما يتحمله المعنيون في الإدارات والوزارات والمحافظات وفي أجهزة الحزب الحاكم.

مازال هناك متسع من الوقت وفسحة في الصدور من أمل أن نخطو الخطوة الطيبة والوطنية ذاتها بإطلاق من تبقى في السجون، ممن ذكرت وممن فاتني ذكرهم، ونبدأ في ترتيب أولويات العمل الوطني الهادف الذي يجمع ولا يفرق، يوحد ولا يلغي، يزرع الألفة وينبذ الشقاق والفتنة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى