سبات وغيبوبة في نخب معطوبة

> صالح حسين الفردي:

> بين يوم وآخر نكتشف أن هناك الكثير من المشكلات في حياتنا، تحتاج منا جميعا إلى التوقف والقراءة والتحليل، وصولا إلى الأسباب الجوهرية التي ضخمت هذه الظاهرة السلبية أو تلك، ولكن عجزنا ينطوي على رؤيتنا السطحية للأشياء، أو تغالفنا عن إتيان الحقيقة من بابها الأساس، صونا للجهد والمشقة والبذل المادي الذي- ربما- يكون هو المحرك للكثيرين للمشاركة في فحص هذه المشكلة أو تلك، تربوية كانت أم ثقافية أم سياسية أم اجتماعية أم غيرها من المشكلات والظواهر التي تتناوش المجتمع، وتعمد إلى تخلفه وعدم انطلاقه بشكل صحيح في الاتجاه الأصوب.

لذلك نجد أننا من أكثر سكان المعمورة- قاطبة- احتفاء بورش العمل وعقد الدورات ووضع الإستراتيجيات، في حين أننا أقلها تمسكا بما جاء في الورق والأدبيات التي خططناها بأيدينا، ونظرة فاحصة للوضع التعليمي والأكاديمي في جامعاتنا السبع الحكومية، يضعك أمام صورة قاتمة لما يمكن أن تغدو عليه الحياة في أوجهها الاقتصادية والتربوية والثقافية والسياسية والحزبية كذلك، بوصف الجامعة خلاصة الرقي في سلم الحياة لأي مجتمع من المجتمعات، وهي- أي الجامعة- المقياس الحقيقي لمدى ما وصل إليه المجتمع من وعي راق، يستجلي حقائق الأشياء وفق أسس منهجية بعيدة عن العشوائية والتخبط و(تركين) الدراسات في الأرفف ليطمرها الغبار، بعد أن تكون السيول المادية قد سالت إلى جيوب الأفذاذ من حملة مشاعل العلم والمعرفة والمنهجية العلمية.

ويبدو الوضع أكثر قتامة وسوءا عندما نقف عند الكثير من المشكلات التي تتقاذف العمل المؤسسي في الجامعة دون أن يكون هناك توجه أو نوايا حسنة لتكريس لغة الحوار الهادئ والرصين بين النخب الأكاديمية، الأمر الذي يوسع الهوة ويعمقها بين القمة والقواعد، وإذا تتبعنا ما يكتب في الصحافة عن الصراعات والتمزقات التي تتناوش العمل الجامعي لهالنا ما وصلت إليه بعض جامعاتنا من تشظ مخيف، ينذر بعوائق كارثية في المدى المنظور، مثال ذلك جامعة حضرموت وما يحدث فيها من إرهاصات مواجهة حامية قادمة بين رئاسة الجامعة وهيئة التدريس والهيئة المساعدة لكلياتها، فهي خير مثال على التخبط الذي يعتري العمل المؤسسي الجامعي، ويخرجه عن قضبانه التي توصل المجتمع إلى وعي وعلم وثقافة هو أحوج ما يكون إليها في هذه المرحلة من حياته، فالكل يعبث بمقدراته وتركيبته وتفاصيله وخصوصيته، والجامعة تعيش حالة عدم توازن وفقدان البوصلة التي تشير إلى وجيعة مجتمعها وأس مشكلاته.

والغريب أن المياه تمور من تحت الأقدام، والكل منشغل بامتيازات المكانة والوضعية التي وجد نفسه قد تقلدها فجأة بضربة حظ، عاثر على مجتمعه، فآثر الاستكانة والصمت، و(يا دار ما دخلك شر) و(الكيّس من اتعظ بغيره) و(قوت الصغيرين أهم)، وهكذا يفقد المجتمع فرصة تلو الأخرى للوقوف بجدية عند ظواهره السلبية المتكالبة عليه من جميع الجهات، وهو في سبات عميق، أما نخبه الثقافية ونخب النخب الجامعية فالغيبوبة ديدنهم الأبدي، ولا عزاء للجامعة!.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى