طائرات مسرطنة

> صلاح العماري:

> تتشعب المخاوف ويزداد الفزع من السلبية المفرطة واللامبالاة الواضحة إزاء الظواهر الأكثر سوءا وانتشارا في المجتمع.. هذا السكون والهدوء يضاعف اليأس ويؤكد استصغارنا للإنسان ومكانته في المجتمع اليمني.

نحن اليوم لا نكترث لشيء.. فقط نريد طبا متطورا.. آلاف المرضى يسافرون يوميا إلى مصر والأردن لتلقي العلاج من أمراضهم، بعضهم يقضي نحبه في مستشفياتنا ولم يتم الكشف عن علته بعد، وبعضهم يبيع الغالي والنفيس أو يلجأ إلى (الدين) للسفر إلى الخارج لمداواة علته.

والأمراض منتشرة انتشار النار في الهشيم.. انتشرت السرطانات بأنواعها في البشر وأخذت أمراض السكر والضغط والفشل الكلوي مأخذها، ولم يحرك أحد ساكنا.. لم نسمع يوما أن فريقا نزل إلى حضرموت لدراسة أسباب انتشار السرطان الذي بات ينخر في الأمة ويخطف الصغير والكبير.

غريب أمر هذا الهدوء تجاه ظاهرة أضحت روتينا يوميا في حياتنا.. الأمراض تنتشر والطائرات تكتظ بالمرضى ومرافقيهم للعلاج في الخارج، وبعضهم لعلاج أمراض بسيطة كالكسور والجروح وغيرها أو لمعالجة إخفاقات طبية محلية لاتجد من يقف أمامها بحزم.

ومع تقديرنا وإجلالنا لجهود ملائكة الرحمة من أطباء وفنيين وإداريين إلا أن مبالغ الدعم الشعبي لم تفرز تطورا في الخدمة، بل ظل الوضع كما هو، واستقدمت (بعض) المستوصفات الخاصة فنيين بدرجة أطباء كثير منهم تسبب في كوارث إنسانية، والمجتمع يعلم بذلك، والجميع هادئون.. ساكنون.. ساكتون.

إذن هل بات السفر للخارج ضرورة لأبسط الأمور؟ لقد بات اليوم كثير من الأسر الحضرمية تعرف القاهرة وأطباءها و(أسيوط) التي تبعد (5) ساعات بالقطار عن القاهرة، والأردن وفيها المستشفى الإسلامي أكثر من معرفتها ببعض المناطق والمدن الأثرية والتاريخية في حضرموت نفسها.

وإذا نجح المريض في استخراج تقرير طبي فإنه يحصل بموجبه على مبلغ 90 ألف ريال ويتحمل هو دفع ضريبة تذكرة الطيران.

لهذا أصبح من الضرورة جعل عام 2009 عاما للطب لانتشال أوضاعه وتوفير المستلزمات والإمكانات البشرية والعلاجية اللازمة، ومن الضرورة بمكان أن تتداعى مؤسسات المجتمع في حضرموت ومجلسها المحلي وأصحاب الأيادي البيضاء لمعالجة تدني الخدمة الطبية وسوء التشخيص لإيقاف معاناة الأسر الفقيرة التي تتحمل أعباء مالية كبيرة من أجل سفرها للخارج.

وأعتقد أن الحل الأنجع حاليا هو استقدام استشاريين ذوي كفاءة في التخصصات الضرورية والمهمة سواء من مصر أم الأردن، والمرضى على استعداد أن يدفعوا مبالغ للمعاينة عند أولئك الاستشاريين حتى لو كان مبلغ المعاينة 5000 أو 10000 ريال، وهذا أفضل لهم بكثير من السفر إلى الخارج.

وتقتضي هذه المبادرة مشاركة المغتربين من أبناء المحافظة وتأتي في أولوية المهام قبل أي شيء آخر، كما هي مهمة للجهات المعنية في حضرموت تجاه أهلهم وأقاربهم قبل مؤتمرات الاستثمار ومهرجان البلدة والمرحلة الثانية لخور المكلا.. أليست أرواح الناس أدعى للاهتمام بها قبل أي شيء آخر؟!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى