الأزمة الأمريكية وأوجه تشابهها مع الأزمة اليمنية
> محمد عبدالله باشراحيل:
هزت الأزمة المالية الراهنة في الولايات المتحدة الأمريكية كل بلدان العالم وبدرجات متفاوتة من جهة، كما هزت أحد أهم دعائم النظرية الرأسمالية المتمثلة في عدم تدخل الدولة في الشأن الاقتصادي القائم على آلية السوق والتنافس الحر من جهة ثانية.. ومن نتائج هذه الأزمة - والبارزة على السطح حتى الآن - إفلاس أكبر شركة تأمين وعدد من البنوك الكبرى في أمريكا، حيث بلغت الخسائر المعلنة فيها نحو 4.5 تريليون دولار، وانعكاس الأزمة المالية على دول العالم التي لم تهز الثقة في البورصات المالية فحسب، بل وفي نظرية الاقتصاد الحر نفسه أيضا، وبروز تصريحات بضرورة تدخل الدولة، الأمر الذي لا يتفق مع هذه النظرية، ودعوات بإعادة صياغة نظام اقتصادي عالمي جديد.
أبرز أسباب الأزمة وأوجه تشابهها
مع اليمن
يعيد الكثير من المحللين الاقتصاديين تلك الأزمة إلى أسباب عدة أهمها:
1- تعويم الدولار الأمريكي عام 1972م في عهد الرئيس (نيكسون)، وإلغاء ارتباطه باحتياطي الذهب.. وللعلم فإن الريال اليمني مرتبط بالدولار إلى حد كبير.
2- تخفيض أسعار الفائدة للدولار منذ أكثر من 7 سنوات والذي شجع المواطنين الأمريكيين على الاقتراض، ومن ثم على الشراء وزيادة الاستهلاك، ومع مرور الزمن أصبحت ظاهرة الاقتراض وشغف التسوق عادة وسلوكا في المجتمع الأمريكي.
وعند ارتفاع الأسعار عالميا - مؤخرا - وعدم قدرة المواطن الأمريكي على ترشيد استهلاكه، لم يتمكن معظم المترفين من تسديد الأقساط التي عليهم للبنوك المقرضة، وكان هذا سببا في انهيار بعضها.
وفي اليمن بدأت ملامح إفلاس بعض البنوك، فإذا لم تحكم الدولة الرقابة على البنوك فإنها ستكون عرضة ومهددة بالانهيار أيضا.
3- تفرُّد الولايات المتحدة الأمريكية وهيمنتها على العالم كقطب وحيد فيه - بعد انهيار الاتحاد السوفيتي - أوجد خللا وحالة عدم توازن في العالم، أفرزت تبعات تتناقض مع منطق التعددية والديمقراطية والتنافس الحر.
وفي اليمن الحالة مشابهة، حيث تنفرد بالحكم مجموعة من المتنفذين في القبيلة وفي الحزب الحاكم، وتهيمن على الوظيفة والثروة والقرار، ولم تدع الأحزاب السياسية أو المؤسسات أو منظمات المجتمع المدني أن تلعب دورها الحقيقي، أو أن تمارس مهامها بصورة صحيحة رغم ادعائها بالديمقراطية.
4- إعلان أمريكا الحرب على ما سمي بالإرهاب عام 2001، واتساع رقعته عالميا وما حمله معه من خفايا وتداعيات وتدخلات في شؤون دول أخرى، وصلت إلى درجة احتلال دول كالعراق مثلا، وذلك بخلفية استراتيجية الهيمنة الأمريكية على المنطقة بهدف السيطرة على النفط فيها، وفي الجمهورية اليمنية كانت هناك حروب طاحنة بدأت بحرب صيف 94 التي كانت لها نتائج كارثية على الجنوب بدرجة أساسية، تلتها حروب صعدة المدمرة منذ خمس سنوات والمستمرة دون حل حتى يومنا هذا.
والجدير بالإشارة أن تكلفة الحرب في العراق وحده تقارب 500 مليون دولار يوميا، أما حرب صعدة فقد أنهكت خزانة الدولة، والله هو العالم بالمليارات الحقيقية التي أنفقت لهذا الغرض، ولكن ربما المستفيدون من الحرب يعلمون ذلك!.
5- إصدار أذونات خزانة، وإغراق الخزينة الأمريكية في ديون كبيرة لتغطية الإنفاق العسكري الهائل وغير المتوازن مع الناتج القومي، وإذونات الخزانة في اليمن تمثل إحدى المشاكل المالية الكبرى التي تواجه اقتصادياته.
ومن المصادفات أن الولايات المتحدة قيل أنها استخدمت تريليونين من الدولارات من صندوق المتقاعدين كجزء من حل الأزمة اقتداءً باليمن التي سبقتها عندما خصصت 70 مليار ريال يمني (نحو 350 مليون دولار) من صندوق المعاشات لبناء مساكن للشباب في العديد من المحافظات، وبطبيعة الحال الخطأ فادح في الحالتين، وتعتبر قرصنة حكومية، لأن صناديق المتقاعدين ملك لهم وللمساهمين، وليست ملكا للحكومة.
والخلاصة إن سياسة التفرد بالسلطة وممارسة الغطرسة والتعالي وتهميش وإلغاء الآخر سواء أكانت على المستوى الدولي أم على المستوى الوطني، تؤدي إلى نكسات فادحة، وتقود حتما إلى أزمات خطيرة، لذا فإننا ننصح السلطة المتعالية أن تتواضع قليلا، وتحاول قراءة ما يجري في العالم من تغيرات وتحولات بصورة صحيحة، وتأخذ منها الدروس والعبر قبل أن تتفاقم الأمور وتتعقد أكثر فأكثر، وأن تبادر بحل المشاكل الأساسية وفي مقدمة ذلك الاعتراف بالقضية الجنوبية، خاصة وأن مؤشرات الانهيار تلوح في الأفق ابتداء من سقوط الريال، مع التأكيد على أن رياح التغيير قادمة لا محالة، لأن الدوام والبقاء لله وحده.
[email protected]
أبرز أسباب الأزمة وأوجه تشابهها
مع اليمن
يعيد الكثير من المحللين الاقتصاديين تلك الأزمة إلى أسباب عدة أهمها:
1- تعويم الدولار الأمريكي عام 1972م في عهد الرئيس (نيكسون)، وإلغاء ارتباطه باحتياطي الذهب.. وللعلم فإن الريال اليمني مرتبط بالدولار إلى حد كبير.
2- تخفيض أسعار الفائدة للدولار منذ أكثر من 7 سنوات والذي شجع المواطنين الأمريكيين على الاقتراض، ومن ثم على الشراء وزيادة الاستهلاك، ومع مرور الزمن أصبحت ظاهرة الاقتراض وشغف التسوق عادة وسلوكا في المجتمع الأمريكي.
وعند ارتفاع الأسعار عالميا - مؤخرا - وعدم قدرة المواطن الأمريكي على ترشيد استهلاكه، لم يتمكن معظم المترفين من تسديد الأقساط التي عليهم للبنوك المقرضة، وكان هذا سببا في انهيار بعضها.
وفي اليمن بدأت ملامح إفلاس بعض البنوك، فإذا لم تحكم الدولة الرقابة على البنوك فإنها ستكون عرضة ومهددة بالانهيار أيضا.
3- تفرُّد الولايات المتحدة الأمريكية وهيمنتها على العالم كقطب وحيد فيه - بعد انهيار الاتحاد السوفيتي - أوجد خللا وحالة عدم توازن في العالم، أفرزت تبعات تتناقض مع منطق التعددية والديمقراطية والتنافس الحر.
وفي اليمن الحالة مشابهة، حيث تنفرد بالحكم مجموعة من المتنفذين في القبيلة وفي الحزب الحاكم، وتهيمن على الوظيفة والثروة والقرار، ولم تدع الأحزاب السياسية أو المؤسسات أو منظمات المجتمع المدني أن تلعب دورها الحقيقي، أو أن تمارس مهامها بصورة صحيحة رغم ادعائها بالديمقراطية.
4- إعلان أمريكا الحرب على ما سمي بالإرهاب عام 2001، واتساع رقعته عالميا وما حمله معه من خفايا وتداعيات وتدخلات في شؤون دول أخرى، وصلت إلى درجة احتلال دول كالعراق مثلا، وذلك بخلفية استراتيجية الهيمنة الأمريكية على المنطقة بهدف السيطرة على النفط فيها، وفي الجمهورية اليمنية كانت هناك حروب طاحنة بدأت بحرب صيف 94 التي كانت لها نتائج كارثية على الجنوب بدرجة أساسية، تلتها حروب صعدة المدمرة منذ خمس سنوات والمستمرة دون حل حتى يومنا هذا.
والجدير بالإشارة أن تكلفة الحرب في العراق وحده تقارب 500 مليون دولار يوميا، أما حرب صعدة فقد أنهكت خزانة الدولة، والله هو العالم بالمليارات الحقيقية التي أنفقت لهذا الغرض، ولكن ربما المستفيدون من الحرب يعلمون ذلك!.
5- إصدار أذونات خزانة، وإغراق الخزينة الأمريكية في ديون كبيرة لتغطية الإنفاق العسكري الهائل وغير المتوازن مع الناتج القومي، وإذونات الخزانة في اليمن تمثل إحدى المشاكل المالية الكبرى التي تواجه اقتصادياته.
ومن المصادفات أن الولايات المتحدة قيل أنها استخدمت تريليونين من الدولارات من صندوق المتقاعدين كجزء من حل الأزمة اقتداءً باليمن التي سبقتها عندما خصصت 70 مليار ريال يمني (نحو 350 مليون دولار) من صندوق المعاشات لبناء مساكن للشباب في العديد من المحافظات، وبطبيعة الحال الخطأ فادح في الحالتين، وتعتبر قرصنة حكومية، لأن صناديق المتقاعدين ملك لهم وللمساهمين، وليست ملكا للحكومة.
والخلاصة إن سياسة التفرد بالسلطة وممارسة الغطرسة والتعالي وتهميش وإلغاء الآخر سواء أكانت على المستوى الدولي أم على المستوى الوطني، تؤدي إلى نكسات فادحة، وتقود حتما إلى أزمات خطيرة، لذا فإننا ننصح السلطة المتعالية أن تتواضع قليلا، وتحاول قراءة ما يجري في العالم من تغيرات وتحولات بصورة صحيحة، وتأخذ منها الدروس والعبر قبل أن تتفاقم الأمور وتتعقد أكثر فأكثر، وأن تبادر بحل المشاكل الأساسية وفي مقدمة ذلك الاعتراف بالقضية الجنوبية، خاصة وأن مؤشرات الانهيار تلوح في الأفق ابتداء من سقوط الريال، مع التأكيد على أن رياح التغيير قادمة لا محالة، لأن الدوام والبقاء لله وحده.
[email protected]