مغذيات النمو

> طه حسين بافضل:

> التأكيد المتواصل من القيادة السياسية على نبذ ثقافة الحقد والكراهية ومحاربة سريانها في جسد المجتمع اليمني من الأمور التي تشكر عليها، ويفرح المحب لوطنه سماعها، ويبقى اجتثاث جذور هذه الصفات الذميمة من أصولها هي الفعل المنتظر، وهو ما يجب الاضطلاع به دوما والقيام به حتما ممن لديه سلطة ومسئولية وقدرة حتى تؤتي هذه التأكيدات الرئاسية أكلها.

إن محاربة الفقر والبطالة بالدرجة الأولى هي النقطة الأساس وحجر الزاوية في هذا المشروع المهم، إذ الحقد والحسد والكراهية لاتنشأ في قوم إلا وتراهم قد ابتلوا بهاتين المصيبتين.

والمتأمل في حال الشعب اليمني يجد أنه من الشعوب الفقيرة، وممن تفشت فيهم البطالة، والعجيب أنك في المقابل تجد رؤوس الأموال الكبيرة والمؤسسات والشركات الضخمة يملكها أفراد قليلون- نسأل الله أن يبارك للجميع- والأسوأ من ذلك كله هو حصر العمل الاستثماري فيمن لديه القدرة على مجابهة المتنفذين واستمالة المسئولين بشيء من العطاء، إنهم يؤكدون بتصرفاتهم السيئة أنه لا طريق للاستثمار في اليمن إلا من طريقهم حتى ولو مزقت صحائف أوامر الحاكم وضرب بها عرض الحائط، هنا ستتولد الكراهية وتشتعل نيران الحقد.

وتتولد هذه الصفات الذميمة عندما تكثر البطالة وتتوزع الوظائف حسب المحسوبية والمكانة ويرزح المتخرج سنوات طويلة وهو بدون مهنة يأكل منها لقمة عيشه ويبني مستقبله، وينظر في المقابل إلى أناس تخرجوا بعده ونالوا الشيء الكثير وهم أقل درجة منه.. تتولد هذه التصرفات السيئة عندما يغيب العدل وينتشر الظلم والفساد بين الناس، وعندما يكون هم المسئول فقط كم سيستفيد من هذا المنصب أو ذاك، فيركل بتصرفاته مصالح الناس، ويغلق ملف شكاواهم، ويصم أذنيه عن سماع أناتهم وتوجعاتهم، ولايداوي جراحاتهم، وما علم أن الناس في حاجة إلى كنف رحيم وإلى رعاية فائقة وإلى بشاشة سمحة وإلى ود يسعهم وحلم لايضيق بجهلهم وضعفهم ونقصهم.. في حاجة إلى قلب كبير يعطيهم ولايحتاج منهم إلى عطاء، ويحمل همومهم ولايعنيهم بهمه، ويجدون عنده دائما الاهتمام والرعاية والعطف والسماح والود والرضا.

إن الحقد الذي يغلي في القلوب منشؤه أيضا ضعف الإيمان وتتابع الأزمات على الإنسان في حياته المعيشية، فالغلاء وكثرة الوباء والعيش في حالة من العناء يولد أفكارا خاطئة ومفاهيم مقلوبة.

فالمواطن غالبا يلهث خلف لقمة عيشه، لايهمه كثرة الكلام بقدر ما يهمه أن يرتفع راتبه ليوفر قوت شهره وتسهل أمور حياته، فبإمكانه حينئذ أن يبيع أفكاره بمجرد تغيير نمط حياته إلى الأحسن، وينشر دواوين المدح والثناء بالحق والباطل لمن تسبب في تغيير حياته إلى النعيم والرخاء.

فعندما يغفل المسئول عن هذا الأمر ويتلهى هو وأمثاله ببناء حياتهم ومستقبل أولادهم وبالمقابل يلغي من تفكيره مستقبل وطنه وأهله، فهناك حدث ولا حرج عن التصرفات الرعناء والمظاهر السيئة التي باستمرارها وتكرارها ستنمو معها حرائق ستأكل الأخضر واليابس.

إن وطننا المبارك بحاجة إلى حزم وشدة في وجه كل من يعيق عجلة تقدمه وتطوره وهناء شعبه وراحته، بحاجة لأن نتسامح دوما.. إلى أخبار استقالات المسئولين الذين ضعفوا في أن يحافظوا على أمن المواطن والأجنبي المستأمن، وإلى محاكم في وجوه من يعيث في الأرض فسادا ونهبا ودمارا، حينئذ سيعيش البلد، لا أقول خالٍ من الحقد والكراهية، ولكن سيعيش حالة مستدامة من الاستقرار والتقدم.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى