مران وردفان صلاة عيد وذكرى ثورة
> محمد علي محسن:
لماذا المواجهات المسلحة بين جماعات الحوثي والدولة طوال السنوات الخمس الماضية كانت تستهدف الثورة والجمهورية في المقام الأول؟ ولماذا كل الاحتجاجات في المحافظات الجنوبية- حتى وإن وصلت للمطالبة بالماء والكهرباء- مهددة للوحدة الوطنية وللدولة اليمنية المتوحدة منذ 18 عاما؟ ولماذا إصرار أحزاب المعارضة على رفض المشاركة في الانتخابات البرلمانية- دونما مكاسب حقيقية، ودونما توافر الحدود الدنيا من الشفافية والديمقراطية- صار مقوضا ومزعزعا لاستقرار وتنمية البلد، وبما يستدعي إعادة النظر في التعددية السياسية والحزبية ذاتها؟. ثلاثة أسئلة قديمة جديدة، تطرح نفسها بقوة كلما اتسعت دائرة الخلافات بين الحكم ومناوئيه.
صعدة ختمت رمضان بعيدين للفطر، الأول للدولة ومواليها والآخر للحوثي وأتباعه، الجنوب يحتفي بذكرى ثورة 14 أكتوبر بذات المشهد، وإن اتفق في توقيته الواحد مع الدولة المحتفية به في صنعاء، إذ إن المناسبة كل يحتفي بها على طريقته، الدولة في ميدان السبعين بجيشها وإعلامها ومسئوليها، وحملة راية القضية الجنوبية في ردفان، هم وجماهيرهم وخطابهم وقياداتهم.
بين الحالتين والمناسبتين الدينية والوطنية تقف التعددية والديمقراطية والأحزاب، وكأنها خلف صلاة العيد يوم الأربعاء في مناطق ضحيان ومران وحيدان وساقين والرزامات وسحار وغيرها من مناطق صعدة، أو مهرجان ردفان يوم الإثنين 13 أكتوبر.
بالإجابة عن الأسئلة الثلاثة سنكون كمن وضع يده على الداء المزمن ومسبباته وسبل علاجه، وبالطبع هذه الإجابات المشخصة لمشكلات البلد نجدها في خطاب وفكر وسلوك من يحكم اليوم، فحينما يصف الإعلام الرسمي ما حدث في صعدة على أنه تمرد إمامي كهنوتي لإعادة حكم الأئمة والانقلاب على الثورة والنظام الجمهوري فإنه بهكذا خطاب يجيب عن جوهر المشكل القديم والقائم منذ قيام الثورة في الشمال وحتى الوقت الراهن، كما أن وصم ما يجري في الجنوب بالانفصالية واللاوحدوية يأتي في سياق المشكلة نفسها الواقعة في الجنوب منذ الانقلاب على الوحدة السلمية صيف 94م، الحال ذاته يتساوق مع الديمقراطية والتعددية الحزبية والحريات العامة التي إذا ما تجاوزت مطالبها الاعتيادية وفكرت بالوصول إلى الحكم عبر انتخابات حرة ونزيهة فإنها تستلزم التأديب والوقوف عند حدها.
الثورة والجمهورية ماتزال في خطر بعد أربعة عقود ونصف، والوحدة محفوفة بالخيانة والتآمر عليها، والديمقراطية والتعددية والحزبية ستمزق النسيج الاجتماعي، وستؤثر على وحدة البلاد وعلى التنمية والاستثمار والسكينة، فماذا بقي لنا من الثورتين والوحدة؟.
ما شاهدناه في محافظات الجنوب هو نتاج طبيعي لمشكلة مستدامة، بدأت أعراضها قبل عقد ونصف، وما جرى في صعدة تمتد جذوره إلى مشكلات بعيدة ظلت مدفونة في أعماق وأفكار المناوئين إلى أن كشفت عنه المواجهات، وما يراد للتعددية السياسية من عقاب لم يكن وليد المصلحة الوطنية، بل نتيجة العقلية والذهنية التي أدمنت الرفض والتخوين وابتداع المسميات تجاه من يخالفها الرأي، وجميع هذه المسميات (الجمهورية والوحدة والتعددية) من فرط استخدامها بات المواطن البسيط لايستسيغها، إنها أشبه ببضاعة كاسدة وعتيقة، وعلى من يحكم إعادة النظر في تسويقه لنفسه وفق مقتضيات الحاجة والعصر الراهن اللذين أغفلهما عند الحديث عن مخاطر وهواجس كامنة في ذهنه وفكره.
فحينما يواجه انسلاخا جغرافيا في صعدة بداعي الحفاظ على النظام الجمهوري وليس الوحدة، فلاشك المسألة غير مقبولة، وعندما تقع احتجاجات في الجنوب بداعي حفظ الوحدة وليس النظام والقانون والدولة الواحدة، فبكل تأكيد هذه الممارسات تفصح عن المشكلة، وحينما تهدد التعددية بالإلغاء لمجرد عدم المشاركة في الانتخابات، فالمسألة تدعونا للتساؤل عن ماهية المتبقي من الوحدة والديمقراطية!.
صعدة ختمت رمضان بعيدين للفطر، الأول للدولة ومواليها والآخر للحوثي وأتباعه، الجنوب يحتفي بذكرى ثورة 14 أكتوبر بذات المشهد، وإن اتفق في توقيته الواحد مع الدولة المحتفية به في صنعاء، إذ إن المناسبة كل يحتفي بها على طريقته، الدولة في ميدان السبعين بجيشها وإعلامها ومسئوليها، وحملة راية القضية الجنوبية في ردفان، هم وجماهيرهم وخطابهم وقياداتهم.
بين الحالتين والمناسبتين الدينية والوطنية تقف التعددية والديمقراطية والأحزاب، وكأنها خلف صلاة العيد يوم الأربعاء في مناطق ضحيان ومران وحيدان وساقين والرزامات وسحار وغيرها من مناطق صعدة، أو مهرجان ردفان يوم الإثنين 13 أكتوبر.
بالإجابة عن الأسئلة الثلاثة سنكون كمن وضع يده على الداء المزمن ومسبباته وسبل علاجه، وبالطبع هذه الإجابات المشخصة لمشكلات البلد نجدها في خطاب وفكر وسلوك من يحكم اليوم، فحينما يصف الإعلام الرسمي ما حدث في صعدة على أنه تمرد إمامي كهنوتي لإعادة حكم الأئمة والانقلاب على الثورة والنظام الجمهوري فإنه بهكذا خطاب يجيب عن جوهر المشكل القديم والقائم منذ قيام الثورة في الشمال وحتى الوقت الراهن، كما أن وصم ما يجري في الجنوب بالانفصالية واللاوحدوية يأتي في سياق المشكلة نفسها الواقعة في الجنوب منذ الانقلاب على الوحدة السلمية صيف 94م، الحال ذاته يتساوق مع الديمقراطية والتعددية الحزبية والحريات العامة التي إذا ما تجاوزت مطالبها الاعتيادية وفكرت بالوصول إلى الحكم عبر انتخابات حرة ونزيهة فإنها تستلزم التأديب والوقوف عند حدها.
الثورة والجمهورية ماتزال في خطر بعد أربعة عقود ونصف، والوحدة محفوفة بالخيانة والتآمر عليها، والديمقراطية والتعددية والحزبية ستمزق النسيج الاجتماعي، وستؤثر على وحدة البلاد وعلى التنمية والاستثمار والسكينة، فماذا بقي لنا من الثورتين والوحدة؟.
ما شاهدناه في محافظات الجنوب هو نتاج طبيعي لمشكلة مستدامة، بدأت أعراضها قبل عقد ونصف، وما جرى في صعدة تمتد جذوره إلى مشكلات بعيدة ظلت مدفونة في أعماق وأفكار المناوئين إلى أن كشفت عنه المواجهات، وما يراد للتعددية السياسية من عقاب لم يكن وليد المصلحة الوطنية، بل نتيجة العقلية والذهنية التي أدمنت الرفض والتخوين وابتداع المسميات تجاه من يخالفها الرأي، وجميع هذه المسميات (الجمهورية والوحدة والتعددية) من فرط استخدامها بات المواطن البسيط لايستسيغها، إنها أشبه ببضاعة كاسدة وعتيقة، وعلى من يحكم إعادة النظر في تسويقه لنفسه وفق مقتضيات الحاجة والعصر الراهن اللذين أغفلهما عند الحديث عن مخاطر وهواجس كامنة في ذهنه وفكره.
فحينما يواجه انسلاخا جغرافيا في صعدة بداعي الحفاظ على النظام الجمهوري وليس الوحدة، فلاشك المسألة غير مقبولة، وعندما تقع احتجاجات في الجنوب بداعي حفظ الوحدة وليس النظام والقانون والدولة الواحدة، فبكل تأكيد هذه الممارسات تفصح عن المشكلة، وحينما تهدد التعددية بالإلغاء لمجرد عدم المشاركة في الانتخابات، فالمسألة تدعونا للتساؤل عن ماهية المتبقي من الوحدة والديمقراطية!.