وعي الشعب صنع الثورة وثورة صنعت شعبا

> لبنى الخطيب:

> في شهر أكتوبر من كل عام نحتفل بالعيد الوطني لثورتنا المجيدة التي انطلقت من قمم جبال ردفان الأبية، وذلك في يوم الاثنين 14 أكتوبر 1963م الموافق 26 جمادى الأولى 1383هـ في الساعة الحادية عشرة ظهراً.

وشرارتها الأولى كانت باستشهاد المناضل الثائر (راجح بن غالب بن نصر لبوزة ) وهو في سن (46 عاماً) ويعد أول شهيد لمسيرة نضال انطلقت من ردفان بقيادته كثائر من قادة الجبهة القومية بعد عملية فدائية نفذها ورفاقه ضد قوات المستعمر البريطاني بالضالع . وفي 23 أكتوبر 1963م وبعد مرور تسعة أيام على استشهاد (لبوزة) أصدرت الجبهة القومية بيانها عن الأحداث التي جرت في ردفان باعتبارها الشرارة الأولى لانطلاقة الثورة ، كما أرسلت الجبهة القومية ذلك البيان إلى الإذاعات العربية عبر وكالة أنباء الشرق الأوسط التي كان حينئذ لها مكتب في صنعاء، فأذيع حينها البيان في الإذاعات العربية في أوقات متفاوتة في كل من إذاعة القاهرة وصوت العرب، وبغداد ودمشق.

إن عوامل نجاح ثورة 14 أكتوبر الوليدة آنذاك هو امتداد تاريخي لنجاح ثورة 26 سبتمبر 1962م ، وفيها وجدت الحركة الوطنية المناضلة ضد الاستعمار البريطاني متنفساً وقاعدة للانطلاق والنضال والتنظيم والإعداد في المناطق اليمنية بشمال الوطن. اعتقد البريطانيين باستشهاد (لبوزة) أن الأمور قد حسمت ، ولكن هذا الاعتقاد كان خاطئاً لأن الثورة باستشهاده دخلت مرحلة جديدة من النضال ضد المستعمر، فما أن هدأت لعدة أيام حتى تفجرت الأوضاع من جديد وشهدت جبهة ردفان أعنف المعارك وألحقت بالقوات البريطانية أكبر الخسائر البشرية والمادية مما أجبر القوات البريطانية على استخدام أسلحتها البرية والجوية في قصف مناطق ردفان دون تمييز وقتلت عشرات من النساء والأطفال والشيوخ، وعند عجز قواتها الموجودة في عدن والعند والضالع عن إخماد الثورة في ردفان استقدمت فرقة عسكرية متكاملة من القوات الخاصة المتمركزة في جنوب أفريقيا يطلق عليها فرقة (الشياطين الحمر)، وهي فرقة مدربة على خوض المعارك في المناطق الجبلية ومزودة بكافة وسائل الدعم بما فيها الطيران (الهيلوكبتر) وأنشأت مطاراً صغيراً في الحبيلين لتلك الطائرات. و أطلق البريطانيون على الثوار في ردفان الذئاب الحمر لأنهم ينقضون على الشياطين الحمر كما ينقض الذئب على فريسته. وواصل رفاق الشهيد (البوزة) النضال من بعده في ردفان ثم الضالع وبعدهما دثينة فعدن لتشمل الثورة المسلحة كل شبر من أرض الجنوب اليمني المحتل .

في بداية 1964 بدأت تصل إلى ردفان القوافل الأولى من الأسلحة الواردة من مصر العروبة وكانت إذاعتا صنعاء وتعز تبثان حملاتهما لدعم الثوار وتوسيع نطاق الثورة وحجمها في وقت كانت فيه الانتفاضة تتزايد وكانت شرارتها تمتد إلى جميع المناطق.

إن أصداء نضال أبناء الجنوب اليمني وثورتهم آنذاك وصلت إلى المحافل الدولية عندما تم عرض قرار لجنة جلاء الاستعمار على الجمعية العامة للأمم المتحدة ووافقت الجمعية العامة على قرار اللجنة وأصدرت في 11 ديسمبر 1963 م بأكثرية 77 صوتاً ضد 10 أصوات وامتناع 11 صوتا قرارها الذي ورد فيه:«تعرب الجمعية عن أسفها البالغ لرفض حكومة المملكة المتحدة لبريطانيا وشمال إيرلندا في التعاون مع اللجنة الفرعية المختصة بعدن، ورفضها السماح للجنة بالذهاب إلى المنطقة تنفيذاً للمهمة التي كلفتها بها اللجنة الخاصة. وتجدد التأكيد بحق شعب المنطقة في التحرر من الحكم الاستعماري وتقرير المصير طبقاً للإعلان القاضي بمنح الاستقلال للأقطار والشعوب».

وواصل الشعب اليمني كفاحه وذروة نضاله بالكفاح المسلح الذي استمر لأربع سنوات ذاق فيه المستعمر البريطاني صنوفاً من التمرد والعمليات الفدائية ونشاط الحركة السياسة والفئات المختلفة العمالية والفدائية والطلابية وقطاعات واسعة من الشعب ، فكانت العمليات الفدائية الشجاعة ضد المستعمر الغاصب الذي لم يكن أمامه إزاء المقاومة البطلة غير الرحيل في 30 نوفمبر 1967م. و لعبت مدينة عدن الباسلة بكل مناطقها و حاراتها و أبنائها شيوخا وشبابا رجالا و نساء دورا مهما في نجاح الأهداف التي لأجلها قامت ثورة 14 أكتوبر حتى يتحقق النصر بالاستقلال الوطني، و برز أيضا دور عدن النضالي في التاريخ اليمني باحتضانها للثوار والمناضلين للثورة اليمنية السبتمبرية والأكتوبرية وقيادات وقواعد العمل السياسي والفدائي. وبمناسبة الذكرى الخامسة والأربعين لأعياد ثورة 14 أكتوبر المجيدة كل عام والثورة اليمنية بزخم للأمام وفي أمان بيد من يحميها وغيور عليها ابتداء من قمة الهرم في القيادة السياسية وتدرجا وكلا حسب اختصاصه وحتى القاعدة العريضة من أفراد شعبنا اليمني، و هنيئا لشعبنا اليمني أعياد الثورة ، مع بذل المزيد من العمل والإبداع والنهضة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأهم النهضة التعليمية وهي الأصعب لما تلعبه من دور مهم في بناء وتكوين شخصية الإنسان فهو طالب اليوم وعماد المستقبل وغدا كادر متخصص وقيادي أو فني لخدمة اليمن والإنسان . و السير في الركب لمواكبة التقدم العلمي والحضاري مع اليقظة الدائمة للحفاظ على منجزات الثورة اليمنية 26سبتمبر و14أكتوبر ودرء الفتن والتعصبات الفكرية والقبلية التي تعيق تقدم اليمن بخطوات بالسير نحو الأمام.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى