توتر غير مسبوق في البورصات العالمية وسط ازمة قد تتواصل

> باريس «الأيام» ا.ف.ب :

>
لا يزال التوتر يسود البورصات العالمية في ظل المخاوف من استمرار الازمة المالية الدولية وعلى وقع تصفيات كبيرة يقوم بها المضاربون لاسهمهم الهالكة، في وقت تزداد فيه الدعوات الى عقد قمة لاصلاح النظام المالي الدولي قبل نهاية العام.

فقد فتحت بورصة وول ستريت على تراجع واضح أمس الجمعة، ثم سجل مؤشر داو جونز ومؤشر ناسداك ارتفاعا من 05،3% و04،3% على التوالي في الساعة 18:00ت غ.

وقال باتركي اوهاري من موقع "بريفينغ دوت كوم" ان "الامر الوحيد الاكيد هو ان ظروف المبادلات ستظل غير مستقرة".

وبعد تراجع كبير أمس الأول، اغلقت البورصات الاوروبية على ارتفاع واضح أمس الجمعة. فكسبت بورصة لندن 22،5 في المئة وبورصة فرانكفورت 43،3 في المئة وبورصة باريس 4، 68 في المئة وبورصة ميلانو 49،4 في المئة وبورصة سويسرا 66،6 في المئة وبورصة مدريد 73،3 في المئة.

وفي اسيا، اغلقت بورصة طوكيو على ارتفاع بلغ 78،2 في المئة بعدما خسرت أمس الأول 41،11 في المئة. ومثلها بورصة شنغهاي التي ارتفعت بنسبة 08،1 في المئة. لكن بورصة هونغ كونغ خسرت 4،4 في المئة وكذلك سنغافورة (73،3 في المئة) وبومباي (73،5 في المئة) التي تراجعت الى ادنى مستوى لها منذ حزيران/يونيو 2006.

واعتبر الخبير اريك غالييغ ان عدم استقرار البورصات العالمية "غير مسبوق" في التاريخ، وقال "انها حركات مجنونة بامتياز لا يعادلها شيء في التاريخ".

اما اسهم المضاربات فتراجعت الى حد كبير وتم تقديرها ب1800 مليار دولار. وعلق غالييغ ان "قسما من هذه الصناعة يحتضر"، مضيفا ان "المضاربين يقومون بتصفية اسهمهم الهالكة من دون الالتفات الى الاقتصادات الناشئة".

من جهته، اكد مدير برنامج الامم المتحدة للتنمية كمال درويش أمس الجمعة ان الركود الذي خلفته الازمة المالية في الدول الغنية "سيستمر اكثر من عام، بين عام وعام ونصف العام".

وتبدو هذه التوقعات صحيحة الى حد كبير في ظل المؤشرات الاقتصادية السيئة، وذلك رغم تأكيد الرئيس جورج بوش ان التدابير التي اتخذتها ادارته "ستنجح".

وواصلت سوق بناء المساكن تراجعها غير المسبوق في الولايات المتحدة، وسجل انخفاض اضافي في عدد الورش الجديدة في ايلول/سبتمبر وصولا الى ادنى مستوياته منذ كانون الثاني/يناير 1991، بحسب ارقام رسمية نشرت أمس الجمعة.

والواقع ان مؤشر الثقة لدى المستهلكين الاميركيين تراجع بمعدل 13 نقطة في تشرين الاول/اكتوبر.

وذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" ان الاحتياطي الفدرالي الاميركي يبحث امكان خفض اكبر لنسبة فائدته الرئيسية لانعاش الاقتصاد.

وفي اوروبا، تراجعت في ايطاليا الطلبات الصناعية في اب/اغسطس بنسبة 2،5 في المئة. ويتوقع اصحاب العمل الايطاليون ان يتراجع اجمالي الناتج الداخلي بنسبة 2،0 في المئة العام 2008.

وكانت المانيا توقعت ان يتراجع النمو العام المقبل بنسبة 2،0 في المئة، فيما تشهد ايرلندا ركودا.

اما الاستثمار في المؤسسات العقارية في ابرز الاسواق الاوروبية فتدهور بنسبة 33 في المئة في الفصل الثالث من هذا العام.

وحيال هذه الازمة، تزداد الدعوات الى عقد قمة لاصلاح النظام المالي الدولي، وذلك على غرار مؤتمر "بريتون وودز" الذي وضع العام 1944 اسس النظام العالمي الجديد. ويطالب الاوروبيون بقمة تجمع مجموعة الثماني وابرز الدول الناشئة.

وقال الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي يتولى الرئاسة الدورية للاتحاد الاوروبي ان "اوروبا تريد (انعقاد) القمة قبل نهاية العام، اوروبا تطلب ذلك وسيكون لها ما تريد". لكن السؤال ما اذا كان ساركوزي سيقنع نظيره الاميركي بذلك خلال لقائهما السبت في كمب ديفيد (الولايات المتحدة) في حضور رئيس المفوضية الاوروبية جوزيه مانويل باروزو.

وبدا أمس الجمعة ان بوش يستبعد عقد قمة مماثلة قبل نهاية 2008، عبر اعلانه ان تحديث القوانين المالية ينبغي ان يكون "اولوية" لدى خلفه، محذرا من تداعيات اي قوانين جديدة.

ويريد الاوروبيون ايضا شكلا من المراقبة الدولية للاسواق، ويدعون الى اصلاح في هذا الاطار لصندوق النقد الدولي.

وشدد رئيس الوزراء البريطاني غوردن براون على "وجوب اعادة بناء صندوق النقد الدولي ليتكيف مع العالم المعاصر".

في المقابل، دعا ممثلو اصحاب العمل في خمس دول اعضاء في مجموعة الثماني التي تضم المانيا وكندا والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وايطاليا واليابان وروسيا، الدول الى الكف عن التدخل في الاقتصاد مع انتهاء الازمة.

وحضوا بعد لقاء في باريس الحكومات على عدم زيادة العبء الضريبي على الشركات وتفادي التدابير الحمائية.

وفي انتظار القمة الدولية الموعودة، تواصل اوروبا تحركها.

فالخطة الحكومية الالمانية لحماية المصارف والبالغة قيمتها 480 مليار يورو والتي اقرها البرلمان ستدخل حيز التطبيق الاثنين.

وستقدم المفوضية الاوروبية اقتراحات قبل نهاية العام لتقليص الاخطار الناجمة عن الازمة المالية.

وخلال زيارته لبكين الاسبوع المقبل، سيدعو الرئيس ساركوزي الصين الى المشاركة في البحث عن حل للازمة المالية العالمية، بحسب ما اعلن أمس الجمعة الامين العام لحزب "الاتحاد من اجل حركة شعبية" الحاكم في فرنسا.

لكن اوروبا لا تزال منقسمة حول اعداد خطة للنهوض الاقتصادي على مستوى القارة.

ورغم ان ساركوزي يدافع عن هذا الاقتراح، فقد اعتبرت المفوضة الاوروبية فيفيان ريدينغ أمس الجمعة ان هذا الامر بمثابة "وحش اداري".

ويشكل تراجع اسعار النفط مؤشرا اضافيا الى الصعوبات الاقتصادية. فتدهور الاسعار حتى نحو سبعين دولارا دفع منظمة الدول المصدرة للنفط (اوبك) الى تقريب موعد اجتماعها المقبل ثلاثة اسابيع بحيث تلتئم في 24 تشرين الاول/اكتوبر، وذلك لتقرر خفضا محتملا لانتاجها بنحو مليون برميل يوميا.

ووصف براون هذا الاجراء أمس الجمعة بانه "مشين".

بدورها، قررت اكبر شركة للتعدين في العالم "ارسيلورميتال" تقليص انتاجها العالمي من الصلب جراء تراجع الطلب. وقد يناهز هذا الخفض 15 في المئة.

ولا تزال تداعيات الازمة مستمرة في كل انحاء العالم. فاوكرانيا باشرت أمس الجمعة مفاوضات مع صندوق النقد الدولي لاقراضها 14 مليار دولار بعدما اعلن الصندوق استعداده لمساعدة الدول الناشئة.

في المقابل، تشهد سوق القروض بين المصارف انفراجا لليوم السادس على التوالي. وكان شلل حركة الاقراض بين المصارف في صلب الازمة المالية العالمية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى