الانتخابات بعد سقوط ورقة التوت

> محمد علي محسن:

> الحديث عن الانتخابات بات في الوقت الراهن أشبه بالكلام الفارغ السفسطائي وغير الواقعي، خاصة بعد هذه التجربة المريرة من الممارسة الخاطئة للديمقراطية الانتخابية.

المشهد ليس كما يسوقه المؤتمر وتحالفه أو المشترك وأنصاره، بل هو خارج سياق هذه الثنائية المألوفة والسمجة، والقول بأن الانتخابات البرلمانية ستكون حرة ونزيهة وأفضل من سابقاتها الثلاث النيابية أو الخمس الأخرى الرئاسية والمحلية لايستقيم أبدا مع واقع نعيشه ومثقل بالمشكلات والممارسات الواقفة بوجه عمليات الانتقال السلمي الديمقراطي للسلطة.

تلويح الشيخ سلطان البركاني رئيس كتلة المؤتمر بخوض الانتخابات من دون أحزاب المشترك أو حتى أعضائه في اللجان، الذين سيتم استبدالهم من الخدمة المدنية في حال تمسكت هذه الأحزاب بموقفها الرافض للعملية الانتخابية لم يأت بجديد عما هو معمول به، وعلى العكس، لقد مثل ورقة التوت الأخيرة التي لطالما غطت شيئا من عورة الديمقراطية، وبسقوطها تتكشف جل العملية القائمة .

وإذا كان هكذا هو حال من يحكم اليوم، فإن من يدعي معارضة ويطمح للإصلاح والتغيير بواسطة صناديق الاقتراع يبدو حالهم كمن وصل لخط النهاية، ولكن خالي الوفاض، حيث كان التوافق بمثابة آخر الخيارات الممكنة التي يراهن عليها في حفظ ماء الوجه أمام حالة من اليأس وعدم الثقة لدى قواعد وأنصار هذه الأحزاب المعارضة التي بإقصائها كليا من إدارة العملية الانتخابية ومن المشاركة الفاعلة والمؤثرة تكون قد فتحت المجال للخيارات الأخرى لأن تعبر عن نفسها بقوة وبوسائل وطرق مختلفة أكثر حدة ومواجهة وعنفوانا.

للأسف الشديد القادم أسوأ بكثير مما هو حاصل الآن، فإذا كانت الناس سئمت وملت الحديث عن الانتخابات والأحزاب السياسية فكيف سيتقبل من بقي رهانه على الأحزاب وصناديق الاقتراع بعد القضاء وإطلاق رصاصة الرحمة على هامش المشاركة؟!.

لم يكن التوافق على القانون المعدل وكذا إدارة الانتخابات مما يستدعي التفاؤل برؤية وممارسة انتخابات حرة ونزيهة ومتكافئة، لكنها بالنسبة للأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان تعد خطوة محكومة بالنتيجة المنحازة لمن بيده المال العام والوظيفة العامة والإعلام والجيش والأمن وكل إمكانيات ومقدرات الدولة، ومع أن التوافق على الورق غير الفعل في العمل كان الرد حاسما وسريعا على ما بني في عام وأكثر، إذ تم هدم جل ما اتفق حوله في لحظة، ولكأنه سيدخل المعارضة البرلمان من أوسع الأبواب.

من يدري عن ماهية القادم إذا ما ظل فرقاء الفعل السياسي على هذا المنوال من الخلافات المعتادة والبعيدة عن المشكلات الحقيقية الواقفة بوجه استقرار وازدهار البلد ديمقراطيا وتنمويا واقتصاديا وسياسيا واجتماعيا وثقافيا ومعيشيا.. إلخ، ليت المسألة بيد أغلبية المؤتمر أو أقلية المعارضة أو حتى في قانون الانتخابات، فلقد كان من اليسير التفاؤل بديمقراطية أفضل، تؤهل للحكم ولو بعد حين.

ما حدث يعد بداية لنهاية قد تؤسس لمرحلة جديدة، أو تعيد الجميع لنقطة الصفر، وهذا ما نتوقعه بعد سقوط ورقة التوت عن اللعبة الديمقراطية، فإما أن من يتحكم بمقاليد اللعبة سيخوض الانتخابات لوحده ولو تطلب الأمر التخلي عن بقايا ستر لعورته، وهذا بالطبع سيفقده الكثير وإما أن يعيد الكرة ثانية ويلتقط المعارضة، وهو ما يعد انتكاسة مكلفة الثمن، وبين الاثنين تبقى كل الخيارات متاحة للمقاطعة أو المشاركة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى