أجندة الوفاق العقيمة

> عبدالقوي الأشول:

> تبدو التبدلات الاقتصادية عاصفة على المستوى العالمي.. تداعٍ ربما لم يكن متوقعا، خصوصا في البلدان الغنية، إلا أن هذا الحصاد حتمي في حال السياسات غير المسئولة.. وقد لانبدو معنيين بالتنظير أو الإدلاء بدلونا في طبيعة الأزمات الاقتصادية التي يشهدها العالم، أعني أعتى المراكز الاقتصادية التي لايتوقع لها الخبراء العودة إثر المعالجات الراهنة إلى ما كانت عليه قبل تداعياتها المرعبة.

فما يعنينا بالطبع هو حالنا كبلدان غير منتجة، تعاني أزمات حادة وعبث بمقدراتها وإمكانياتها جراء سياسة الفساد القائمة وغياب المعالجات أو إستراتيجيات المعالجات، التي على الأقل تمنع وصول الأوضاع إلى مرحلة الكوارث، بمعنى أدق إذا كان العالم يتحدث عن تردٍ وانخفاض اقتصادي، فالحال بالنسبة لنا يعني ببساطة كوارث ومجاعات في حدها الأدنى، إذا لم يفضِ إلى حروب وصراعات وغياب الدولة عن مسرح الحياة، كما هو حال جيراننا الأعزاء في الصومال الممزق.

إذاً حالنا في اليمن السعيد أكثر قتامة وأشد هشاشة، ولاتوجد قراءة واقعية لمشهد الحياة، لا في حاضرها ولا مستقبلها القريب، حتى إن ما تدور من رحى السياسات، سواء على صعيد السلطة أم المعارضة، جميعها تتفق على تجاوز التشخيص الواقعي للحياة ومتطلباتها إلى ما يمثل لهذه الأطراف المتصارعة المتقاربة المتعايشة المتفقة في نهاية المطاف على كل ما يحفظ لأطرافها مصالحه ومنافعه، وهذا كل شيء، أي أن العدمية في عطاء السلطة وعدم الشعور بالقلق والمسئولية أمر أثبته نهجها خلال السنوات الماضية، في حين لاتشذ المعارضة، بقدر اصطفافها الفضفاض، عن هذا الحال، إلا بقدر صخبها الوهمي، وهدر تضحيات الجماهير بمخرجاتها الهزيلة عند كل عملية استحقاق انتخابي.

حال يجعل اليمن مرشحة وبقوة لأوضاع كارثية اقتصاديا بحكم حالة الإمعان في طرق التصالحات الفضفاضة التي تضمن أطراف السلطة والمعارضة من خلالها مواقعها ومصالحها، وعدمية تبدو مع مرور السنوات مقلقة، خصوصا تحت ظل وفاقها السقيم، وغياب التنمية وتبديد الموارد من الأمور المسلم بها وغير القابلة في هذه الأجواء للاحتواء بحكم هذه الديمومة العجيبة للوضع السياسي بكل أبجدياته وأجندته المكررة، مع ما يعتمل من الممارسات الديمقراطية الشكلية التي لم ولن تفضي يوما إلى إجراء أدنى تغيير للوضع القائم.

إذاً الحال اليوم يبدو جدا مقلقا بحكم عوامل التعرية القاسية التي يواجهها الاقتصاد اليمني، مع ما يواجهه من انفجار سكاني ومع ما نقاسيه من تقلبات مناخية ودورات جفاف متتالية، وبطالة مدهشة في ارتفاع نسبها، وحالة فساد غير مسبوقة.

فبحكم توالي دورات الجفاف فقد معظم سكان المناطق الريفية وشبه الحضرية عوامل استقرارهم، وهؤلاء يمثلون نسبة عالية جدا من السكان، بحكم تركيبة المجتمع اليمني الذي يوجد جل سكانه في هذه المناطق.. أي أن الوضع يشهد حاليا حالة تحول غير مسبوقة ونزوحا للمدن والمناطق السهلية، وهو نزوح سكاني لايمثل حلا لهؤلاء بحكم انضمامهم إلى سكان المدن والمناطق السهلية التي لاتقل معاناتها في وضعها الراهن عن الأرياف من حيث البطالة وغياب الخدمات وتدني مستويات التعليم وغياب العوامل الصحية.

وضع كارثي ربما يمثل على المدى القريب مفاجأة غير سارة لمن ينعمون بحالات الوفاق المستدامة، التي ستبدو هشة للغاية أمام تداعيات الوضع الاقتصادي على نحو يصعب احتواؤه أو تقديم المعالجات إزاءه، عندها ستبدو سياسات أحزابنا في السلطة والمعارضة غير متصلة بالواقع، إن لم يكن الحال خارج نطاق سيطرتها واحتوائها.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى