في فمي ماء..

> فضل النقيب:

> الجلد العربي مليء بالدمامل المقززة المتعفنة، وقد استمرأها الجسد المهترئ، فأصبحت صناعة ترضية تافهة يقوم عليها أجناد من كل الألوان وأشباح ليس لها عنوان، وهذا دليل على هوان ما بعده هوان، فبأي آلاء ربكما تكذبان.

خذ بالله أحوال لبنان، وتأمل نهر الأحزان، وهوان الإنسان، على أيدي الزعران، الذين يقيسون مصالحهم بالمسطرة، ولايهمهم ردم شعبهم في مقبرة، إنهم يتجملون بالكلام في الفاضي والمليان، وما من أحد منهم مستعد أن يصدع بالحق إلا أن يضرب على يده كالصبيان، ويساط بالخيزران، تصدر الأوامر إليهم من عواصم الشيطان، فيصدعون، وإذا تركوا يبطرون، ما استقاموا لإنجيل ولاقرآن، فماذا يتوقعون وينتظرون غير البوار والخسران.

خذ العراق الذي عاث فيه المحتلون فسادا بعد أن نخرته الدكتاتورية أكثر من ثلاثة عقود، فتشوهت الطبيعة الإنسانية لشعب هذا البلد العريق، واعتراهم الخوف من الوحش الذي في داخلهم، فالشيعة يخافون عودة الماضي المندثر، والسنة يسيطر عليهم الخوف من المستقبل المنتظر، والأكراد يجزعون من سنة العراق وشيعته، ولايرون ملاذا لهم- مثل حزب الله في لبنان- غير السلاح والزناد، وقضم ما أمكن من الوطن.

خذ ليبيا من العوربة إلى العولمة إلى الأفرقة إلى الأمركة إلى الطموح النووي، ثم الإخلاء، أما المغاربية فدونها خرط القتاد، وتونس من تجفيف المنابع إلى جر المنافع إلى حفظ التوازن على سراط ليبيا، ومفاجآت الجزائر وما ينذر به الساير والطائر، فيما المغرب عين على العروبة الثرية وأخرى على الشمائل الأوروبية وقلق في الصحراء الغربية، وكمن يسير على قشر بيض في العلاقات المغربية الجزائرية.

وما بعد الصحراء في موريتانيا جنوبا وأد للديمقراطية التي ولدت بعملية قيصرية، وهي تتساءل اليوم بأي ذنب قتلت؟!.

خذ السودان، سلة الغذاء العربي، استوطنته المجاعة، جنوبه مهيض، ودارفوره في قبضة التدويل العريض، ورئيسه مهدد بمحاكم دولية تبتزه وتستنزفه ليقبل بالتأويل أو التقية.. ترابيه تراب، عنده لكل سؤال جواب، ومهديه من الذين جابوا الصخر بالواد، يبحث عن مجد الأجداد، ونيله مصاب بالاكتئاب، يجري إلى مستقر له دون أن يطلب أحد منه الحساب.

شمالا مصر، عبقرية المكان، وتوهان الزمان، أنهكها التدقيق في الحساب، فضاع الخرج والجراب، أصحاب الدويقة في المقطم تزلزلهم الصخور، وغرقى العبارات تلتهمهم البحور، والحرائق تئز بفعل ساحر وغفلة مسحور، ومازال صدى محمود درويش يتردد: «يا مصر أعطيني الأمان..»، حتى جاءت ثالثة الأثافي فضيحة تحرير أسرى الصحراء، وما سبقها من الولاء والبراء في تناقضات أقوال الوزراء.

تسألني عن اليمن.. في فمي ماء، وكنا أيام الولدنة والدراسة في مصر المحروسة نحرف أغنية أم كلثوم «حاسيبك للزمن لا عتاب ولا شجن»، فنقول: «حاسيبك لليمن..». هل قلت قبلا: وما أنا إلا من غزية إن غوت *** غويت وإن ترشد غزية أرشدِ.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى