في العيد السعيد عدن تأتي إلينا

> علي سالم اليزيــدي:

> عدن المدينة والمدنية والناس تأتي إلينا كل عيد سعيد، كنا ننتظر هذا اليوم بشوق ومحبة وسعادة سنوات وسنوات.. كل المشاهير من عدن يقضون العيد في المكلا والشحر منذ ما قبل الاستقلال وما بعده، كان التلاقي رائعا وبهيجا، إذ غدت هذه العادة من ملامح وسمات العيد الحضرمية، وأيامها في مدينة تحب أيام العيد وتستعد لها، بل تعيشها مع الإخوة العدنيين عندما تتشرف الفرق والأندية الرياضية العدنية بالوصول لتحمل العيد إلينا.. كنا ننتظر أسماء أولئك النجوم في كرة القدم: عباس غلام، إبراهيم صعيدي، رفيق عوض، نصر شاذلي، سعيد عذب، دعالة، علي محسن المريسي (اللاعب الدولي الشهير)، عبدالجبار عوض وآخرين.. كل أولئك كنا نحتفي بقدومهم، وهم يحملون إلى المكلا العيد واليوم السعيد والمحبة.

في كل عيد في المكلا يغني على مسارح وساحات وقصر السلطان في ليال متواصلة متلألئة الفنانون الكبار من عدن، نعم يأتون إلينا، يسهرون ويطربون الناس بأغاني زمان، يأتي في عيدنا العدني الحضرمي العربي الفنان محمد سعد عبدالله، والفنان الكبير محمد مرشد ناجي، ومحمد عبده زيدي، والفنان البارز أحمد قاسم، وتصدح الفنانة العدنية صباح منصر (حرام عليك تقفل الشباك والقلب ياصاحبي يهواك).. وقد استضاف نادي الوحدة بالمكلا في الستينيات هذه الفنانة ودخلت ملعب (النخل الطويل)، وشاهدت المباراة بين الفريقين المكلاوي والعدني نهار العيد، وهتف الناس البسطاء باسم هذه الفنانة واحتضنوها على مسرح القصر بالمكلا والشحر.. هي أيام عدن الرائعة البديعة، يوم كانت عدن هي عيدنا ونزفها بألحان النشيد واليوم المجيد.

كانت الدعوات توجه إلى الشخصيات العدنية التي تقود المجتمع هناك والأندية والأنشطة الفنية والمنتديات، مثل الشاعر محمود سعيد جرادة، وشعراء الأغاني، وكذا إلى الأندية واللاعبين الذين كنا نحلم بمشاهدتهم عندما كانت صورهم على أوراق العلكة (اللبان)، وفي المساء نذهب لنضحك مع المنولجست فؤاد الشريف وهو يقول (القبضة منك يوم، والهربة منك سنة)، وأيضا فرقة المصافي والنجوم الفنية الأخرى، مثل أبوبكر سالم بلفقيه الذي أتى مع فريق شباب القطيعي، وشاهدنا اللاعب الأسطورة الخوباني واللاعب القيراط.. كل هذا في أيام العيد، كان الموكب يستقبل الأخوة من عدن من مطار الريان قبل العيد، وتهتف الحناجر لهم لأن هؤلاء القادمين هم بهجة العيد وعنوان التآخي والسلام.

من لحظة أن تضرب مدافع ليلة العيد وتأتي قادمة من غيل باوزير أو دوعن، وتتطاير البرقيات (قبل الفضائيات) بل والراديو والهاتف، فقد تأتي العيد مبكرة بعد المغرب، وقد تأتي منتصف الليل، وحدث أن جاءت العيد في ساعات الصباح الأولى، كنا نعيش في أعماقنا لون وطعم العيد، ونكتب على بطاقات المعايدة التي تحمل صور السلطان صالح بن غالب القعيطي والسلطان الكثيري، وصورة الزعيم جمال عبدالناصر وتطبع في عدن، نكتب ونقول: وقد كان العيد عندنا يوم (الفلاني)، إذ يختلف عيد المكلا عن عيد سيئون أحيانا، وعن عيد جدة وعيد ممباسا وعيد الحبشة، كل واحد بعيد فرحان ومرحان، وكان الله يسعدنا بقدر ما في قلوبنا من صدق وفقر وقناعة نتشاركها جميعا (السلطان والتجار والجنود)، ونتشابه نحن أهل المدينة والقرية والبداوة.

كان موكب السلطان رمز مظاهر العيد، وزغاريد النساء ومرح الأطفال وسرور الرجال، وربما لأننا كنا نشعر بأننا نتعايش عن قرب من بعضنا بعضا، وهو ما بقي فينا نتلذذ بذكره حينا بعد حين.. وهناك ما يظل الناس يرددونه ليلة العيد لحظة سماع صوت المدافع يلتفت بعضنا نحو بعض، ونتساءل: هل جاء أهل عدن إلينا؟!.. وياليلة العيد أنستينا.. ونسأل الله العافية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى