كـركـر جـمـل

> عبده حسين أحمد:

> في بطاقته الشخصية (دييجو مارادونا).. وفي أفواه عشاق كرة القدم في الأرجنتين كان يطلقون عليه (الميجو) أي الساحر.. أي الذي سحر الناس وفتنهم وخطف عقولهم وأبصارهم.

> كان عمره أربع سنوات.. عندما أهداه أبوه لأول مرة كرة صغيرة ليلعب بها.. وينتقل إلى الشارع يتلقى دروسه الأولى في كرة القدم.. وفي الشارع بدأت براعته وموهبته تتضح.. يرفع الكرة.. ويلتقطها برأسه.. ثم ينقلها إلى صدره.. إلى قدمه.. إلى الهدف.. فإذا لم يستطع قدمه.. فعلها بيده.. وذلك أضعف الإيمان!.

وصعد مارادونا بفريقه إلى مراكز الفرق الأولى في العالم.. ثم قاده إلى النصر في كأس العالم عام 1986.. وقفز ببلاده إلى السماء.. وجعل اسم الأرجنتين ماركة مسجلة في أذهان الناس في كل أنحاء العالم.. ولم يستمتع مارادونا بفترة طويلة في حياته.. فقد كان فقيرا.. ولابد أنه مرَّ بظروف غريبة.. وقد حاول أن يتوافق مع هذه الظروف.. وفشل.. وقد أحب مارادونا كثيرا وعشق أكثر.. وبسبب الحب الذي هو اسم مهذب للجنس.. وقع في حب امرأة، ثم تزوجها مرتين.. مرة قبل شهرته.. بعقد غير مكتوب.. والمرة الثانية بعد أن أصبح أعظم وألمع نجوم الكرة في العالم.. ثَمَّة شيء آخر.. يعرفه لاعب الكرة أكثر من غيره، وهو أن حياته قصيرة في الملعب.. ولذلك لعب مارادونا مع نادي نابولي الإيطالي.. وكسب خلال ست سنوات ثلاثين مليون دولار.. وظيفة محترمة.. يأكل من قدمه!.

> ولعل مارادونا أول من ابتكر أسلوبا طريفا وجديدا في كرة القدم.. فلا أحد استطاع أن يمنعه من تسديد هدف بيده في مرمى المنتخب الإنجليزي في بطولة كأس العالم في المكسيك عام 1986.. هو الذي اختار هذا الأسلوب الجديد في (برشامة) الأهداف!.. واقتنع الحكم بصحة الهدف.. وربما سجلت لجنة الاتحاد الدولي لكرة القدم تحفظاتها على هدف مارادونا.. ولكنها لم تستطع أيضا باختيارها أن تعترض أو تلغي قرار الحكم.

> وفي نابولي عرف مارادونا كل شيء.. البنات والخمر والمخدرات والكسل والفساد.. يرفض أن يلعب.. ويرفض أن يركب الطائرة مع اللاعبين.. ويركب طائرة خاصة.. ويمدد إجازته في الأرجنتين.. وفي غرفة صغيرة.. هاجمه البوليس وهو نائم (دايخ) في سريره.. وألقوا القبض عليه واثنين من أصدقائه في غرفة مجاورة يحاولان التخلص من الكوكايين.. واقتاد البوليس مارادونا إلى مركز الشرطة.. ثم إلى المستشفى.. وأثبتت التحاليل تعاطيه المخدرات.. وأصبح مارادونا تحت رحمة القضاء.. وقال أكثر رجال القانون.. إن الحكم عليه بالسجن لا مفر منه.

> حتى رئيس الأرجنتين (منعم) لم يرحم النجم الذي هوى.. ولم يغفر له غلطته.. وقال: «لانستطيع بعد أن رفعناه إلى مستوى المعبود الذي لايمس.. لانستطيع التضحية به بطريقة وحشية.. نحن نتعامل مع صبي مريض.. ولذا يجب علينا أن نساعده».

> في البلاد الأخرى لايتسترون على الجريمة.. ولاينتصرون للمخطئ.. وإذا كان مارادونا معبود الجماهير في الأرجنتين.. واللاعب الذي رسموا صورته على علب السجائر والفانلات وعلب الشيكولاته في العالم.. وفي بلادنا أكثر من مليون مارادونا يتعاطون الجريمة كل يوم بدون حسيب أو رقيب.

> أعظم أعيادنا إذا قضينا على جريمة الغلاء والرشوة والفساد وعلى الذين يسرقون الجمل بما حمل!!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى