الوحدة العربية بين الوهم والحقيقة

> سلام سالم أبوجاهل:

> إنني استغرب عندما أسمع وأشاهد بعض البرامج الإخبارية والتحليلية التي تتحدث عن إمكانية تحقيق الوحدة العربية تحت راية واحدة ورأي واحد، لأن الذي يظن أن الدول العربية أو بالأصح الأنظمة العربية ستتوحد وتتحد في جيشها وأمنها وألمها وأملها هو واهم، ولايعلم معنى الوحدة، إن الوحدة تعني الاندماج الذي تذوب فيه كل الفوارق الاجتماعية والسياسية والاقتصادية لتكوين الجسد الواحد والهم الواحد، وللأسف كل ما ذكرت تفتقر إليه كل الأنظمة العربية اليوم.

إن العرب لم يتفقوا يوما على بند واحد من بنود الجامعة العربية بما في ذلك الدفاع العربي المشترك المزعوم الضائع، ولن يتحد العرب تحت راية الإسلام التي جمعت العرب سابقا بعد أن كانوا شراذم في الأصقاع، نعم إنها عقيدة التوحيد التي ذوبت كل الفوارق، فأصبح كل فرد فيها أمة بحد ذاته، فنشروا العدل في كل مكان سادوا فيه، أما أن يأتي اليوم من يقول بأن القومية العربية قادرة على جمع العرب في زمن تصرف فيه مليارات الدولارات لإنشاء القنوات الفضائية الراقصة والرخيصة في الوقت الذي تختلط دموع الثكالى بدماء الشهداء، ويموت أقوام من التخمة في حين يموت الأطفال من الجوع في فلسطين والعراق، فهل هذه القومية قادرة على امتلاك عيشها وقراراتها لتجمع شعبها؟!.

إن الذي يستجدي حقه في العيش الكريم والحياة الكريمة من عدوه لهو أضعف من أن يجمع أسرته، فضلا عن أن يجمع أمة مغلوبة على أمرها متباعدة أطرافها. إن الذي يكمم الأفواه ويكسر الأقلام ويصنع القيود ويوسع السجون ويعتقل الأحرار غير قادر على جمع الشتات وتوحيد الصفوف، نعم لأن فاقد الشيء لايعطيه، فكيف بمن تشبعوا بالإخلاص والعمالة لأعداء الأمة، وقدموا كرامة الأمة وعزتها قربانا لأعدائها؟!. إن هذا الكابوس الجاثم على صدر الأمة ليس له خلاص إلا بالتغيير، وأول التغيير يبدأ من الداخل «إن الله لايغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم»، وبداية النصر تأتي مع الإخاء والشعور بألم الأمة على أي أرض وتحت أي سماء، ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها.

وأخيرا أهنئ الإخوة الأحرار قادة الحراك السلمي الذين تم الإفراج عنهم في شهر رمضان المبارك شهر النصر والعزة والكرامة، سائلين الله أن يجعلنا من المقبولين فيه ومن العتقاء، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى