صيام في صيف لاهب

> د. سمير عبدالرحمن الشميري:

> الحياة التي نعيشها مرهقة في شطر أعظم منها آلام وأوجاع وتفجع ودموع وآهات، وأوضاع تفرض ظلمتها على النفوس، وكوابيس تطاردنا وتسرق البسمة من شفاهنا، ومن ضمنها كوابيس الانقطاعات المتكررة للماء والكهرباء.

أحيانا تداهم فكري أسئلة محيرة:

1- هل ثمة جهات خبيثة تضغط على الجرح وتضاعف جرعات عذاب المواطنين؟!.

2- هل مشكلة الماء والكهرباء أضحت مشكلة عسيرة لايمكن حلها؟!.

3- ما مصير المحطة النووية التي زمرنا وطبلنا لها، ثم همدت الفكرة ولم تعد تطفو على السطح؟.

4- هل الانقطاعات المتكررة للماء والكهرباء تندرج تحت مظلات التجاذبات والملاسنات والمشاحنات التي يلعق مرارتها الإنسان المدمَّر، الذي تدهسه عربات الجوع والعطش والخوف والتوتر والقلق المزمن؟!.

5- وهل بعض الجهات في تعاملها المهين مع الناس قد نجحت في تكسير أجنحة المجتمع وفي قص لسانه وإحراق مشاعره؟، وهل حولت روح المجتمع وإرادته إلى مساحة متصحرة خالية من الأنفة والعزة والشموخ؟.

مسكين هذا المواطن الذي لم ينعم بالأمن الفيزيقي ولا بالراحة النفسية، مسكين هذا البائس في شهر رمضان، شهر الصوم والعبادة والرحمة والتوبة والمغفرة، وفي هذا الصيف القائض، تأكل جسده حرارة فظيعة ولهيب حارق، يخنقه الهواء الحار والرطوبة الدبقة والروائح النتنة.

في هذا الجو الخانق حينا يرفسه انقطاع الكهرباء، وما أن تعود الكهرباء إلى حالتها الطبيعية يدلف في مشكلة انقطاع الماء، وما أن ينتهي من مشكلة حتى تنفجر مشكلة أخرى فيفر إلى الشارع فتتلقفه أسعار الخضار والفواكه واللحوم والأسماك والمواد الغذائية التي تجلب له وجع الرأس، ولايسلم من مضايقة المجانين والشحاذين الحقيقيين والمزيفين.

تطارده الآلام والمشاكل أينما حل وظل، وتضاعف من معاناته المنغصات التي يجيد اختراعها بعض المتفننين في تدويخ البشر الذين لايعرفون في قاموسهم معاني الرحمة والشفقة، يعيشون على أوجاع البشر، يتاجرون بجلودهم وعظامهم وأسمالهم وأكواخهم وأقواتهم ومشاعرهم، ويخطفون جرعات الماء من حلوقهم الظامئة.

حتى إذا فكر الإنسان كما فكر بطل رواية (أفواه سبعة) للروائي المغربي محمد زفزاف، الذي قال: «من الأفضل أن يغلق الإنسان فمه وأن يأكل وينام ويترك كل واحد وشأنه». فكتل من البشر إن أكلوا شيئا حقيرا لايجدون شربة ماء لانقطاعها، وإن وجدوا شربة ماء لايستطيعون النوم في هذا الطقس اللاهب، الذي لايرحم مرضى السرطان والسكر والقلب والضغط، ولايرحم كبار السن والصغار الذين تخور قواهم، ويصاب البعض منهم بغيبوبة جراء الانقطاعات المتكررة واليومية للكهرباء والماء، ولايستطيعون التنفس على الطريقة التي اختارها الشاعر سعدي يوسف، عندما كان يصرخ في أوضاع غير طبيعية «لنتنفس خارج الكابوس».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى