رسالتان

> عمر محمد بـن حليس:

> الأولى: أكاديمية «الأيام» ..رآني مع مجموعة من الأصدقاء فجاء إليَّ مسرعا ثم عرفني بنفسه وقال: أنت بن حليس الذي يكتب في صحيفة «الأيام»؟.أجبته مبتسما على التو: نعم أنا هو ، فقال: الحمد لله الذي هداني إليك.

طبعا قالها بعد أن التقط نفسا كبيرا (تنهيدة) فشعرت أن في الأمر شيئا ما ثم لمحت تحت إبطه ملفا يحوي مجموعة من الأوراق، فجرني قليلا إلى الخلف ليقول لي: أريدك أن تقدم لي خدمة. قالها وعيناه قد ترقرقتا بالدموع، فأجبته: والله لو باستطاعتي ذلك ما ترددت، فقال: دلني على من سينشر لي نداء لأهل القلوب الرحيمة.. ثم أخذ يقلب الملف ورقة ورقة!

الحالة إنسانية فقلت: عليك وعلى «الأيام» وهذا رقم (...). ثم غاب مسرعا كمن أدرك غايته بعد بحث طويل، ولم أره، وبعد نشر المناشدة في صحيفتنا هذه، اتصل من منطقته النائية في الريف، وقال: منعك منع اشكر لي عيال باشراحيل كلهم.

فقلت في نفسي لنفسي: نعم إن «الأيام» فعلا بالقائمين عليها هي (بيت ومؤسسة ومدرسة) نعم، فهي (بيت) له مكانة كبيرة، وهي مؤسسة عريقة تعول كثيرا من الأسر، فضلاً عن تقديم العون لمن يحتاجه، ناهيك عن نشر الحالات الإنسانية التي سبق أن كتبت عنها ذات يوم، أما المدرسة فأظن أنها لم تعد كذلك، بل تخطته إلى أكبر.. إنها أكاديمية، فلديها مقوماتها، وأرى أن الأخوين هشام وتمام يسلكان طريق (مصطفى وعلي أمين) في صحيفة «أخبار اليوم» المصرية التي أسست أكاديميتها، فعقبى للأخوين باشراحيل وعقبى لأكاديمية «الأيام».

الثانية: الوصية لابني

بعد عصر أحد الأيام خرجت برفقة محمد ولدي وأختيه الصغيرتين (روان ورغد) خرجت بفسحة لم أحدد جهتها سلفا، لكنني اخترت طريق ساحل أبين، وقبل وصولي نقطة العلم صادفت طريقا يحرس بدايته (طقم نجدة) فدخلته ونظرت ذات اليمين وذات الشمال فسررت لما شاهدته عيناي من نهضة عمرانية (مصانع، معامل، ورش، محطات ومدائن عدن بطرازها الجميل)، وصلنا جولة، فتوقفت لعلي أهتدي إلى المبتغى، من الجولة التي يتفرع منها طريقان إذا سلكت يمينا توصلني إلى طريق لحج من دون المرور بدار سعد، أما يسارا فتوصلني إلى تقاطع السيلة- الشيخ الدويل.

ساعتها قلت (لمحمد): إن المستقبل واعد ومبشر بالخير، والمهم هو التفاؤل والثقة والإيمان بالله سبحانه وتعالى لأنه وحده مسبب الأسباب ومسير السحاب، ويا ولدي: اعلم أن المستقبل ليس اليوم، والمستقبل بكرة وبعده، ثم ذكرت ولدي بالحكمة القائلة: «إن الغد ملك للكثيرين، ولكن بالتأكيد ليس للمنكسرين فيه حق أو مكان».

ومن واجبنا استيعاب ذلك مادام هو ملك لنا جميعا، اسمع يا (بني): إياك أن تسمع أو تسير خلف أو مع من يرى أن المستقبل هو اليوم أو هو اللحظة التي يعيشها، إياك يامحمد أن تسير خلف أو مع أصحاب النَّفَس الضيق الذين يتعبون مع أول محطة أو عند أول منعطف، ولا يغرنك قولهم عندما يقولون: إن لديهم النَّفَس الكبير لدخول مارثون السباق، فتجدهم يتحولون إلى مشاهدين وأحيانا إلى معيقين لغيرهم نتيجة لفشلهم في المنافسة الشريفة.

واختتمت وصيتي (لابني): طبيعي جدا أن تتوالد وتتكاثر الطفيليات وتعيش في المياه الآسنة الراكدة لكن قطعا لا مجال لها بيننا.. ثم عدت بسيارتي من حيث أتيت مكملا وصيتي لابني.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى