حضرموت.. تستغيث

> علي سالم اليزيدي:

> كما توقعنا فقد نشرت «الأيام» الغراء نقلا عن مصادر الأرصاد بخصوص العاصفة المدارية صوب عمان واليمن، ومن مساء الثلاثاء وقعت جزيرة سقطرى والمهرة تحت العاصفة وتحملت الكثير من الأضرار، ولكن ما هو أكبر ما حدث صباح الخميس إلى فجر الجمعة ثم مساء الجمعة أيضا، كل المدن كانت تحت سيطرة المطر والسيول والفيضانات، والأضرار التي لم تترك شارعا أو ساحة أو طريقا إلا وعزلته أو جعلت منه بحيرات متناثرة، ولا يسمع إلا أصوات الاستغاثة وصراخ مذبوح للمواطنين، وابتهالات إلى العلي القدير.. اللهم لا نسألك رد القضاء ولكن اللطف فيه.

وتكشفت المكلا وظهرت عارية تماما، وغدونا في لحظة من اللحظات العصيبة تحت هدير السيول التي لم يسبق لها مثيل على مدى عقود من الزمن، انفتحت السماء علينا فجأة وسكبت الجبال وتدفقت المياه محدثة الآثار السلبية لكل ما اعتقدنا أننا حققناه في الطرق والشوارع، واكتشفنا أننا نعيش تحت الفكر (العشوائي) أكثر مما طلبنا وصفقنا له يوما ما، كل شيء صار واقعا أمامنا، عادت سيول (السدد القوية) واكتسحت ما هو أمامها من سيارات ومنازل وشوارع، وتحولت منطقة (أربعين شقة) إلى بحر يموت فيه من يدخله، وغزا الماء الديار وفجع الناس.

وهدد جبل المكلا بصخوره السكان.. كل شيء يتحرك..تدحرجت الأحجار والأطيان إلى الشوارع في الديس وشرج باسالم وعبود والمساكن بفوه.. وعزلت منطقة الشافعي وانعزلت المكلا مما حولها والشحر عن ضواحيها، والمشقاص تحول إلى بحر وتم إغاثة حدبة ريدة المعارة بالطائرات العمودية، كل جزء في حضرموت أصبح مفصولا فجأة عن الجزء الآخر.

كل حضرموت أصبحت منطقة منكوبة.. المكلا وتريم ودوعن وريدة المعارة، جرفت السيول الإبل والأغنام والأرواح، تدحرجت السيارات بالمدن ودخلت إلى خور المكلا السيارات والأخشاب وتدفق الماء من أعلى جسر الصيني.. وانفصلت مدن عن مدن وتحقق لها ما لا تريده تحت المطر والفيضانات الرهيبة، ونحن الآن تحت نداء وشعار إنساني ألا وهو (الإغاثة العاجلة).

حضرموت والمهرة يحيط بهما فيضان وبرد ورياح، والناس في العراء، هاجمت السيول والمياه المتدفقة كل أحياء المكلا إلى داخل المنازل، وكان الصمت وحده يتجول، وليلتها تساءلنا من هو المسئول عنا؟!.. لا أحد!! كنا وحدنا ونساءنا الحوامل والمرضى والمقطوعين، والجميع يصرخ ألا هل من مغيث.. اللهم نسألك اللطف!

لقد عرفنا منذ زمن أن لدينا مسئولين لا يهتمون بنا إلا أن ليلة الأربعاء وليلة الخميس وفجر الجمعة (إذ لم تتوقف الأمطار) وربما السبت اكتشفنا أن لدينا مسئولين ومدراء وسلطويين تتفق مناصبهم لأيام الصحو وما بعد العصر في (مقايل القات) لديهم كلمة واحدة (واه نسوي)، وتأتي بعدها (ياخوي ورانا لوحدي)، وابتلينا بكلمة (ما سيبي)، نعم كانت المكلا والشحر وتريم وشبام وسيئون في الظلام، والسبب أن لدينا كهرباء صالحة للاستعمال تحت ضوء الشمس والليالي الهادئة، وليس تحت المطر والعواصف، ولا يوجد فريق فني للطوارئ.

هرب الجميع وتركونا ليلتئذ، عجزوا عن نقل المواطنين إلى المستشفيات، ولم تتوفر سيارات الإسعاف في أكثر من مدينة، وغاب الدفاع المدني النائم طوال العام، ولم نشاهد العسكر ينتشرون للإغاثة لا في المكلا ولا في فوة ولا روكب ولا القطن، نحن نرى العديد من هؤلاء يحملون الملفات أمام العقار فقط وفض نزاعات الأراضي بالحيلة.

حسبنا أننا سنبني فوق المكلا المدن المعلقة وناطحات السحاب والمسابح، وعقدنا المؤتمرات للرفاهية القادمة، ونسينا أهلنا من الفقراء وسكان الريف، وتدفقت السيول وسقطت الجسور، وفجأة تناثر الإسفلت وأصبحت المكلا بحيرات يغرق فيها الناس ويحيط بنا الماء والخوف والبرد.. فما الذي فعلتموه بنا؟!

سقط القناع، وها هي حضرموت كلها والمكلا عارية، وبها كل العيوب والأخطاء لأولئك المهندسين والسياسيين وتجار المقاولات والنصابين من اللئام، والضحية المدينة والفقراء والمواطنون. وإذا لم يسارع إلينا كل الوزراء والدولة والخبراء والفنيين والأطباء، وتقف السلطة أمام حضرموت وأمام أخطائها، نعلن لكم أن كل ما تقوله كما سبق (كله كذب)، كله (بف في بف).

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى