أخبار الطوفان

> فضل النقيب:

> لم أتمكّن من متابعة الطوفان الذي ضرب المحافظات الشرقية، ووصلت بعض آثاره إلى تعز ولحج، إلا من خلال (الفضائية اليمنية) التي كانت فقيرة بكل معنى الكلمة، كأنما فوجئت وحوصرت بالسيول هي الأخرى، ولم تكن هناك تقارير من الميدان، سوى التجوال مع الأخ الرئيس في المكلا، ويبدو أنه لولا زيارته التي جعلته يشارك شعبه المحنة بعزيمة ومعنويات عالية، ما كنا لنحظى بتلك المشاهد التي عكست الكارثة غير المسبوقة، وقد اعتمدت جميع التلفزيونات العربية على تلك اللقطات التي بثت من اليمنية التي لاتغطي سوى أجزاء من المكلا، أما المهرة فقد بدت كأنها في كوكب آخر بعيد عن كوكبنا.. ألا توجد مكاتب للفضائيات ومراسلون وأجهزة إرسال عبر الأقمار الصناعية تعوض غياب الكهرباء؟!.

أعتقد أنه على الإعلام في بلدنا أن يستنتج العبرة والمغزى من هذا الغياب، وأن يقوم بإنشاء بنيته التحتية في مختلف المحافظات.. وقد غابت المعلومات كليا، وهي أهم منتج يساعد في الإحاطة بحجم الدمار وحاجات الضحايا.. محافظ المهرة قال في اتصال تليفوني إن الأمطار العاصفية بدأت هناك من يوم الثلاثاء وفي حضرموت من الأربعاء، وقد كانت هناك تحذيرات من الأرصاد والأقمار الصناعية قبل الكارثة بعدة أيام، حين كان الإعصار يتشكل في المحيط الهندي قبل زحفه على بحر العرب وخليج عدن . ومع ذلك فإن مدير عام المكلا ومحافظ المهرة قالا على استحياء إنهما لم يتسلما أية مساعدات حتى مساء أمس، ثم ورد خبر صغير بأن طائرة قد أفلحت في مغادرة صنعاء إلى حضرموت وهي محملة بالمساعدات، وإن أخرى أو أكثر تستعد للمغادرة إلى المهرة، ولم أسمع عن تعبئة وطنية فورية وفرق متطوعين، حيث السيول الجارفة لاتنتظر أحدا، إلا ما كان من مبادرة نبيلة لمجموعة هائل سعيد أنعم التي تبرعت بـ(200) مليون ريال، فشقت طريقا أمام المقتدرين الذين دعتهم مؤسسة الصالح لتوريد تبرعاتهم إلى حساب بنكي خاص.

إنه سباق حقيقي مع الزمن ومع البيئة الموبوءة ببحيرات الماء والتراب والتي ستتحول إلى أمراض المستنقعات، ومن المبكر الآن التكهن بالخسائر، ولكن يبدو من المعاينات الأولية أنها جسيمة وجسمية جدا.. وحين قال أحد المسئولين إن الطرق تقطعت ومعها السكان الذين تربط بينهم، والكهرباء توقفت ومعها إمدادات المياه والصرف الصحي، إضافة إلى شبكة الاتصالات، قلت وماذا بقي يا بعد روحي؟! بقيت المنازل المهدمة تماما والمعطوبة جزئيا، والأراضي الزراعية التي جُرفت والقواصم التي نزلت بالمواشي والسيارات. وأولئك الضحايا بين مقتول ومفقود، والأمر يحتاج إلى تضامن وطني وعربي ودولي، لأننا لانستطيع أن نفعل مثلما فعلت عُمان حين ضرب عاصمتها الإعصار نفسه أو أخوه، فرفضت قبول أية مساعدة، وهكذا شد الشعب الأحزمة على البطون، وأخرج ما تحت البلاط، ويقال إن مسقط الآن عادت كما كانت بعد أن غرقت تماما، حتى أن واحدا من أبنائها حدثني قائلا: «إن ما أنجزناه في ثلاثين عاما راح بين عشية وضحاها، لأن السيول دمرت كل ما على الأرض، ثم بقرت أحشاءها وأخرجتها إلى العراء».

نحن فعلا بحاجة إلى كل مساعدة نزيهة لأن الحمل فوق طاقة الحمال، وقد كانت الإمارات السباقة على لسان رئيسها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد لإعلان المباشرة الفورية في تقديم المعونات العاجلة، وكان قرار تشكيل لجنة الطوارئ خطة جيدة، وقد فوجئت ببيانها الإنشائي الأول الذي خلا من المعلومات، مما يدل على صعوبة المهمة، كما أنها أنذرتنا بالآية الكريمة في غير محلها..(قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا) و(عسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم).. ونِعْمَ بالله، ولكن الابتلاء متنوع واستهدافاته كثيرة، والله كتب على نفسه الرحمة لعباده ومخلوقاته، وفي الضحايا الضعفاء والمساكين والأرامل والأيتام. أما ما لفت النظر، فهو بث التلفزيون بعض أناشيد الترحيب بالمطر. نحن في إيه وهم في إيه!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى