المفهوم العام للسياحة

> عمر عوض بابلغيث:

> وعدنا من يهمهم الأمر بتجارة السياحة في مقالنا «السياحة ركيزة اقتصادية» الذي نشر في وقت سابق بأن نتطرق إلى مقومات السياحة وعناصرها وعائداتها المختلفة.

وقبل أن نسترسل في المفهوم العام للسياحة، لابد أولاً وقبل كل شيء من تعريف السياحة.

فالسياحة أو ما يمكن أن نسميه بصناعة السياحة أو تجارة السياحة لا تقف على تعريف واحد بعينه فلها أنواع مختلفة، ويعتمد تعريف كل نوع على الغرض الذي تقوم من أجله، إلا أن هناك تعريفاً صادراً عن منظمة السياحة العالمية التابعة لمنظمة الأمم المتحدة، حيث يعرف السياحة بأنه النشاط الذي يقوم به الفرد أو الأفراد بالانتقال من مكان إقامته، أو إقامتهم لمسافة 80 كيلومتراً (ثمانين كيلومتراً) وهنا نؤكد بدورنا أن هذا التعريف بسيط في مدلوله، وسنوضح السبب الذي دفعنا للقول بأنه بسيط في مدلوله، ذلك أن السائح حين يغادر حدود وطنه إلى دولة أخرى (السياحة الدولية) فالمسافة تتجاوز بكثير التعريف الذي ذكر آنفاً.. أما السياحة الداخلية فلها تعريفات تختلف من دولة إلى أخرى. وبالعودة إلى موضوعنا مقومات السياحة وعناصرها فإن جميع أنواع السياحة تتوحد في العناصر السياحية الثلاثة الرئيسية وهي:

أ) السائح أو السائحون: وهي الطاقة البشرية التي تستوعبها الدولة المضيفة صاحبة المعالم السياحية وفقا لمتطلبات حاجة كل سائح أو السياح .

ب) العارضون: هي الدول التي تقدم خدمة السياحة لزوارها أو لسائحيها بعرض كل مالديها من إمكانيات في هذا المجال تتناسب مع طلبات السائحين وذلك بخلق المناخ والبيئة السياحية الناجحة والمتميزة في نوعيتها.

جـ) المعالم السياحية (الموارد الثقافية): تختلف أنواعها من دولة إلى أخرى ويتوفر منها الكثير في بلادنا مما يمكن عرضه وتقديمه للسائح منها:

1) السياحة الثقافية والتاريخية:

تتمثل في زيارة الآثار أو الموروث الإنساني في مأرب، أو ناطحات السحاب المبنية من الطين في شبام حضرموت، كما تتمثل في التعرف على الفن المعماري اليمني الفريد من نوعه والموجود في ربوع الجمهورية (صنعاء القديمة، كوكبان ثلا) وغيرها من المدن والقرى اليمنية، والمهتمون بهذا النوع من السياحة هم شريحة معينة من السائحين على مستويات مختلفة من الثقافة والتعليم وتمثل هذه الشريحة %10 من حركة السياحة العالمية، لذا يجب الاهتمام والعمل على جلب أكبر نسبة من هذه الحركة إلى بلادنا وذلك بتهيئة الأرضية المناسبة لها.

2) السياحة العلاجية: تنقسم إلى قسمين:

أ- السياحة العلاجية: وترتكز على استخدام المراكز والمستشفيات الحديثة بما فيها من تجهيزات ومعدات وكوادر طبية مؤهلة ولها كفاءة عالية وخبرة متميز في تقديم الخدمات العلاجية للقادمين إليها، وبالإمكان تنشيط هذا الجانب إذا ما قام المستثمرون في تهيئة وتجهيز المراكز العلاجية والمستشفيات وفق المعايير والمقاييس الدولية، وعليه يجب على المهتمين في هذا القطاع الاستثمار في تحسين وتطوير وتدريب من يعملون في هذا الحقل.

ب- السياحة الاستشفائية: تعتمد على العناصر الطبيعية في علاج المرضى مثل الينابيع المعدنية والكبريتية والرمال والشمس للاستشفاء من بعض الأمراض الجلدية والروماتيزم وآلام المفاصل والعمود الفقري وغيرها من الأمراض، ومثل هذه المواقع متوفرة في بلادنا ولله الحمد، ويفوق عددها 80 موقعاً موزعة على خارطة الجمهورية، منها على سبيل المثال لا الحصر السخنة وحمام علي وحمامات دمت والحامي والديس وحمام جارف. إلا أن هذه الأماكن بحاجة ماسة وعاجلة إلى الاستثمار لتهيئتها وتجهيزها وفق المعايير الدولية مع إيجاد متخصصين أكفاء لتقديم الخدمة لزوار هذه المراكز العلاجية الاستشفائية.

3) السياحية الدينية:

ومنها زيارة قبر النبي هود وقبور الأولياء في أماكن متفرقة من الجمهورية، وهذه المواقع بحاجة إلى الاستثمار فيها بغرض توفير أماكن للإيواء ومطاعم وأماكن للاستراحة حتى تتمكن من جذب أكبر شريحة من السياح والزوار إليها.

4) السياحة البيئية:

الغرض منها الاستمتاع بالطبيعة والمناظر الخلابة للنباتات وحيواناتها البرية والبحرية، وتتمثل في الصيد البحري للأسماك وزيارة الوديان والجبال والمناطق البرية أو البحرية التي لم تتعرض إلى التلوث ولم يحدث لها خلل في توازنها الطبيعي من قبل الإنسان.

وهذه أيضاً بحاجة إلى الاستثمار فيها وتهيئتها من خلال تشييد النزل الملائمة بما يتناسب مع طبيعة ومناخ المنطقة لتجذب أكبر نسبة من السياح إليها.

5) السياحة الشاطئية والغوص:

وهي مواقع جاذبة للسياح وخصوصاً عندما تتميز رمالها بالنعومة، ومياهها صافية خالية من الصخور صالحة لممارسة الرياضات المائية كالانزلاق المائي وسباق القوارب والطيران الشراعي، أما سياحة الغوص فتتطلب وتشترط توفر مقومات الغوص بها مثل الشعب المرجانية والأسماك الملونة والمياه الدافئة طوال العام والخلجان والينابيع، والحمد لله شواطئنا الطويلة البالغة 2500كم تمتاز بتوفر هذه الشروط ، علاوة على الجزر اليمنية المترامية الأطراف الصالحة لمثل هذه السياحة لما لها من مميزات، وكل ما نحتاجه هو الاستثمار فيها وعمل مراكز تعليم وتأهيل وتدريب على الغوص مع تجهيزها بكل المتطلبات لتصبح مهيئة لاستقبال السياح.

6) سياحة المغامرات:

تحتاج إلى الجبال الشاهقة بغرض التسلق وزيارة الكهوف والوديان والينابيع والشلالات المائية والصحراء وممارسة هواية الصيد البري، وإقامة المخيمات في البراري وهي أيضاً بحاجة إلى الاستثمار فيها.

7) سياحة التسوق:

بالإمكان تقديم سياحة التسوق إذا قام المستثمرون بتوفير كل المتطلبات التي يحتاجها الشخص بجودة عالية وبأسعار مناسبة من المنتجات المحلية والمستوردة وتهيئة المحال التجارية المناسبة لذلك.

8) السياحة التعليمية:

يمكن جذب أكبر نسبة ممكنة إذا ما قمنا بتحسين وتطوير مخرجات التعليم في الجامعات والمدارس الثانوية وقمنا بتهيئة الظروف الملائمة لها.

إضافة إلى الأنشطة السياحية المذكورة أعلاه هناك سياحة المؤتمرات والاجتماعات، ولن نذكر السياحة الفضائية التي تتطلب تقنيات وإمكانيات عالية لأنها لا تتناسب مع واقعنا الحاضر. قمنا بتوضيح العناصر الثلاثة الأساسية التي تتكون منها السياحة إلا أن هناك نوعين أساسيين من السياحة هما:

1) السياحة الدولية: وهو النشاط الذي يتم تبادله ما بين الدولة والسفر من حدود دولة إلى أخرى.

2) السياحة الداخلية: وهو النشاط السياحي الذي يتم من مواطني الدولة أو المقيمين فيها لمدنها المختلفة التي يتوفر بها جذب سياحي أو معالم سياحية تستحق الزيارة، وهذه الصناعة تعتبر تجارة داخلية لأنها تتم داخل حدود الدولة الواحدة ولا تخرج عن نطاقها.

من هناك يتضح لنا أن هناك تعريفات مختلفة للسياحة وتختلف من دولة إلى دولة.. فعلى سبيل المثال لا الحصر ألمانيا وبلغاريا تقومان بتعريف السائح بأنه الشخص الذي يقضي خمسة أيام بعيداً عن محل إقامته، فيما تعرف بريطانيا السائح بأنه الشخص الذي يقضي أربع ليالٍ أو أكثر بعيداً عن سكنه لأغراض لا تتعلق بالعمل.

ونستخلص من ذلك أن السياحة تتم بالسفر جواً أو براً أو بحراً.

مما ذكر أعلاه يتضح لنا أن تجارة السياحة ينطبق عليها «نظرية العرض والطلب» النظرية الاقتصادية المعروفة للكل وأن هذه التجارة تحتاج إلى استثمار مالي، وعلى رجال الأعمال التفكير بكل جدية وقبل فوات الأوان باستثمار أموالهم في هذه التجارة الرابحة الناجحة بكل المقاييس والمعايير لتأخذ بلادنا مكانها ضمن الدول الجاذبة لهذه التجارة التي ستدعم وتردفد الناتج الوطني، لأن السياحة تمكنت من تجاوز كل الأزمات وأثبتت التجارب أنها تجارة لا تنضب ولا تندثر بل تنمو عاماً بعد عام، وبرغم كل الأحداث المؤسفة التي مرت وتمر أو قد تمر بها.. فالسياحة هي صناعة وتجارة مرتبطة بالرغبة الإنسانية الشغوفة في المعرفة وحب التطلع وتخطي الحدود.

وأؤكد مرة أخرى أن السياحة تجارة لها استمرارية وديمومة، وإذا ما اطلعنا وعرفنا بأن عدد السياح في العالم في تزايد مستمر إذ تجاوز عدد السياح 898 مليون سائح خلال سنة 2007م على مستوى العالم وبحسبة بسيطة إذا افترضنا أن السائح يصرف في المتوسط 870 دولارا- الحد الأدنى للصرف باعتبار أن الصرف يختلف من دولة إلى أخرى - ففي الدول العربية يبلغ متوسط الصرف للسائح 650 دولارا- (898×870) مليون فإن النتيجة 781.260.000.000 مليار دولار، وبحسب توقعات ودراسات المنظمة العالمية للسياحة سيصل عدد السياح على مستوى العالم بحلول عام 2010 إلى مليار ومائة مليون سائح (1.100.000.000) أي بزيارة إيجابية نسبتها %18.4 فكم النسبة التي نتوقعها من الإيرادات ومن عدد السياح؟ مجرد سؤال!!

وإذا كانت توقعات المنظمة العالمية للسياحة تشير إلى أن عدد السياح في عام 2020م سيصل إلى 1600 مليون سائح، أي مليار وستمائة مليون سائح فكم العدد أو النسبة من الإيرادات التي نرغب في الحصول عليها؟ مجرد سؤال!!

وإلى موضوع قادم بإذن الله.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى