الإنسان مبـدأ وموقف

> مقبل محمد القميشي:

> نحن، على ما يبدو، نعيش عهدا طغى فيه الكذب، وتغيرت فيه نفسيات البشر، حتى ضاع منا المبدأ، وأعتقد أن على كل صاحب مبدأ أو موقف وجوب الثبات عليه مهما كانت نتائج مبدئه، وبالطبع ليس بين البشر من لا مبدأ له، لكن كثيرا حادوا عن مبادئهم تحت ذرائع وحجج مختلفة، وليس في حقيقة مسلكهم سوى البحث عن مصالح شخصية دنيوية، ضاربين بمبادئهم والمصلحة العامة عرض الحائط.

ونحن هنا لانقوّم نفسيات الناس أو مبادئهم، لكن قضية حدثت مع أشخاص دفعتني إلى تناول هذا الموضوع، حيث تمثلت القضية بهدف الاتفاق على أمر ما، يتعهد فيه الطرفان- كمبدأ- إنجاز ما اتفق عليه، واعتبرا (الطرفان) أي تراجع عن ما اتفق عليه إخلالا بالعهد.

وفي مثل هذه الحالة لاتنفع تبريرات الطرف المخل بالعهد (المبدأ)، وحتما ستلازمه وترافقه حالة نفسية لا شعورية، تؤنبه على تراجعه ذاك، وإخلاله بما اتفق عليه، مهما دافع أو اعتبر تراجعه وسيلة، فقد أظهره هذا الموقف المتخاذل والمتردد والمستسلم على حقيقته.

ذلك ما يمكن قوله على مستوى الأفراد، ولكن ما بالنا إن تناولنا الاتفاقيات مع الدول التي يمثلها أشخاص، ثم نفاجأ بظهور أصوات تعتبر تلك الاتفاقيات كأنها لم تكن، وأنها لاتمثل إلا الأشخاص الذين صرحوا بها أو وقعوا عليها، وهذا يحدث عند سقوط أحد أطراف الاتفاقية التي تتم بين دولتين من كرسي السلطة، وأوضح مثالا على ما قلنا، وبالإمكان اعتباره خلاصة للموضوع، ما تم التوقيع عليه، وما تم الاتفاق بشأنه في مرحلة عمل اللجان الوحدوية (لجان الوحدة) بين دولتي (الشمال والجنوب) حتى نهار 22 مايو 1991.

ألم تكن هناك اتفاقيات وعهود وحدوية، ألم يوقع كل من الأخ علي عبدالله صالح والأخ علي سالم البيض على الاتفاقيات الوحدوية بابتسامتين عريضتين، تدلان على الرضا بينهما في حينه، ليعلنا بعد ذلك وحدة 22 مايو 1990 ويرفعان علمها؟!.

إذن.. بعد ذلك كيف لنا استساغة تهمة الخيانة والانفصالية على أحد طرفي الوحدة من الطرف الآخر؟! بل كيف نفهم قيام حرب صيف 1994 على أنها تعميد للوحدة، وقد تم تعميدها بسلام وبدون حرب وبدون إراقة قطرة دم؟!.

كيف نفسر كل ذلك؟! وكيف نفسر مبادئ البشر بعد كل ذلك ونقوّمها، وما موقف الدين الإسلامي من ذلك؟. هل نعتبر الطرفين خونة لما تم الاتفاق عليه وللوحدة، أم نعتبر المنتصر في الحرب على حق طالما السلاح بيده؟. نحن العامة بعيدون عن حقائق ما يجري، لانسمع إلا تخوين السلطة لكل من ينتقد ممارساتها غير الوحدوية، حتى وإن اتفقت مبادئه مع مبادئها، وقد عرفنا كثيرين تخلوا عن مبادئهم اليوم، وعرفنا كثيرين كذبوا على بعضهم، مع ذلك لم تخل الساحة من الثابتين على مبادئهم، الذين سيسجل لهم التاريخ مبادئهم المشرفة، فهو الحكم مثلما الدين، أساس للتعامل بين البشر.

ِ[email protected]

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى